مسرح مصر القومي «المحترق» يستعيد بريقه

بعد تأمينه بأحدث الوسائل ضد الكوارث الطبيعية والبشرية

TT

أعلن مسؤولون مصريون أنهم بصدد الانتهاء من صيانة المسرح القومي بحي العتبة بوسط القاهرة - الذي يعد أقدم المسارح العربية - بعد تعرضه لحريق أواخر شهر سبتمبر (أيلول) عام 2008، وأنقذته العناية الإلهية من دمار شامل.

وقال فاروق عبد السلام، المشرف على مشروع الترميم وقطاع مكتب وزير الثقافة المصري، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه سيتم الانتهاء خلال شهور قليلة من ترميم المسرح بالكامل، ليصبح بعدها جاهزا للافتتاح قبل نهاية العام الجاري، ليستعيد بريقه وأنشطته التي كانت تمارس فيه من قبل.

وتأسس المسرح عام 1921 في مبنى «تياترو» الخديو بحديقة الأزبكية حيث بدأ في عرض 4 مسرحيات يومية آنذاك، وبإنشاء الفرقة القومية المصرية بقيادة الشاعر خليل مطران، قدمت الفرقة عروضها عام 1935 على خشبة المسرح، إلا أنه تم حلها عام 1942 لتقديمها أعمالا ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر.

وأضاف عبد السلام أن تكلفة مشروع الترميم وصلت إلى نحو 7 ملايين جنيه، وأن مشروع الإحياء استغرق عامين تقريبا، وأن عملية الصيانة تمت وفق أحدث التقنيات، وفي مقدمتها توفير وسائل الأمان اللازمة لحماية المسرح التاريخي من أي عوارض طبيعية وبشرية.

وأوضح بأنه تم تزويد المسرح بأحدث التقنيات المتبعة في المسارح العالمية، فضلا عن تحديث نظام التأمين الشامل ضد الحرائق والسرقة، ليكون التحديث إضافة لعملية التأمين التي جرت للمسرح من قبل، ولكن بطرق حديثة.

وأكد فاروق عبد السلام أن عملية الإحياء للمسرح تعد بمثابة انطلاقة جديدة لصرح ثقافي وفني كبير له مكانته في مصر والعالم العربي، حيث شهدت خشبته أضخم الأعمال المسرحية في تاريخ المسرح العربي، منذ افتتاحه عام 1921، لافتا إلى أن عملية التطوير راعت الاهتمام بجمال التصميم وروعة الديكور داخليا وخارجيا، خاصة أن المبنى يعد تحفة معمارية أثرية، يغلب على مواد بنائه الخشب، وهى الطريقة التي بني بها.

وفي هذا السياق، فإنه كان يطلق على المسرح وقت إنشائه «المسرح الوطني» حيث برز دوره حينها في مقاومة الاستعمار، إلى أن تحول اسمه إلى «المسرح القومي» بعد ثورة 1952 ليصبح شاهدا على عصور جديدة من الفن والثقافة في مصر خلال فترة الخمسينات والستينات.

وتعرض المسرح لحريق يوم 27 سبتمبر عام 2008 جراء ماس كهربائي تسبب في انفجار لوحة الكهرباء الرئيسية به، مما أدى لإشعال النيران في إحدى قاعاته، وتدمير الستارة الأوتوماتيكية وإحراق غرفة الممثلين.

ويقع المسرح القومي في أحد أقدم مواقع القاهرة التي تزخر بالآثار المملوكية، والتي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، ولكونه يطل على حديقة الأزبكية بميدان العتبة أطلق عليه «تياترو الأزبكية»، وسبق أن شهد عروض «خيال الظل»، وهو فن مسرحي شعبي كان منتشرا حينها تصنع فيه الشخوص من الورق المقوى أو الجلد وظل باقيا في مصر حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، إلى أن تطورت عروضه فيما بعد.

ويتكون المسرح من قاعة كبيرة تحمل اسم رائد الفن المسرحي «جورج أبيض»، بالإضافة إلى قاعة صغيرة تحمل اسم الممثل والمخرج المسرحي «عبد الرحيم الزرقاني»، وقاعة أخرى صغيرة خاصة بالملابس وأجهزة الإضاءة، فضلا عن مكاتب إدارية خاصة بهيئة رئاسة المسرح ومسرح الشباب.