ملح هندي لإذابة الجليدالأوروبي

نصف مليون طن واردات أوروبية في عام واحد

تنتج الهند نحو 24 مليون طن من الملح الخام سنويا، ويصدر 20 في المائة منه بالأساس إلى اليابان وأستراليا والولايات المتحدة وإندونيسيا
TT

اضطرت أوروبا نتيجة العواصف الثلجية الشديدة التي هبت عليها خلال الأسبوعين الماضيين للتوجه بأنظارها إلى الهند، بحثا عن مخرج، لا وجهة سفر. ما يطلبه الأوروبيون هو ملح الأرض بالمعنى الحرفي. لكن الغرض من الحصول على هذا الملح ليس استخدامه في الطعام، بل لإذابة الثلوج وإخلاء الطرق أمام السيارات والناس.

استخدم البريطانيون القوة الغاشمة منذ ثمانين عاما لقمع صناعة الملح في قرية داندي في ولاية كجرات الغربية. وقاد الزعيم الهندي المهاتما غاندي حركة تحد تعتبر أكبر التحديات التي واجهها الاستعمار البريطاني، كما أنها تعتبر من بدايات حركة الاستقلال الهندية. وكان غاندي يقود الحركة من مقره بالقرب من القرية، حيث قاد مسيرة مدتها 24 ساعة لمسافة 240 ميلا (390 كم) من أجل إنتاج الملح من دون دفع ضرائب. وشارك في هذه المسيرة عدد كبير من الهنود على طول الطريق. عندما خرق غاندي هذه القوانين الخاصة بالملح في داندي في نهاية المسيرة في 6 أبريل (نيسان) 1930، أعلن الملايين من الهنود عصيانا مدنيا واسع النطاق ضد البريطانيين.

وها هو الملح المتواضع نفسه من داندي ينقذ أوروبا ويساعدها على الخلاص من هم الثلوج. وتعد هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تطلب فيها دول أوروبية، مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا، من منتجي الملح الهنود توريد كميات كبيرة من كلوريد الصوديوم. فالثلوج تعوق المرور على الطرق وخطوط السكك الحديدية والخطوط الجوية في أكثر الدول الأوروبية. وبحسب مبادئ العلوم، الملح يفل الثلج وهو ما يمثل نبأ سارا لمنتجي الملح. ويزداد الطلب على الملح، لكن الهند على استعداد لتلبية الطلبات، باعتبارها رابع أكبر دولة في إنتاج الملح في العالم.

أما في ما يتعلق بالجمعية الهندية لمنتجي الملح، فقد طلبت الشركات الأوروبية ما يزيد على نصف المليون طن من الملح لاستخدامه في إخلاء الطرق من الثلوج لتيسير حركة المرور. وتعتمد أوروبا على إسبانيا وألمانيا وكندا في الملح المستخدم للتخلص من الجليد. هذه المرة يوجد الكثير من الثلوج، مما أدى إلى نفاد الملح المستخدم في إذابة الثلج. وصرح هيرالال بيريك، رئيس الجمعية الهندية لمنتجي الملح وصاحب شركة «دونغرسي سولت وركس» ومقرها في غاندي دام لصحيفة «الشرق الأوسط» في مكالمة هاتفية قائلا: «هذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها منتجو الملح الهنود هذا الكم الهائل من الطلبيات».

ويقول الخبراء في هذا المجال إن على أوروبا الاعتماد على الهند هذا الموسم، حيث شهدت الصين أمطارا في غير أوانها تسببت في تراجع إنتاج الملح. وكذلك ارتفع معدل استهلاك الصين، التي تعد ثالث أكبر دولة في إنتاج الملح في العالم وتقدر قيمته بـ9.7 مليون، نظرا لافتتاح مصنع الصودا الكاوية مؤخرا.

وهذه هي المرة الأولى التي يكون فيها الملح نبأ سارا بالنسبة لمنتجي الملح الهنود. وتنتج الهند نحو 24 مليون طن من الملح الخام سنويا، ويصدر 20 في المائة منه بالأساس إلى اليابان وأستراليا والولايات المتحدة وإندونيسيا. وتستعد الشركات الكبرى في كجرات التي تسهم في إنتاج 70 في المائة من إجمالي إنتاج الملح في الهند لشحن الملح إلى أوروبا. وتلقت كل من شركتي «فريندز سولت وركس» و«ألايد إنداستري» من أكبر مصدري الملح الهنديين عددا كبيرا من طلبات توريد الملح من دول أوروبية وشحنها بشكل عاجل.

وقد طلبت شركة كبرى فرنسية تعمل في مجال إذابة الثلوج من الجمعية الهندية لمنتجي الملح توريد 250 ألف طن. تريد الشركة من منتجي الملح الهنود خلط الملح بعوامل مضادة للتكتل لتحفيز عملية إذابة الثلوج. ويقول الخبراء في مجال صناعة الملح إن الهند لديها قدرة هائلة على استخدام كلوريد الماغنيسيوم بدلا من كلوريد الصوديوم من أجل هذا الغرض. ويضيف الخبراء: «يتوافر احتياطي كلوريد الماغنيسيوم في كجرات ولا توجد حاجة إلى أي عوامل أخرى مضادة للتكتل، مما يساعد على تسريع عملية إذابة الجليد. وتعد كجرات مركزا كبيرا للملح، حيث تتراوح كميته من 5 إلى 10 ملايين طن ويمكن تصديره في حالة تدهور الموقف».