هاري بوتر ينافس ميكي

النجاح الكبير غير المتوقع لملاهي «بوتر» أثار منافسة داخل فلوريدا بين «يونيفرسال» و«والت ديزني ورلد»

منافسة بين هاري بوتر وميكي ماوس... والرابح هو المشاهد
TT

من المفترض أن الهوس بهاري بوتر في طريقه إلى السكون، فقد نشرت بالفعل الرواية الأخيرة ضمن السلسلة، وجاءت في 784 صفحة. وانتهى تصوير الفيلم الأخير. وأرسلت المؤلفة جاي كيه رولينغ نفسها رسالة واضحة إلى دانيال رادكليف، الممثل الذي يجسد الفتى الساحر، مفادها: لقد انتهى الأمر.

ولكن حاول أن تذكر ذلك أمام الحشود داخل ملاهي هاري بوتر الجديدة هنا، حيث يرحل عادة أفراد بسبب الازدحام الشديد. لا تقلق بشأن الطوابير الطويلة أمام الألعاب في الداخل، فهناك آخرون ينتظرون لمدة تصل إلى ساعتين لمجرد الدخول إلى متجر «أوليفاندرز»، وهناك يسعى العاملون بجد من أجل إبقاء «مجموعة بوتر» على الأرفف.

الشيء الصغير الذي يحرص الجميع داخل فلوريدا حاليا على الحصول عليه هو عصا الساحر التي تبلغ قيمتها 30 دولارا.

ويقول ستيفن بوتلر، 19 عاما، الذي جاء من كندا لزيارة الملاهي داخل منتجع «يونيفرسال أورلااندو» هنا: «كانت مرتفعة الثمن شيئا ما، ولكن كان يجب علي الحصول عليها»، وأشار إلى أن هذه التجربة «استحوذت عليه بالكامل».

لقد أعطى النجاح الكبير غير المتوقع لملاهي بوتر التي تبلغ قيمتها 265 مليون دولار، دفعة جديدة لإبداع رولينغ الأدبي، ولكنه أثار منافسة داخل فلوريدا بين «يونيفرسال» و«والت ديزني ورلد».

ويشار إلى أنه على مدار عقود، كانت «ديزني» مستحوذة على شبه الجزيرة التي توجد بها عدة ملاه، وعلى قلوب وعقول السياح الراغبين في الذهاب إلى عالم ديزني، من دون أن تواجه منافسة جادة من أي جانب. ولكن بناء على الأعداد الغفيرة يبدو أن الكثير منهم يتجهون إلى ملاهي هاري بوتر.

ومنذ افتتاح الملاهي قبل أشهر قليلة، ارتفع الإقبال الإجمالي على «يونيفرسال» من أجل الذهاب إلى ملاهيها بنسبة مليون شخص، ليصل إلى معدلات قياسية. وقامت مجموعات داخل القطاع بإعطائها الكثير من الجوائز المهمة. وتقوم فنادق محلية حاليا بتقديم عروض «هاري بوتر»، مع وعد بتقديم هدايا خاصة.

وتبدو الدهشة حتى على وجوه المخضرمين داخل القطاع. ويقول دانكن ديكسون، وهو تنفيذي سابق لدى «ديلزي» متخصص في إدارة الملاهي بجامعة سنترال فلوريدا: «لم يكن يستطع أحد أن يقول يوما إن هذا أو ذاك أفضل من ديزني. الألعاب داخل (يونيفرسال) عظيمة وداخل (سي ورلد) في مانتا جيدة جدا. ولكنها ليست أفضل من أي شيء داخل ديزني». ولكن ماذا عن ملاهي هاري بوتر؟ يقول «إنها أفضل». وتوافق على هذا الرأي لينا كاري، 12 عاما، التي كانت ترتدي رابطة «رافن كلاو» وسترة بها جيب داخلي تضع فيه عصاها الجديدة. وتقول: «إنها أورع ما رأيت».

وفي ما يبدو وكأنه سجال مرح، وضعت «يونيفرسال» ملصقات هاري بوتر على لوحات إعلانية على امتداد الطريق السريع المهم بين الملاهي، بينما يلوح هاري بعصا ضخمة في اتجاه مملكة السحر.

ولا يظهر ميكي وميني يجريان في ذعر، إذ لا تزال «ديزني ورلد» في المركز الأول داخل المنطقة وتعتمد على الأماكن الجذابة الموجودة فيها وإرث ثقافي لا يزال موضع حسد من جانب أماكن أصغر مثل «سي ورلد» و«ويت إن ويلد» و«هولي لاند إكسبرينس» و«يونيفرسال».

وعلى الرغم من ذلك، يرى البعض علامات على «ديزني» ارتبكت بسبب النهضة على الجانب الآخر. وبعد أن افتتحت «يونيفرسال» «ويزاردينغ ورلد أوف هاري بوتر»، توقفت «ديزني» فجأة عن الإعلان عن أعداد الحضور داخل الملاهي، في خطوة قال بعض المحللين إنها كانت ستبعدها عن مقارنات مع «يونيفرسال». قالت «ديزني» إن ذلك يأتي في إطار تغييرات واسعة على طريقة التقارير التي توردها الأنشطة التابعة لها بشأن أدائها ولا علاقة له بـ«يونيفرسال».

وكتب جون فروست، وهو مدون بارز يكتب عن «ديزني» ومن المعجبين بملاهي الشركة: «تجذب ملاهي هاري بوتر الزائرين من (ديزني)، ولا يوجد حتى الآن رد من جانب (ديزني). هذا أمر مقلق للغاية».

ويهزأ مسؤولون تنفيذيون داخل «ديزني» من الحديث عن «يونيفرسال» كمنافس، ويقولون إن منافسهم الحقيقي هو مدن بالكامل مثل لاس فيغاس. ويضيفون أن من يطيرون إلى أورلاندو من أجل هاري بوتر سيشقون طريقهم حتما إلى «ديزني».

ويقول ميشيل غريفين، وهو نائب رئيس «ديزني»: «نرحب بهاري بوتر داخل سنترال فلوريدا، لأن التجربة أظهرت لنا أن أي عرض جديد في هذه السوق يؤدي إلى زيادة الزائرين الوافدين على منتجعنا».

ويصف مسؤولون تنفيذيون داخل «ديزني» أنفسهم أنهم معجبون، وأرسلت رئيسة «ديزني ورلد» ميغ كروفتون، التي تجولت في ملاهي «بوتر» خطاب تهنئة إلى نظيرها داخل «يونيفرسال».

بعد أن انتظروا لمدة ساعتين ونصف الساعة من أجل الوصول إلى باب «أوليفاندرز»، قبل أيام قليلة، شعر أفراد عائلة من باكا راتون داخل فلوريدا بالضيق. وتقول كيلي، 15 عاما: «لم يكن ذلك مثيرا بالدرجة».

ويقول قريبها غابرييل ماتشادو إنه يفضل «ديزني ورلد»، مشيرا إلى أنه اعتادها.

وكان يمكن لـ«ديزني» أن تضيف هاري بوتر إلى الشخصيات التي لديها، وانجذبت الشركة لفكرة بناء ملاهي هاري بوتر خاصة بها ولكن أخفقت المفاوضات، بحسب ما أفادت به الكثير من التقارير، بشأن ضوابط الابتكار.

ولذا اقتنصت «يونيفرسال» الفرصة. وعلى الرغم من النجاح الكبير لهاري بوتر في ذلك الوقت، فلم يكن الرهان على ملاه شيئا مؤكدا، حيث كانت الملاهي ستظهر بعد أن ينتهي توافد الروايات والأفلام الجديدة، مما يعني أن هاري بوتر ربما يتراجع في خيال الناس في وقت افتتاح الملاهي. كما أنه سيدقق الكثير من المعجبين المخلصين في كل تفاصيل ما يجرى بناؤه.

واستخدمت رولينغ حق الفيتو في ما يتعلق بأمور كبيرة (مثل شكل قلعة هوغوارتس) وأخرى صغيرة مثل (الخط داخل قوائم المطعم)، حيث كانت عاقدة العزم على تجنب أي تناقضات.

ومن أجل خلق المزيج الكامل لبيرة الزبد، وهو شراب وصف داخل سلسلة الرواية، عمل موظفو «يونيفرسال» على وصفات لمدة أسابيع، وبعد ذلك جمعوا المحتويات (لا تزال سرا) وسافروا جوا إلى اسكوتلندا واستأجروا مطبخا داخل أحد الفنادق من أجل إعادة ابتكار الشراب لرولينغ.

ويقول مارك وودبيري، وهو رئيس داخل «يونيفرسال» يشرف على مجموعة البحث والتطوير التي تصمم الأماكن داخل المنتج: «أخذت رشفة وارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة».

ومن أجل استحضار تراكم الثلوج على أبنية «هوغزميد»، قرية السحرة القريبة من «هوغوارتس»، درس الفنيون صور المشهد خلال فصل الشتاء في شمال إنجلترا.

ويعد المنتج النهائي، الذي افتتح في يونيو (حزيران) داخل «أيلاندز أوف أدفنتشار» في «يونيفرسال»، مثل مدينة تنبع من صفحات الروايات مزدحمة بالمتاجر ومكتب بريد ومطعم وأفعوانية.

«مثيرة»، هذا ما قالته رولينغ عندما رأتها قبل يوم الافتتاح. وانضم إليها رادكليف، الذي تحدث بعد أشهر قليلة عن رسالتها التي تعد بعدم وجود رواية جديدة عن بوتر.

وتأتي مع النجاح الذي حققه «ويزاردينغ ورلد» شكاوى بسبب الازدحام والطوابير، حيث تعد المساحة صغيرة نسبيا، على الرغم من أنها في حجم 17 ملعب كرة قدم.

ويبرر القراء المخلصون، بالطبع، أي شيء ربما يكون غير سار. ولم يصبر بوتلر، الذي يبلغ 19 عاما وجاء من كندا، على الشكاوى من المتاجر المزدحمة داخل «هوغزميد» في صباح يوم قريب، وقال: «نعم، الناس مزدحمون هناك، ولكن هذا تحديدا ما يوجد داخل الرواية أيضا».

* خدمة «نيويورك تايمز»