المصحف الشريف يجمع أبرع خطاطيه من الرجال والنساء في مدينة الرسول

300 خطاط وخطاطة يبحثون قضايا الخط العربي وزخرفته.. والرسم العثماني يثير الخلاف بينهم

أحمد الأسمر
TT

يستعرض 300 من أشهر خطاطي وخطاطات المصحف الشريف من 30 دولة بمختلف أنحاء العالم خلال أول ملتقى يعقد لهم وتستضيفه المدينة المنورة التي تحتضن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، قضايا الخط العربي وزخرفته مع طرح تجارب أبرع الخطاطين في كتابة المصحف، والبحث عن ضوابط في ذلك والوصول إلى توافق وتقارب في مصطلحات الخط العربي، كما يعرض الملتقى الذي سيقام في الـ26 من أبريل «نيسان» المقبل نماذج من خط الخطاطين في المصاحف المكتوبة بالروايات المشهورة والقراءات المتواترة، واكتشاف طاقات واعدة من خطاطي المصحف الموهوبين كما يستذكر الملتقى حالة كتابة وخط المصحف الشريف منذ عهد الخلفاء الراشدين وتواصلها في العهود المتتابعة وحتى العصر الحاضر.

وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سـعود تحتضن مدينة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أول ملتقى يعقد في العالم عن أشهر خطاطي وخطاطات المصحف الشريف ينظمه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، خلال الفترة من 26/4 إلى 2/5/2011». ويعقد الملتقى تحت عنوان «ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم» ويشارك فيه نخبة ممن تشرفوا بكتابة المصحف الشريف، ومن المهتمين بعلم الرسم العثماني، وقضايا الخط العربي وزخرفته.

ورفع الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، الشكر لخادم الحرمين الشريفين على هذه الرعاية لهذا الملتقى المبارك وأوضح إنه انطلاقا من اهتمام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالقرآن الكريم، ونظرا للعمل الرائد الذي يقوم به المجمع في هذا المجال، وما يتصف به من مرجعية في كتابة المصحف ومراجعته وتدقيقه وطباعته، وإدراكا لأهمية كتابة وخط المصحف الشريف يأتي عقد هذا الملتقى لأول مرة.

ومن جانبه ذكر الأمين العام للمجمع رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي أن عدد المشاركات التي وصلت إلى اللجنة التحضيرية للملتقى تجاوز (300) مشاركة من دول خليجية، وعربية، وإسلامية وغيرها «رجال ونساء»، درستها اللجنة العلمية ولجنة التحكيم أجازت منها (230) مشاركة، مشيرا إلى أن أهداف الملتقى تتمحور في تقدير جهود أمهر خطاطي المصحف الشريف، وتكريمهم والاحتفاء بهم، وتجلية تجارِب أبرع الخطاطين في كتابة المصحف، وبيان مناهجهم في ذلك؛ للإفادة منها، وإبراز الرسالة التي يحملها خطاط المصحف الشريف، والعمل على إيجاد ضوابط مَرْعيَّة في زخرفة المصاحف، ودراسة سبل التوفيق بين خطوط الخطاطين والحاسب الآلي؛ خدمة للخط العربي، ومحاولة الوصول إلى توافق وتقارب في مصطلحات الخط العربي، وعرض نماذج بخط الخطاطين من المصاحف المكتوبة بالروايات المشهورة والقراءات المتواترة، واكتشاف طاقات واعدة من خطاطي المصحف الموهوبين، وتشجيع التواصل بين خطاطي المصاحف، والمهتمين والمختصين في دراسة الخط العربي.

ووفقا للدكتور العوفي فإن فعاليات الملتقى تتضمن تنظيم معرض مصاحب للملتقى، وعرض تعريفي بمشروع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف للخطوط الحاسوبية المطابقة والموافقة لنص مصحف المدينة النبوية، ومحاضرة عن تاريخ كتابة المصاحف ومراحلها، وإلقاء الضوء على المعجم الذي يعدّه المجمع عن كتاب المصحف الشريف وأشهر الخطاطين له عبر العصور، وعرض تجارب شخصية لبعض مهرة الخطاطين في رحلتهم مع كتابة المصحف الشريف، وعقد ورشة عمل في موضوع مهم حول مشكلات كتابة المصاحف وضبطها، وتقديم دورة تعريفية عن رسم المصاحف وضبطها ومصطلحاتهما، وعن الخط العربي، وتوزيع استبانة على الخطاطين قبل انعقاد الملتقى بعد تحديد عناصره وصياغته- لاستجلاء مناهجهم وتجاربهم في كتابة المصحف الشريف.

كما تتضمن الفعاليات إصدار كتاب وثائقي عن الملتقى يتضمن السير الذاتية لأشهر خطاطي المصحف، ونماذج ملوَّنة من أبرز أعمالهم، وشيئا من تجاربهم وأقوالهم ورؤاهم المستقبلية حول كتابة المصاحف، وإنتاج فيلم إعلامي وآخر وثائقي يبرزان حركة كتابة المصاحف من لدن نشأتها إلى العصر الحاضر وقد عقد في المجمع اجتماع مع مؤسسة مختصة بالإنتاج الإعلامي لإعداد هذين الفيلمين، إلى جانب إصدار عدد خاص من مجلَّة « البحوث والدراسات القرآنية« التي تصدرها الأمانة العامة للمجمع بمناسبة انعقاد الملتقى، يسْتكتب له مجموعة من المختصين والنقَّاد في تاريخ المصاحف وخطوطها، وكتابتها ورسمها وضبطها، وتذهيبها وزخرفتها، والخط العربي.

وكشف لـ «الشرق الأوسط» عدد من المشاركين في الملتقى عن أبرز المشكلات التي تواجه الخطاطين عند كتابة المصحف الشريف، مستذكرين في هذا الصدد حالة كتابة وخط المصحف الشريف منذ عهد الخلفاء الراشدين، وتواصلها في العهود المتتابعة حتى عصرنا الحاضر. في البداية، يقول الخطاط السوري محمود بن محي الدين البان الذي يعمل حاليا خطاطا بجامعة حلب بسوريا: هناك خلاف في كل شيء، والاختلاف وارد فالذي كان واردا في كتابة القدماء قد لا يكون واردا الآن، فكتابة الحافظ عثمان مثلا قد تختلف عما يكتبه الخطاطون اليوم، وأرى أنه قد يكون التماثل بطرائق الكتابة والرسم المصحفي قريبا من بعضه بعضا لكي يتوحد الخط الذي هو المعين الأول في القراءة ولاسيما من جانب العامة من الناس.

ومن جانبه، يؤكد الخطاط الباكستاني عبد الرشيد بت أن هناك مشكلات اعترضت كتابة وخط القرآن منذ عهد الخلفاء الراشدين.. وكذلك في العهود المتتابعة، وقال: إن أكبر مشكلة هي طريقة كتابة بعض الكلمات المفردة، فكان هناك خلاف بين العلماء والخطاطين في كتابتها في العهود المختلفة منذ عهد الخلفاء، فلا يمكن حسم هذا الخلاف، وربما يستمر هذا الخلاف إلى يوم القيامة، والخلاف في كتابة الكلمات ليس جوهريا وينحصر في عدد معين من الكلمات، مما لم يسبب أية مشكلة عقدية بين المسلمين في عهد من عهود المسلمين التاريخية.

واسترسل يقول: إن ما يميز المسلمين، رغم هذا الخلاف البسيط في كتابة الكلمات عن أمم العالم، هو اهتمامهم البالغ بالقرآن وكتابة القرآن، وجهودهم المتواصلة لحفظه ولفهم معانيه، وبدون شك هذه ظاهرة فريدة..لا نجد لها نظيرا في تاريخ البشرية كلها، فكما أن القرآن أكثر الكتب السماوية قراءة، فإنه أكثرها كتابة.

أما الخطاط الفلسطيني أحمد نافذ الأسمر فيرى أن من أهم المشاكل التي تواجه كتابة المصحف هي عدم وجود لجنة متخصصة تواكب الخطاط في عمله، وتتابع معه ما يستجد من إنتاج وتقوم بتدقيق وتصحيح ما يكتب أولا بأول، وكنت قد توقفت عن كتابة المصحف بعدا أن قطعت به شوطا لا بأس به وذلك لعدم وجود مثل هذه اللجنة التي كانت ستساعدني كثيرا لو كانت موجودة عن طريقة الكتابة المتبعة التي سأسير عليها، وأن تقوم بمراجعه كل ما اكتب أولا بأول حتى لا أكتشف بعد مدة من الزمن أني أسير بالاتجاه الخاطئ، كما أن هناك بعض المشاكل الثانوية منها التمويل والتفرغ، وما إلى ذلك من الأمور التي قد تساعد الخطاط في انجاز مثل هذه المهمة الجليلة.

ويخالف الخطاط السعودي ناصر الميمون الرأي القائل بوجود مشكلات تعترض كتابة المصحف الشريف، إذ يقول: إن كثيرا من خطاطي المصحف الشريف يعلمون أن كتابة المصحف بدأت بالخط الكوفي (القديم) ويقصد بذلك (خط كوفي مصاحف القرن الأول الهجري) واستمر ذلك الخط فترة طويلة من الزمن، حتى جاء خط البديع، وهو المعروف الآن بالخط (النسخي) الواضح، وتمت من خلال خط النسخ كتابة معظم مصاحف العالم الإسلامي تقريبا، وتصدر خط النسخ المرتبة الأولى في الوضوح والسهولة في القراءة لعامة المسلمين، وقد أبدع كثير من خطاطي الدول الإسلامية والعربية في كتابة المصاحف وآيات القرآن الحكيم بعدّة أشكال، وبعدّة صور مختلفة، وإلى زماننا هذا لم تظهر أي مشكلات في كتابة المصاحف، ولم تعترض أي عوائق طريقة رسم أو ضبط كتابة القرآن الكريم في مختلف قراءات المصحف المختلفة المتنوعة ودليل ذلك أن مجمع الملك فهد قام بكتابة وطباعة عدة قراءات مختلفة لشيوخ القراءات المعروفين عبر التاريخ الإسلامي، ثم قام المجمع مشكورا بنشرها وتوزيعها على جميع شعوب العالم، فكانت الفائدة كبيرة، ولاقت هذه المجهودات النجاح الكبير لدى شعوب ومجتمعات الدول الإسلامية دون ظهـور أي مشكلات تعترضها.

وفي ذات السياق، أفاد أستاذ الطب الخطاط الفلسطيني الدكتور إبراهيم عبد العزيز مصطفى الجوريشي أن من أهم المشاكل التي تعترض كتابة المصاحف هي الجهل بعلم الرسم والضبط والمتتبع لكثير من جهود الخطاطين أنهم كتبوا مصاحفهم بالرسم الإملائي المتبع وهذه المشكلة الكبرى هنا أنهم كتبوها دون علم أو دراية وهذا أدى إلى خلل الضبط.

وقال: إن علاج هذا الأمر يتم من خلال التأكيد على أن لا يكتب الخطاط المصحف دون وجود لجنة علمية خاصة متميزة بعلماء القراءات والرسم والضبط،ولجنةأيضا من الخطاطين البارزين الذين يشرفون على الخط ككتابة وفن. وهذا الأمر يساعد في إخراج نسخة من المصحف الشريف متميزة خطيا، ورسما، وضبطا.

ويؤكد الخطاط اللبناني محمود بعيون أن هناك مشكلات تعترض كتابة المصاحف كتلك المتعلقة بالضبط واختلافه بين المشارقة والمغاربة، وتكون معالجة مثل هذه المشكلات من خلال عقد الندوات، والدورات التي من شأنها تسليط الضوء عليها، مشددا على أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة ومن خلال رسالته القرآنية يقوم بدور رائد في هذا الشأن، وفي خدمة كتاب الله ـ عز وجل ـ والعناية به.

ومن جانبه، يقول الخطاط السوري الدكتور عثمان بن عبده حسين طه: إن الدافع الأساسي لتحسين الخط العربي والعناية به، والاهتمام بتحسينه وتجويده، هو ظهور الإسلام، ونزول القرآن الكريم، حيث تنافس الكتّاب منذ القديم على كتابة المصحف بأجمل ما لديهم من خط، لأنهم مأمورون بإتقان ما يقومون به من عمل، خدمة للقرآن الكريم في نشره وتوزيعه للمسلمين، وطلبا للأجر والثواب من عند الله سبحانه وتعالى، وقد اشتهر عبر التاريخ أئمة في علم الخط كابن مقلة - المؤسس لقواعد الخط العربي - وابن البواب، وياقوت المسـتعصمي، وحمدالله الأماسي، وحافظ عثمان، وكلهم قد تشرفوا بكتـابة المصحـف الشريف أكثر من مرة، ولاقـوا تشجيعا وتقديرا كبيرا من المسؤولين آنذاك عبر العصـور، ويقال إن بعض السـلاطين أو الملوك كانوا يحبون الخط ويكتبونه، حتى إن بعضهم كان يعطي كاتب القرآن الكريم - الذي أجاد الكتابة وزين المصحف بالزخارف الجميلة - وزن هذا المصحف ذهبا، وكان أحد السلاطين معجبا بخط حافظ عثمان حتى إنه كان يمسك له دواة الحبر أثناء الكتابة ولم تكن هناك مشكلات في كتابة القرآن الكريم إلا ندرة بعض الأدوات من قلم وحبر وورق ألخ... أما في عصرنا الحاضر فإن أدوات الكتابة موفورة وميسرة ويسهل الحصول عليها في كل حين،أما ضبط النص القرآني فهنالك لجان مختصة لدى وزارات الأوقاف في أكثر البلاد الإسـلامية مكلفة بمراجعة المخطوط وضبطه وتصحيحه، وإعطاء رخص لمن يرغب في طباعته ونشره.

واسترسل قائلا: إن ظهور التقنيات الحديثة كالحاسوب والإنترنت، وإعجاب الناس بها والاكتفاء بما تقدَّمه من الأعمال في المجالات المختلفة، قلل من فرص العمل لدى الخطاطين مما كان له الأثر البالغ في الانصراف عن فن الخط وتعلمه، ومع هذا فهنالك جهود تبذل من قبل بعض الجهات للاحتفاظ بهذا الفن وتعلمه وتطويره كإقامة ندوات، أو مسابقات، أو معارض، تقوّم فيها الأعمال وتمنح فيها الجوائز المادية والمعنوية للموهوبين والمتميزين في تنفيذ لوحات خطية جميلة في جميع أنواع الخطوط، وتكوينات رائعة تتصف بالحسن والبهاء والجمال. ولخص الخطاط الأردني جمال عبد الكريم الترك المشكلات التي تعترض كتابة المصحف الشريف في: أن نظرة الخطاط للخط نظرة فنية بحتة، يسعى من خلالها لتحقيق الجمال في الكتابة بشكل مطلق، فيستخدم المدات في الخط والتركيبات والاتصالات بالحروف وأماكن وضع التشكيلات والحركات الإضافية بما يخدم الشكل الفني والجمالي البحت، الأمر الذي قد يضر بالوضوح ويؤثر على سهولة القراءة، بينما تتطلب معايير كتابة المصحف وفق علم الرسم والضبط شروطا أخرى لا تتناسب في بعض الأحيان مع الجانب الفني والجمالي البحت الذي يفضل الخطاط تحقيقه. وقال: إنه يمكن التقريب بين الأمرين من خلال تشكيل لجنة من علماء القراءات والرسم والضبط ولجنة من الخطاطين المجيدين تعمل على التوفيق ما بين وضوح القراءة وتحقيق شروط الضبط والرسم من جهة والناحية الجمالية والفنية من جهة أخرى.

أما الخطاط العراقي علي حامد عبد المجيد الرواي فيقول: إن الاهتمام بالرسم الأول ضروري جدا لأن أجدادنا في عهد الخلفاء الراشدين أسسوا ضبط رسمه وفق الوحي المنزل ثم احتاج الزمان إلى التنقيط فنقطوه وطوروا شكله بإحداث الفتحة والضمة والكسرة وألحقوا بها السكون حتى تناهى بعلامات ضبط جديدة في المصحف الذي ضبطه الشيخ محمد علي الحسيني (شيخ المقارئ المصرية) في ثلاثينيات القرن الماضي، واعتمدته لجنة إعداد مصحف المدينة النبوية وطورته بما لا يخل بالرسم العثماني الأول... فإن أرادت المملكة طبع مصحف برواية قالون مثلا استعانت بعلماء من ليبيا لاعتمادهم قراءة رواية قالون ومجمع الملك فهد نجح كثيرا في ضبط رواية حفص ورواية ورش وهذا أمر لا ينكره عالم منصف. وفي ذات الصدد، تقول الخطاطة التركية هلال قازان: من المعلوم أن استنساخ القرآن الكريم بعد عهد سيدنا عثمان (رضي الله عنه وأرضاه) اتسع وآخذ بالاتساع تناسبا، ومع التطور تم تلافي كآفة الأخطاء المحتملة. واليوم نجد أن هنالك أشكال عديدة لخط القرآن الكريم تناسبا مع الدول أو المناطق المتواجد فيها المسلمون. وهذا الاختلاف وارد ومنطقي كمثال المذاهب الأربعة واختلاف تطبيقاتها بالرجوع إلى الأساس المشترك الواحد إلا وهو القرآن الكريم، ولن يكون من المنطقي قبول خط واحد في خط القرآن الكريم وتعميمه على الكل، والدليل القاطع على دعم هذا المنطق هو الإجماع الكامل للقراء العشرة ومنذ القدم، وكلي أمل في أن يجتمع أصحاب العلم وهيئات الاستشارة لحين التوافق على رؤية موحدة من خلال ترتيب الاجتماعات وتبادل الرؤى للوصول إلى أفضل النتائج.

ومن جانبه يقول الخطاط المغربي بلعيد حميدي: إن كتابة، وخط القرآن الكريم هي العملية الوحيدة التي تحظى بإشراف إلهيّ مباشر يتجلّى في قوله تعالى: «إنّا نحن نزلنا الذّكر وإنّا له لحافظون»، لم ولن تعترضها أيّ مشكلة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وحتى محاولات تحريفه باءت بالفشل وهي في مهدها، فالله تعالى سخّر لرسالته الخاتمة ملكا ينزلها على رسول يبلّغها لأمّة تعمل بها وتعمل لها. ولذلك نلاحظ أن كتابة القرآن الكريم استمرّت منذ بدء نزول الوحي إلى وقتنا الحاضر دون أن يشذّ حرف واحد من هذه المنظومة الإلهية المحكمة.