المغني الإيطالي الشهير أنطونيلو فينديتي يطرب روما مع حلول العام الجديد

«هذا العالم الذي يتحكم فيه اللصوص» و «خذ هذه الثمرة المرة»

TT

إنه مطرب من نوع خاص، وعناوين أغانيه تشهد له بذلك، مثل «مرحبا بك في الفردوس» و«خذ هذه الثمرة المرة» و«هذا العالم الذي يتحكم فيه اللصوص».. إنه المغني المعروف منذ السبعينات وابن روما البار أنطونيلو فينديتي، الذي أهدى العاصمة الإيطالية أربعة حفلات رائعة بمناسبة العام الجديد، أقامها في حديقة الموسيقى بروما، وكان سمتها «لم تبق محلات»، خاصة ليلة رأس السنة الميلادية التي قضاها الجمهور في أكبر صالات الموسيقى في أوروبا، ثم خرج ليحتفل بإطلاق الصواريخ النارية التي ملأت سماء روما، ويستقبل السنة الجديدة بأكل العدس الذي يجلب الحظ والنجاح حسب التقاليد المحلية.

يعرف فينديتي بفضوله، ففي أول تجربة عملية قبل انطلاقته الفنية كان حريصا على فهم طبيعة استعمال دواسة البيانو، وصادف آنذاك وجود عازف البيانو الذائع الصيت آرثر روبنشتاين لتقديم حفل من الموسيقى الكلاسيكية في جامعة روما، فطلب منه فينديتي أن يسمح له بالاستلقاء على الأرض متخفيا تحت آلة البيانو ليراقب كيف يكبس العازف على الدواسة، فأذن له معتبرا الفكرة طريفة ومسلية، وكان يسأله من حين لآخر أثناء الحفل «هل كل شيء على ما يرام؟»، فيهز فينديتي رأسه بالإيجاب. لكنه يعترف الآن بأنه كان يخشى أن يهرس روبنشتاين وجهه حين ينفعل أثناء عزف موسيقى شوبان.

ولد فينديتي في روما عام 1949، وبدأ حياته المهنية عام 1971 في حفلات موسيقية بالمشاركة مع المغني الشهير فرانشيسكو دي غريغوري، ثم برز اسمه حين نجحت أغنيته «روما الجميلة بالقلنسوة»، وتعاقد مع شركة «RCA» للاسطوانات في ميلانو التي أصدرت له عدة ألبومات، منها ألبوم مدينته المفضلة روما الذي وصفه بأنه أغاني الحب للمدينة الخالدة باللهجة الدارجة. أما أغنيته المشهورة «ليلي» فكانت على رأس الأغاني المحبوبة للجمهور عام 1976، وتبعها بأغنية ذاع صيتها بعنوان «تحت تأثير برج الحوت» يصف فيها برج ولادته وميوله اليسارية والدينية في آن واحد. ومنذ فوز المنتخب الإيطالي بكأس العالم لكرة القدم في الثمانينات أقام فينديتي حفلاته بين الآثار الرومانية التاريخية، للاحتفال بالنصر في وسط روما، وأنشأ شركته الخاصة للاسطوانات المدمجة ضاربا الأرقام القياسية في المبيعات وبالذات أغنيات «شكرا يا روما» و«من يبحث عن صديق» و«الليلة قبل بدء الامتحانات». في عام 1999 احتفلت جامعة روما بتكريمه وإعطائه النسخة الأصلية من شهادة الحقوق التي درسها وحصل عليها عام 1973 لكنه لم يتسلمها قبل ذلك، وكانت هديته للجامعة ألبوما جديدا عنوانه «وداعا للقرن العشرين». حفلات فينديتي المجانية تكررت في الأعوام الأخيرة بين الآثار الرومانية قرب الكولوسيوم، وتميزت بحضور جماهيري كبير بلغ مليونا وسبعمائة ألف متفرج، وكان يردد خلالها أغانيه العاطفية المهداة للمرأة، إذ أصدر عام 2009 مجموعة كاملة حول هذا الموضوع سماها «النساء»، من بينها أغنيته المعروفة «امرأة داخل الزجاجة».

حفلة فينديتي في حديقة الموسيقى برهنت مجددا على أنه فنان جماهيري محبوب، لأنه متواضع وقريب من القلب، ولا يحب التكلف بل يعبر عن مشاعره الصافية وانتقاداته اللاذعة بأسلوب شعري راق ونهج موسيقي حديث يجمع بين الروك واللحن الإيطالي الجميل المتأثر بغناء الأوبرا ومن دون استخدام مفرط لآلات النقر، ومن أغانيه المعروفة التي أثارت تصفيق الجمهور «شكرا يا روما» و«من يبحث عن صديق»، وبالطبع أغنيته الأكثر شعبية «العالم الذي يتحكم فيه اللصوص»، وكان كل بيت منها يقابل بالتصفيق، فهي تصور الحالة السياسية الراهنة خاصة حين ينشد فينديتي:

«في هذا العالم الذي يتحكم فيه اللصوص.. في هذا العالم المثقل بالديون يعيشون في الفضائح ويتزوجون العذارى.. والساسة استسلموا لليأس والقنوط ما زالت حفنة من الأصدقاء لم تستسلم.. تفتش عن المستقبل في أبراج الحظ إننا قلة بسيطة.. لكن يثق بعضنا ببعض تعالوا وشاركونا العالم المليء بالصالحين».

قال لنا فينديتي بعد انتهاء الحفل وهو يمزج بين الجد والمزح «إنها الأغنية المفضلة، لأنها ما زالت صالحة لوصف الزمن الحالي، حتى بعد اثنتين وعشرين سنة من ظهورها، وعلينا أن نجعلها النشيد القومي لبلادنا».