«انظر إلى ما وراء الصورة» معرض يستضيفه قصر «أوفيد» في فيينا

يشترك فيه مجموعة من الفنانين السعوديين الشباب

لوحة صنعت من بقايا علب زيوت ومشروبات تنبه لدور كل منا في التغير المناخي («الشرق الأوسط»)
TT

روحانيات المجتمع السعودي ودلة القهوة ولوحات فوتوغرافية تسجل طموحات واختيارات جيل، بالاضافة لمنحوتات صنعها مزارع استبدل الطورية بالازميل والمنقاش، هذه واخريات هي محتويات معرض «انظر إلى ما وراء الصورة» الذي يستضيفه صندوق الاوبك للتنمية الدولية «اوفيد» بمقره بالعاصمة النمساوية فيينا.

كنقطة ارتكاز لصالة المعارض بقصر اوفيد الفخم الذي يعود بناؤه للسنوات 1813 - 1891 اختار المنسقون للمعرض لوحة ضخمة صنعت باتقان ودقة من بقايا علب زيوت ومشروبات رصت ونسقت فامست تذكارا ينبه لدور كل منا في التغير المناخي وكيف يترتب علينا ان نحافظ على البيئة من حولنا وان نهتم بتدوير واعادة تصنيع المخلفات.

تلك اللوحة تعود لمختارات من مجموعة الفنان السعودي الشاب واصل صديق خريج كلية الزراعة الذي جذبه الفن فتحول إلى نحات يستوحي اعماله من «المعلقات السبعة» بعمق وفلسفة بحيث اصبح «المقعد أو الكرسي» بين يديه اكثر من مجرد قطعة اثاث بل اداة ترمز لانشطة الجالس وما يدور حوله من تفاعلات.

في حوار مع «الشرق الأوسط» شدد واصل على ضرورة ان يتمعن كل منا في علاقته بمقعده المفضل وكيف ان هذا المقعد يتحول بمرور الزمن إلى شاهد على مسار الحياة ووتيرتها وما يتقاطع معها من متداخلات.

واصل صديق، وزميلتاه الفنانتان الشابتان نهى الشريف ومنال الضويان من مجموعة الفنانين السعوديين الذين اصبحوا بمثابة سفراء تنطق اعمالهم بما تموج به بلادهم من حركة وتغيير ينمو ويزدهر وفق هويتهم الاسلامية العربية المحافظة عاكسين واقعا بالمملكة لا تعكسه عن قصد أو لجهل الصورة النمطية المتداولة عنها.

من جانبه وايمانا بقدرات الشباب وبالدور الذي يمكن ان تلعبه الثقافة والفنون في تنمية المجتمعات وتواصلها نظم «اوفيد» لهؤلاء معرضا من 28 الجاري وحتى 25 فبراير (شباط) المقبل ضمن احتفالاته بمرور 35 عاما على انشائه كمؤسسة تنموية تهدف للتعاون الجنوبي - الجنوبي بتقديم مساعدات تمولها دول الاوبك وينظم مسيرتها ويشرف عليها «اوفيد» لتصل في اوجه مختلفة إلى الدول النامية كقروض ميسرة وهبات ومنح لا ترد من اجل تنمية مستدامة وللاغاثة والعون في حالات الطوارئ.

في سياق مواز لم تتوقف انشطة «اوفيد» عند العون لتأسيس بنيات تحتية ومكافحة الفقر ومعالجة التحديات، بل سعى منذ 2009 لخلق انشطة ثقافية واجتماعية منفتحا على المجتمع النمساوي المضيف في مسيرة اندماج وتفاعل تهدف للتعريف بثقافات وفنون دوله الممولة والمستفيدة كذلك وعرضها على سكان فيينا وضيوفها من عشاق الفن واكتشاف الاخر المجهول.

سليمان الحربش، مدير عام «اوفيد» افتتح المعرض بصحبه الأمير منصور بن خالد آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى النمسا وسط حشد من المدعوين ممن استمتعوا باجواء سعودية مع التمر وفناجين قهوة الهيل وتنوع المعروضات.

ذكر الحربش في كلمته مرحبا بالضيوف ان «اوفيد» سبق ان استضاف اكثر من معرض في فترة العامين الماضيين فقط منها السوداني والجزائري والفنزويلي والعراقي والكيني، مؤكدا هتمام «اوفيد» ودعمه المتواصل لتقديم مزيد من الانشطة الفنية كرسائل تنويرية تثقيفية ولعروض كجسر للتواصل بين الشعوب ولاتاحة مزيد من الفرص امام الشباب، على وجه الخصوص، ودعمهم والاهتمام بهم للتعبير عن مكنونات بلادهم وانشطة مجتمعاتهم.

بدوره اشاد السفير السعودي الأمير منصور باعمال العارضين وكيف انها تعكس بيئتهم وثقافتهم مقدمة وجوها خفية رغم حيويتها لا يعرفها كثيرون عن المجتمع السعودي، مبديا امتنانه العميق لارتباط الاعمال بالبئية السعودية مما يجسم ارتباط الفنانين ببلادهم وسعيهم لعكس مختلف مناحيها واوجهها، مؤكدا ان سفارته بدورها تخطط لاقامة معارض تعكس تطلعات ورؤى الفنانين من الشباب السعودي لا سيما ان الشعب النمساوي وان كان يتعاطى السياسة كغيره من الشعوب الا انه يعشق الفنون ويهتم بها ويقدرها.

وفيما لم يتسن للفنانة نهى الشريف الحضور الا ان مجسماتها الروحانية الرخامية التي رصتها باحجام مختلفة منها الضخم ومنها شديد الصغر قد اثارت الكثير من الانتباه والتساؤل وفتحت مجالا واسعا لمختلف التفسيرات وكانت محط اهتمام واسع ونقاش بين الحضور حول قدرة الفنان وتطويعه لملكاته لتحويل سلوكياته إلى اعمال فنية تثير مدارك الخيال وتلهمها.

أما الفنانة منال الضويان التي كانت حاضرة بقوة وهي تتحدث وتشرح للمستفسرين عن موقعها وحظوظها كفنانة سعودية سبق ان اتيحت لها فرص المشاركة في اكثر من معرض باكثر من دولة فقد قسمت مجموعتها من الصور الفوتوغرافية إلى مجموعتين مجموعة باسم «انا» ومجموعة باسم «اختياراتي» جسدت مجموعة «انا» الكثير من انشطة الشابة السعودية العاملة في مختلف الوظائف كالطب والتعليم والهندسة و«الامومة»، فيما عكست مجموعة «اختياراتي» وبذكاء شديد طموح منال لمزيد من الخيارات.