مغسل السيارات يدخل عالم «الدليفري» اللبناني

قلب المعادلة وبات يأتي إليك على دراجة نارية:

TT

بمجرد اتصال هاتفي تطلب خلاله غسل سيارتك مع تحديد عنوانك، ثمة من يأتيك خلال عشر دقائق ليحقق لك رغبتك، وتحتاج بعدها عشر دقائق أخرى لتتسلم سيارتك نظيفة كما تريدها، بفضل عدة العمل التي تنتقل مع عاملين على دراجة نارية داخل نطاق بيروت الكبرى. ببساطة إنه المغسل اللبناني المتنقل للسيارات.

«الفكرة تعثرت لمدة 11 عاما، لكننا نجحنا أخيرا في التوصل إلى اختراع رائع»، يوضح كمال الحريري (35 عاما)، «إذ بعد خطة استغرقت 3 أشهر وبمعدل ساعتين يوميا نجحت في تركيب الدواء السري إثر مخاض عسير مع عشرات أدوية التنظيف والغسيل وكانت البداية مع سيارة صديقي بسام. ف. الذي أصيب بالذهول نظرا لفعالية الدواء»، يروي الحريري اللحظات الأكثر سعادة وتحولا في حياته. الوصول إلى الزبون كان سهلا مع توفر الدراجات النارية لكن آلية التنفيذ بقيت تفتقر إلى اسلوب نقل المياه مع الضغط كما يقول الحريري المتمسك دائما بمبدأ: نعم أستطيع. وشاءت الصدفة أن يشاهد يوما ـ من استغنى عن ملهاه الليلي سعيا لتحقيق طموحه ـ مزارعا لبنانيا على إحدى القنوات المحلية وهو يسقط حبات الزيتون عبر مرشة ماء تطال بضغطها شجرة بارتفاع 8 أمتار.

وهنا بدأت العناصر تكتمل: دراجة نارية، مرشة مع الضغط (سعة 20 ليترا) والمعدل بعد تجارب أربع هو ليتر دواء مقابل 19 ليتر ماء، إضافة إلى الهوفر لتنظيف فرش السيارة. «ليتر واحد لكل السيارة معادلة مدهشة يلتزم بها جميع العاملين الذين بلغ عددهم 30 يشقون طريقهم في خفة الغزلان نحو العنوان المقصود»، يؤكد من أحسن قيادة المسيرة التي انطلقت بـ 5 دراجات نارية و10 عمال منذ ثمانية أشهر مبديا أسفه لعدم وجود أي عامل لبناني لديه لأن الغسيل في الشارع لا يلائم مزاج اللبناني ولا شياكته.

ويسرد صاحب الشركة قصصا يجدها لافتة: في أحد الأيام العاصفة، طلبت مني زبونة جديدة هاتفيا، غسل سيارتها فأجبتها بأن المطر يهطل، فردت: أنا حرة وأود أن أرى كيف تقومون بذلك، لذلك سأضع سيارتي في المرآب وأنتظر وصولكم.

التأمل والاستغراب كان أبرز سماتها طيلة فترة الغسيل السهل الممتنع، لتطلب صورة تذكارية مع العاملين، معلنة أن هذه الخطوة ستكون مفاجأة لابنتها العائدة من السفر.

وفي حادثة أخرى لا تغيب عن بال الحريري هي عندما ألح أحمد (عامل) على غسل سيارة زبونة جديدة في شارع الحمرا بحجة أنها وسخة لكن نظرتها كانت معاكسة عندها أكد استعداده لغسلها يوميا من حسابه الخاص إذا لم تستعد السيارة بريقها.

وهكذا كان، وكانت الدهشة نصيب الزبونة على مشهد لم تألفه من قبل عارضة التكلفة المادية عليه فرفض قائلا: غسلتها فقط لأثبت لك أنها وسخة.

أحمد دفع التكلفة من جيبه لكن الزبونة باتت تغسل سيارتها حصريا لديه كل يومين بعد أن كانت تغسلها مرة واحدة شهريا، وتتمنع عن غسلها في حال غيابه: يقول الحريري وهو يتلقى اتصالا من زبونة تبدو مستعجلة على غسل سيارتها.

روح التحدي عند العمال يقابلها روح المنافسة عند رمزي مهنا (المدير الإداري ـ 32 سنة): أعتقد بأنه ما من أحد يستطيع منافستنا لأن الصراحة والخدمة السريعة ودقة العمل والنظافة وراحة البال أبرز ميزاتنا، يجيب معلقا على مباشرة شركة جديدة عملا مشابها لعملهم.

وللإجراءات الاحترازية مكانها وذلك تحاشيا لوقوع أي هفوة يشرح مهنا «ننطلق من مبدأ تقسيم العمل إلى 8 خطوات يتكفل كل عامل بأربع منها كي لا نخسر أي زبون جديدا كان أم قديما، والحمدلله تأقلموا جميعا مع السلوك المطلوب». ويكشف مهنا عن رفضه عرضا مغريا قدمه رجل أعمال عربي لدعم المشروع ماديا وجعله يشمل الأراضي اللبنانية كافة مبررا ذلك بنظرة مستقبلية: «فضلنا تطوير فكرتنا بجهدنا المتواضع ونيل الشهرة تدريجيا بالرغم من أهمية العرض، ونحن واثقون بما تحمله إلينا خطواتنا المنتظرة والكفيلة بتعويض هذا العرض خلال سنة واحدة». أما جديد دلع السيارات اللبناني فهو آلة إيطالية متطورة مخصصة للتعقيم والغسيل على البخار يمتلكها رضوان قباني (33 سنة) والذي قصد مكتب الشركة في الروشة عارضا تطوير المشروع نحو الأفضل.

مهنا الذي يصف نفسه بالسلس مع العمال والحريري بالحازم والفكرة بالغريبة، في ظل علاقة شبيهة بعلاقة التلاميذ بالمعلم، يكشف بدوره عن بيع الدواء قريبا لشركة خارجية وفق عقد محدد الشروط.

وبالعودة إلى آلة البخار فقد أصبحت متعددة الوظائف (غسيل يشمل محركات السيارات، مولدات الكهرباء الكبيرة، السيارات المستوردة، تجهيزات مطابخ المطاعم) يوضح مهنا معربا عن سروره لأن خريطتها باتت تشمل معظم الأراضي اللبنانية على عكس المغسل المتنقل الموجود في العاصمة حصرا.

ويختم مهنا المؤمن بالقول: «بالأمل بدأنا، بالإرادة مضينا، وبالنجاح سنتوج جهودنا».