ناقد: مصر الأكثر حضورا في سينما العالم.. لأهداف منها «تهويد» تاريخها

أحمد رأفت بهجت يقول في كتابه «مصر وسينما العالم» إن الحصر المبدئي لهذه الأفلام يتجاوز 500 فيلم

مشهد من فيلم أرض الفراعنة («الشرق الأوسط»)
TT

يرى ناقد مصري أن هناك شغفا عالميا بمصر القديمة عبر عنه مخرجون من الشرق والغرب في أفلام روائية وتسجيلية منذ بداية ظهور السينما في نهاية القرن التاسع عشر لأهداف بعضها «غير بريء.. مثل تهويد» التاريخ الفرعوني. ويقول أحمد رأفت بهجت في كتابه «مصر وسينما العالم» إن الحصر المبدئي لهذه الأفلام يتجاوز 500 فيلم، «وهو عدد لا يستهان به ولا أعتقد أنه توافر تقديمه عن أي شعب ينتمي إلى البلدان التي أنتجت تلك الأفلام».

ويضيف أن الملكة كليوباترا حظيت بأكبر عدد من الأفلام السينمائية التي قدمت عن ملك أو ملكة في التاريخ القديم والحديث، إذ زاد عدد الأفلام التي تناولت حياتها على 50 فيلما أولها «كليوباترا» للفرنسي جورج ميلييه عام 1899، ثم أنتجت عنها أفلام في دول منها بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا واليونان والبرازيل والمكسيك ونيوزيلندا والسويد واليابان.

وأنهت كليوباترا حياتها منتحرة عام 30 قبل الميلاد مع بدء احتلال روماني أنهى حقبة الاحتلال البطلمي الذي بدأ مع غزو الإسكندر الأكبر لمصر في 332 قبل الميلاد.

لكن بهجت ينبه إلى أن السينما لم تتعامل مع ملوك مصر القديمة من باب أهمية أدوارهم التاريخية، بل يرجح أن هذا الاهتمام «يخفي أهدافا منها السياسي والديني وغالبا التجاري، بحيث تصبح مصر في النهاية وسيلة لا غاية تستدعى من خلالها بعض الصور والأحاسيس المرتبطة بالعهد القديم...».

والكتاب الذي أهداه مؤلفه إلى المخرج المصري شادي عبد السلام (1930-1986) صدر عن مهرجان القاهرة السينمائي، ويقع في 352 صفحة كبيرة القطع.

ولبهجت مؤلفات منها «الصهيونية وسينما الإرهاب» و«هوليوود والشعوب» و«اليهود والسينما في مصر» و«الشخصية العربية في السينما العالمية». ويرى المؤلف أن حياة كثير من ملوك مصر القديمة تعرضت لحملات تشويه «وهكذا فعل اليهود مع خوفو عندما زعموا أنهم بناة الهرم الأكبر» الذي شيده خوفو وهو ثاني ملوك الأسرة الفرعونية الرابعة (2613-2494 قبل الميلاد) مستشهدا بفيلم «أرض الفراعنة» الذي أخرجه الأميركي هوارد هوكس في 1955 وشارك في كتابته مؤلف رواية «الصخب والعنف» الأميركي وليام فوكنر الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1949.

ويشدد على أن بعض هذه الأفلام لم يكن معنيا بالتاريخ المصري في حد ذاته قدر اهتمامه بالتعبير عن أفكار سياسية، ومنها الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، حتى إن «البعض يربط على سبيل المثال الصراع بين النبي موسى ورمسيس الثاني في فيلم (الوصايا العشر) (1956) بالصراع بين أميركا نصيرة الضعفاء والأقليات ورمسيس الحاكم المستبد الذي لا يؤمن بالله الواحد، كانعكاس رمزي للحكام الشيوعيين».

ويضيف، في تصريحات لوكالة «رويترز»، أن «عظمة» رمسيس أهدرت في عشرات الأفلام، وأن فيلم «الوصايا العشر» أضاف إلى شخصيته «ملامح جديدة تقربه من طغاة الحاضر»، وهم الزعيم النازي أدولف هتلر والفاشي موسوليني والسوفياتي جوزيف ستالين.

ويسجل أن شخصية رمسيس الثاني قدمت في أكثر من 30 فيلما، وأن اليهود ادعوا أنه فرعون موسى «ولا يزال كتاب السينما يستمدون أفلامهم من هذه المؤرخات الزائفة دون أن يجهدوا أنفسهم في معرفة دوافعها وتنقية ما بها من زيف واختلاق. محاولات تهويد رموز الحضارة المصرية حافلة بالكثير من القصص والحكايات المضللة» التي تكتسب قوة من خلال أفلام ذات إنتاج ضخم مثل «الوصايا العشر» للأميركي سيسيل دي ميل.

ويقول بهجت إن دي ميل «نجح على أقل تقدير في أن يجعله (رمسيس) النموذج والمثل للاستعباد والتسلط والتآمر»، وأن الفيلم بتناوله رمسيس على هذا النحو «لم يسمح لأي سينمائي بأن يشذ عنه»، نظرا لأن دي ميل «نجح في أن يفرض سطوته» على الإنتاج السينمائي الأميركي من خلال موقعه كمستشار خاص للحكومة الأميركية لشؤون السينما منذ عام 1953، حيث يقول بهجت إنه «جهاز على صلة» بوكالة المخابرات المركزية الأميركية.

ومن الأعمال التي قلدت نهج دي ميل فيلم الرسوم المتحركة «أمير مصر» الذي أخرجه الأميركي ستيفن سبيلبرغ في 1998.

وفي فصل عنوانه «أجواء من الموسيقى والغناء»، يقول المؤلف إنه منذ الفيلم الأميركي «فتى الملايين» عام 1934 توالت الأفلام الموسيقية التي تدور في الأجواء المصرية القديمة والحديثة، ومنها الفيلم الكندي - الفرنسي «كل ما تريده لولا» (2007) الذي يقدم «في إطار المواقف الاجتماعية ذات المنظور الأحادي للمجتمع المصري، تلك القائمة على تفاصيل يشوبها التشويه والتدليس».