«من الصين إلى الجزيرة العربية».. قصص وحكايات وقطع أثرية في ضيافة مسقط

معرض متخصص يحكي تاريخا قديما من العلاقات العربية الصينية

من المعروضات خنجر عماني أثري (إ.ب.أ)
TT

من الصين إلى شبه الجزيرة العربية تاريخ وقصص وحكايات حملتها معها السفن في ما كان يعرف بطريق الحرير، هذه القصص وما تبقى منها من قطع وتحف نادرة جمعها معرض «سفن الكنوز العريقة من الصين إلى شبه الجزيرة العربية» المقام حاليا في العاصمة العمانية مسقط.

ويعكس المعرض، وبأدلة تاريخية، قدم العلاقات العربية الصينية، حيث تعتبر القطع الخزفية التي عثر عليها في مواقع أثرية في ميناءي صحار وقلهات في سلطنة عمان أقدم أدلة موثقة عن العلاقات التجارية بين الصين وشبه الجزيرة العربية والتي تعود للقرن التاسع ميلادي.

ويتضمن المعرض الكثير من التحف والمقتنيات الأثرية التي يعود معظمها للفترة الممتدة من القرن التاسع الميلادي إلى القرن السادس عشر ميلادي، كما تعرض قطعة أثرية فخارية تعود للفترة ما بين القرنين الثاني والثالث الميلاديين صنعت في الصين وهي بحالة جيدة. ومن بين المعروضات حزام كامل من الذهب كان يلبسه المبعوثون الدبلوماسيون الصينيون وذلك لإظهار مكانتهم الاجتماعية عند زيارتهم للمنطقة العربية. ويحتوي المعرض أيضا على غطاء للرأس كانت تلبسه الأميرات الصينيات، وهو مزين بالحلي الثمينة، مثل القطعة الذهبية المصاغة بالتخريم وهي على شكل طائر العنقاء وتزدان بياقوتة حمراء، وربما كانت مثل هذه القطع تصنع في الصين لتباع وتصدر للمنطقة العربية. كما يسرد المعرض رحلات الأدميرال الصيني تشان خه للمنطقة العربية.

ويأتي تنظيم هذا المعرض بمبادرة من مؤسسة «ناشيونال جيوغرافيك» العالمية، وبالتعاون مع وزارة الخارجية العمانية. وقد أسهمت جهات عدة في عرض القطع الأثرية النادرة، منها وزارة التراث والثقافة العمانية، ومتحف فنون شرق آسيا بمدينة باث البريطانية، ومتحف بيت الزبير في مسقط.

ويلاحظ أن بعض القطع المعروضة متعددة الاستخدامات، بعضها صنع في الصين للاستخدام في الصين، والبعض الآخر صنع في الصين لكن بهدف التصدير إلى المنطقة العربية حتى إن بعض هذه القطع يتضمن زخارف عربية وإسلامية وكأنما صنعت بواسطة طلبات للسوق العربية. وتوجد بعض المعروضات الأثرية أو التحف الثمينة من الذهب والفضة والبرونز واليشم والخزف التي تم العثور عليها في المواقع الأثرية العمانية، وعمرها يتراوح بين القرنين التاسع والتاسع عشر.

ويتكون المعرض من ست صالات لكل واحدة منها معروضات مختلفة عن الأخرى، ويضم قسما خاصا بالسفينة العمانية «جوهرة مسقط» التي تم بناؤها مؤخرا لتكون نسخة من السفينة العربية التي عثر عليها في عام 1998 غارقة قرب السواحل الإندونيسية لجزيرة سومطرة ومحملة بقطع أثرية صينية وعربية تصل لنحو 65000 قطعة أثرية، وتعود للقرن التاسع. وقد تم بناء هذه السفينة بنفس الطريقة التي كانت متبعة في القرن التاسع، حيث تم استعمال خشب الافزيكيا أفريكانا الذي تم العثور عليه في غانا، وهو من الأخشاب الأساسية التي كانت تستخدم في صنع السفن القديمة. وتمت عملية التشبيك بواسطة الحبال حسب الطريقة التقليدية من دون استخدام مسامير أو أوتاد معدنية. وقد استهلك بناء السفينة 120 كيلومترا من حبال ألياف جوز الهند، كما استهلكت ألواحها 70 ألف قطعة تشبيك و50 ألف ساعة عمل. وقد أبحرت السفينة العام الماضي متبعة نفس الخط الذي كانت تعبره السفن آنذاك.

وتقوم «ناشيونال جيوغرافيك» بإنتاج فيلمين وثائقيين عن «جوهرة مسقط»، الأول عن عملية بناء هذه السفينة وبدأ بثه الصيف الماضي، والثاني عن رحلة السفينة بقيادة القبطان العماني صالح الجابري من مسقط إلى سنغافورة.