مركز «بي بي آي» للتسوق: العالم في قلب سراييفو.. يروي قصة نجاح

بوكفيتش لـ «الشرق الأوسط»: بدأ هذا المشروع بـ10 ملايين يورو وتتجاوز قيمته اليوم مئات الملايين

يقع المركز في مكان استراتيجي، يطل على العديد من الحدائق، والطرق. وبين عدد من الفنادق، من بينها، الهوليداي إن، وفندق أوربا، وفندق البريستول، وفندق البوسنة («الشرق الأوسط»)
TT

قبل نحو عامين فقط من الآن، افتتح مركز «بي بي آي» (بنك البوسنة الدولي) للتسوق، في قلب العاصمة البوسنية سراييفو، حيث ينتصب كالطود الشامخ، وسط مدينة شهدت انطلاقة الحرب العالمية الأولى، وكانت احدى ساحات الحرب الكونية الثانية. وفي الآونة الأخيرة حصل المبنى على المركز الأول في أوربا من فيئة، المراكزالتجارية المتوسطة في القارة، وفق منظمة المراكز التجارية الحديثة في أوربا.

يتموقع المركز في مكان استراتيجي، يطل على العديد من الحدائق، والطرق. وبين عدد من الفنادق، من بينها، الهوليداي إن، وفندق أوربا، وفندق البريستول، وفندق البوسنة. وبين عدد كبير من المتاحف، والمكتبات، والكليات، كالاقتصاد، والفلسفة، والطب، وغيرها. كما يقع على مسافات قصيرة من السفارات، والمؤسسات السياسية، كالوزارات والإدارات والمعاهد المتخصصة، فضلا عن التجمعات السكانية الكثيفة، وهوما جعله فريدا ببنائه، وموقعه وتعدد المستثمرين فيه، والزبائن الذين تمتلئ مرافقه وردهاته بألوان ولغات وأجيال مختلفة. ويتكون المركز من بنايات متشابكة، وشبه مفصولة، حيث هناك بناء من 10 طوابق وآخر من 4 طوابق، وفيه تتجمع سلع العالم ولا سيما الماركات المشهورة. وتوجد بالمركز مطاعم ومقاهي كثيرة، ومحلات لبيع المواد الغذائية، والملابس، والأحذية، والتحف، والحقائب، والمعدات، والألعاب الرياضية، والأدوات الالكترونية، والحواسيب، وكل شئ مباح تقريبا. ففي مركز «بي بي آي»، لا يباع الخمر، ولا لحم الخنزير. كما إنه من المراكز التجارية ومراكز التسوق النادرة التي يوجد بها مسجد في الطابق الرابع من المبنى. وعندما يكون العالم في مركز «بي بي آي» للتسوق، فليس بأناسه من مختلف الجنسيات فحسب، بل بالبضائع القادمة من كل فج عميق. وقالت ليلى (31 سنة وغير متزوجة) وهي صاحبة محل لبيع العطور المحلية والعالمية لـ«الشرق الأوسط» رغم الايجار المرتفع، إلا إننا نحقق أرباحا كبيرة، فالمركز يجلب إليه آلاف الزبائن يوميا. وعن حرفائها أجابت «من كل الجنسيات، هناك البوسنيون، ومن الدول المجاورة، ومن تركيا، وعدد كبير من السياح العرب، والاوروبيين وغيرهم».

وعن أنواع العطورالمتوفرة بالمحل قالت «جميع أنواع العطور الفرنسية، والايطالية، والالمانية، والتركية، ولدينا عطور محلية منافسة يقبل عليها الأجانب « واستشهدت بعدد العاملات معها في المحل الصغير نسبيا والذي لا تزيد مساحته عن 10 أمتار مربع « يعمل معي 6 عاملات، وأنا لا أبيع العطور فقط فلدي كما ترون مواد تجميل وكريمات مختلفة وغيرها».

في مركز «بي بي آي» للتسوق، هناك أجانب زاروا البوسنة سواء للسياحة، أو للعمل التطوعي، فأغرتهم سراييفو بالبقاء فيها كالأميركية، كيسي (47 سنة) والتي تعمل مع زوجها في محل لبيع مواد التنظيف الطبيعية، وقالت كيسي في ردها على سؤال وجهته لها «الشرق الأوسط» باستغراب، كيف يلجأ الناس في بعض البلدان إلى الولايات المتحدة وتختار هي وزوجها العيش في سراييفو قالت «زرت سراييفو قبل 15 عاما، أثناء الحرب أو نهاية الحرب، وكنت أعمل في مؤسسة إغاثية، فأعجبني الناس والمدينة وقررت المكوث بينهم، وبعد ذلك أقنعت زوجي بالعيش هنا». الأشياء التي تبيعها كيسي قادمة من فرنسا، وهي مواد غسيل، واستحمام، وصابون مستخرج من الطبيعة كما تقول. وخلاف أماكن أخرى، هناك اجماع داخل مركز «بي بي آي» على أن الأمور «عال العال» وتسير بشكل يبعث على الارتياح «لدينا العديد من الزبائن القارين والكثير من الزبائن الجدد». ومن الصابون الفرنسي، إلى الصابون البريطاني، فالبقرب من محل، كيسي، محل يبيع مواد تبدو لمن لا يعرفها كما لو كانت أشكالا من الجبن، سواء بشكلها الكروي تماما، وصغير الحجم، أشبه ما تكون بكرة المضرب، وأخرى في أشكال اسطوانية ومحلقة، كطريقة عرض الجين تماما.

وقالت صاحبة المحل وتدعى أميلا (38 سنة) بأريحية تامة «العمل جيد، وهناك أرباح مجزية، فما لدينا لا يوجد في مكان آخر، مثلا لدينا صابون أحواض السباحة، وأحواض الاغتسال، وقد جربت هذه الأنواع لذلك أبدو صغيرة». كما تبيع أميلا إلى جانب ذلك مواد التجميل، ومرط نسائية (غطاء الرأس أو الفولار أو المحرمة، محارم، تشادور، إلخ).

عالم آخر موجود في مركز «بي بي آي»، وهو عالم الساعات السويسرية باهضة الثمن، لكن الجميع هنا مرتاح لسير العملية التجارية، كما لو كان في مكان آخر من العالم، أو بالأحرى في عالم آخر. عامر (30 سنة) متزوج وليس له أبناء، لديه محل لبيع الساعات في مكان بارز داخل المركز، بدأ حيثه لـ«الشرق الأوسط» عن شهرة المركز وقصة حصوله على المرتبة الأولى أوروبيا «هذا أمر جيد بالنسبة لنا، فالاوروبيون سيعرفون المركز أكثر من خلال هذا التكريم، وسيقدمون للشراء من هنا عندما يأتون للسياحة، ونحن لاحظنا أنهم يشترون سلعهم أيضا من هنا».

وعن سير العمل أفاد «العمل في هذه الفترة يشهد ركودا نسبيا مقارنة بنهاية العام، فالكثير من الناس أنفقوا أموالا كثيرة، وهم لا زالوا في بداية السنة، ولكننا نتوقع أن تعود الامور إلى سالف عهدها في الربيع، عموما نحن راضون».

وكانت أسعار بعض الساعات مشطة بعضها يصل إلى 1200 يورو، فسألناه باستغراب «هل يشتري الناس هذه الساعات» فأجاب «بعض الناس، وليس كل الناس، فالأغلبية تنفق القليل الذي لديها على الخبز والحليب».

ومن الساعات إلى الملابس، ومحلات بيع الماركات العالمية، وكان في احدى هذه المحلات موظفا استقبال، هما سرجان (28 سنة) وميلكا (25 سنة) يبدو أنهم كرواتيان أو صربيان «من البوسنة أو الدولتين المجاورتين صربيا وكرواتيا» أو سلوفينيان، فالسؤال عن جنسيتهما، سيكون محرجا في منطقة تشهد بعض التوتر العرقي. قال سرجان «أنا جديد هنا، وستجيبكم ميلكا فهي موجودة في المحل منذ افتتاح المركز. بدأت ميلكا باستعراض الأنواع التركية، والأميركية، والايطالية، والبريطانية، والفرنسية، والألمانية، والبوسنية من الملابس، معاطف، سترات، أقمصة، ربطات عنق، سراويل، وغيرها. كما استعرضت الأنواع التي عليها اقبال أكثر من غيرها« الكثير من الناس يقدمون من أماكن بعيدة للشراء من عندنا لانه لا توجد بضائع أصلية سوى في هذا المكان».

وأوضحت ميلكا بأن 10 عمال يعملون في هذا المحل، وهذا لوحده يكفي للايحاء بحجم الأرباح التي يجنيها. وتتراوح أسعار بعض الملابس المعروضة بين 200 إلى 700 يورو. وكان نهاية جولتنا بمركز «بي بي آي»، مدير المركز عامر بوكفيتش، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» على أن «مشروع «بي بي آي» سنتر، حقق ما لم نكن نتوقعه، فبمبلغ 10 ملايين يورو، حققنا نجاحا غير مسبوق، ومشجع لأجواء الاسثمار في العقار بالبوسنة».

وتابع «هذا المشروع تجاوزت قيمته حاليا ميآت الملايين من اليوروات، ونحن سعداء جدا لإقامته»، مضيفا «حصل المركز كما تعلمون على المرتبة الأولى أوروبيا، كما نال جائزة من مؤسسة التقييم العقاري أو ما شابه ذلك في الولايات المتحدة الأميركية، وهذه من ثمار جهود البنك الاسلامي للتنمية، وبنك دبي الاسلامي، وبنك أبو ظبي الاسلامي، وكل هذه الجهود مع الجهود المحلية أنجزت مركز بي بي آي للتسوق».