جدة: خريجات دار الحكمة يصممن مشروعات لخدمة فئات المجتمع

يسعين إلى تقديمها للجهات المعنية وبدء تنفيذها على أرض الواقع

إنشاء مركز تعليم قيادة السيارات للسيدات
TT

11 مشروعا سعوديا تخدم فئات المجتمع أثبتت تواجدها بشكل لافت خلال معرض التصميم الداخلي الذي نظمته كلية دار الحكمة للبنات في جدة الأسبوع الماضي، الذي كان نتاجا لمشاريع تخرج طالبات قسم التصميم الداخلي بالكلية حصلن من خلالها على شهادة البكالوريوس، وذلك بعد ترجمة تصميماتهن على خرائط ولوحات تمهيدا لتنفيذها بشكل مبدأي على مساحة تتراوح ما بين 1550 و2500 متر مربع.

معرض التصميم الداخلي، كان بمثابة بوابة لبدء استقبال الخريجات عروضا وظيفية من قبل الشركات التي كانت موجودة على مدى يومين متتاليين، إضافة إلى أنه يعد نواة لإمكانية تبني المشاريع المعروضة به من قبل الجهات المعنية والقيادة العليا، ولا سيما أن تلك المشاريع تصب بمجملها في خدمة المجتمع السعودي.

فئة المتقاعدين كانت هي المستهدفة من الدرجة الأولى في مشروع إنشاء ناد للمتقاعدين يستوعب أكثر من 50 فردا، والذي قامت بتصميمه الداخلي الخريجة رندا الوهيبي ليحتل موقعا بجدة في ظل عدم وجود أماكن متكاملة تهتم بهذه الفئة.

وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يحوي تصميم النادي جلسات ترفيهية يستطيع من خلالها رواد النادي لعب بعض الألعاب مثل الشطرنج والورق، إلى جانب مكان مخصص للبلياردو، وآخر للاسترخاء وعيادة صغيرة، عدا عن مساحة لممارسة الرياضة ومطعم صغير»، لافتة إلى أنه من المفترض أن يطل النادي على شاطئ البحر.

وأشارت إلى أنها تنتظر من يتبنى فكرتها للبدء في تنفيذها على أرض الواقع، ولا سيما أن كافة المشاريع التي تم عرضها في المعرض تخدم بالدرجة الأولى فئات مجتمعية مختلفة - بحسب قولها.

الخريجة رانية غسان حمادة، يتمثل مشروعها في تصميم مركز نموذجي لتدريب المعوقات من ذوات الاحتياجات الخاصة وذوات الإعاقة السمعية والجسدية وتأهيلهن إلى دخول سوق العمل. وأبانت أن ملاحظتها عدم وجود جهاز مخصص لتدريب المعاقات قادها لتنفيذ فكرة مشروع المركز كي يكون أول جهة لتدريب وتأهيل الفتيات المعوقات وتعليمهن إحدى المهن من أجل المشاركة في التنمية، ودمجهن في المجتمع، من خلال تجهيزهن بقدرات خاصة للمنافسة على العمل في المجالات المهنية. وذكرت أن المشروع جاءت فكرته خلال اطلاعها على إحصائيات خاصة بالنساء من ذوات الاحتياجات الخاصة على مستوى مدن السعودية، حيث تشكل هذه الفئة نحو 4 في المائة من تعداد السكان، مما يتطلب التحرك السريع من أجل خروج هذا المشروع إلى النور بدعم من القطاع الخاص، مبينة أنه استثمار مربح جدا يجمع بين الجانبين التعليمي والتجاري. تنفيذ مشروع إنشاء مركز نموذجي لتدريب المعوقات تطلب من صاحبته القيام بزيارة ميدانية لعدد من الجمعيات النسائية، من ضمنها جمعية الفيصلية النسائية بجدة، وعدد من القطاعات ذات العلاقة بقضايا الإعاقة والمعوقين، مشيرة إلى أن مشروعها الجديد يراعي الحالة الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لتلك الفئة.

وحول أهمية إنشاء هذا المركز، علقت بالقول: «سوف تتاح أمام منسوبات المركز من ذوات الاحتياجات الخاصة والإعاقات السمعية والجسدية فرصة التعليم والتدريب لتعلم حرف يدوية من بينها أعمال الفسيفساء والتطريز اليدوي، عدا عن فرصة بيع هذه المنتجات داخل المراكز أو في المراكز التجارية».

وأكدت على أن مشروعها لإقامة أول مركز مهني للتدريب للمعوقات يتطلب استجابة القطاع الخاص بهدف إقامته في إحدى المناطق المميزة بجدة، وبالقرب من الخدمات، إضافة إلى أنه سيكون مجهزا على مستوى عال للتدريب، كون مساحاته تغطي ورش عمل وفصولا دراسية وخدمات ترفيهية وناديين أحدهما رياضي وآخر اجتماعي.

ومن منطلق الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة أيضا ودمجهم مع أقرانهم الأسوياء في المجتمع بشكل صحيح، جاءت فكرة مشروع الخريجة ديما المهاوش المتمثلة في تصميم صالة المغادرة الدولية بمطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة، وذلك بعد بحثها في تصميمات إنشاء المطارات باليابان ودول شرق آسيا بشكل عام.

وقالت ديما لـ «الشرق الأوسط»: «إن مطار المدينة المنورة بحاجة إلى الكثير من التعديلات في هذه الناحية، وهو ما جعلني أراعي تهيئة مرافق الصالة لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تصميم مقاعد مخصصة لهم ودمجها مع المقاعد الأخرى التي يستخدمها الأسوياء، إضافة إلى تهيئة الكاونترات لهم كي يخدموا أنفسهم بشكل ذاتي دون الاعتماد على الآخرين».

«الحديقة الخضراء» هو اسم لمشروع قامت بتصميمه الخريجة إسراء الغامدي والذي يستهدف شريحة المجتمع بشكل عام في ظل انشغال سكان المدينة بالحياة المدنية وابتعادهم عن الزراعة والاهتمام بالبيئة - بحسب قولها.

وأضافت: «يتكون المشروع من مساحة كبيرة تتيح للناس زراعة ما يرغبون به من نباتات، خصوصا أن التصميم يشمل أيضا أماكن لتعليم مبادئ الزراعة الصحيحة وأخرى لتنسيق الزهور ومعدات الزراعة، عدا عن ركن للأعشاب»، موضحة أن الحديقة الخضراء تحوي أيضا مقهى يستفيد منه روّادها.وجاء مشروع الخريجة سماهر الصيعري ليحكي تصميم نادي الفروسية كونها ترى أن هذه الرياضة مهمة جدا، غير أنه لا يوجد مكان جيد يليق بممارستها –على حد قولها.

وقالت لـ «الشرق الأوسط»: «يحتوي النادي على كافة الخدمات التي يحتاجها الزوار والخيّالون ومالكو الخيل، إضافة إلى جزء يتم فيه عرض تاريخ رياضة الفروسية في السعودية منذ القدم، ومنطقة مخصصة للأطفال، عدا عن مقهى يطل على ساحة السباق، ومنصة خاصة بالنساء فقط».

وبينت أنها زارت العديد من نوادي الفروسية داخل السعودية وخارجها لإجراء دراسات مبسطة ومن ثم الخلوص بتصميم يجمع كل ما ينقص تلك النوادي وما تتميز به، مؤكدة أنها ستسعى لتقديم مشروعها إلى الجهات المعنية تمهيدا لتنفيذه على أرض الواقع.

مشروع «الشاطئ الذهبي» المخصص للنساء كانت صاحبته الخريجة روان داغستاني والمتمثل في إقامة ناد متكامل يحتل أجزاء من شاطئ البحر للنساء فقط، باعتبار أن المجتمع السعودي محافظ، مما يجعل المرأة السعودية أولى وأجدر بالاستمتاع بالبحر وفق تعاليم الدين الإسلامي.وقالت في اتصال هاتفي لـ «الشرق الأوسط»: «يحوي مبنى النادي كافة الأنشطة التي تحتاجها المرأة من مساج وأجهزة رياضية وغيرها، إلى جانب تخصيص أماكن من الشواطئ لألعاب الأطفال»، مبينة أن فكرة المشروع جاءت لتخدم فئة ليس بمقدورها شراء منزل على البحر أو استئجار شاليه – بحسب قولها.

وفي خطوة قد تعد الأكثر جرأة، قامت الخريجة ريم عودة بتصميم كامل لمركز تعلم قيادة السيارات للسيدات، رغم الجدل الكبير الذي ما زالت تشهده الأوساط السعودية حول السماح للمرأة بقيادة السيارة.

وأكدت خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنها قامت بإجراء العديد من الحوارات حول حق المرأة في قيادة السيارة، إلى جانب معاناتها الشخصية من إشكالية المواصلات إذا ما أرادت الذهاب لموعد عمل أو الكلية أو حتى لزيارة صديقاتها.

وأضافت: «لطالما تعرضت الكثير من النساء إلى مواقف صحية طارئة اضطرتهن لقيادة السيارة نتيجة عدم وجود رجل في منازلهن، عدا عن كوني أحببت القيام بما هو جديد ومفيد في آن واحد».

وأشارت إلى أن المرأة وإن لم تكن ستقود السيارة بقرار رسمي، إلا أنها بإمكانها تعلم القيادة في المركز وسط بيئة توفر لها ذلك بعيدا عن الاختلاط ومن ثم الحصول على رخصة قيادة دولية خارج السعودية.

وزادت: «لا تقتصر خدمات المركز على تدريب النساء فقط، وإنما يحوي مرافق لتغيير شكل السيارات وإضفاء طابع أنثوي عليها، إلى جانب أنه يشمل غرف محاكاة وفصول تدريبية»، مشيرة إلى أن المركز في تصميمه الأولي سيستوعب ما يقارب 15 سيدة، غير أنه في حال تنفيذه على أرض الواقع فإنه سيتم توسعته.

وحول مراعاة خصوصية المرأة السعودية أثناء إنشاء ذلك المركز، أفادت ريم عودة بأن مهمة الإشراف على المركز ستقوم بها امرأة بما في ذلك طاقم العمل من مدربات ومصممات إلى الإداريات، عدا عن كونه معزولا وغير مفتوح.

واستطرت في القول: «ما يميز المشروع هو أنه يحاكي شوارع جدة بكل عناصرها من أعمدة إنارة وأرصفة ولوحات إرشادية وإشارات مرورية وشوارع، إلى جانب الطبيعة الخلابة»، موضحة أنها عمدت إلى مزج تلك المرافق بعناصر الحماس والأنوثة التي تتلاءم مع طبيعة النساء.

دانيا العراقي، إحدى الخريجات التي قامت بتصميم أول مشروع لإقامة مطعم حجازي ومدرسة لتعليم فن الطهي للأطعمة التراثية ذات الشهرة الواسعة في منطقة الحجاز بالسعودية.

وتؤكد أن فكرتها نبعت كون معظم المطاعم الموجودة في مدينة جدة بحاجة إلى أن تنفذ بشكل يجذب الزائرين والسياح لهذه المدينة، ولا سيما أن المدن العربية بالذات وربما الأوروبية أيضا تشتهر بوجود مطاعم متخصصة في تقديم هذا النوع من المأكولات التراثية التي تشتهر بها.

وأضافت: «أن اغلب هذه المطاعم يرتبط فيها التصميم الهندسي والديكورات بتراث المدينة المقامة فيها، وهو ما جعلني أصمم المشروع بشكل يغلب عليه الطراز الحجازي في جميع أركانه وأجنحته، إلى جانب أنه يحكي قصص وحكايات الماضي الجميل مع ربط ذلك بالتصاميم الحديثة مما يجعله متميزا ومتفردا ومعلم من معالم مدينة جدة وعاداتها وتراثها وتقاليدها».

تصميم متحف الملك عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية، قامت به الخريجة هند السلمي التي أكدت على أهميته باعتباره سيضم سيرة وتاريخ ومقتنيات مؤسس وباني هذه النهضة الملك عبد العزيز يرحمه الله، مبينة أن وجود هذا المتحف النموذجي سوف يعطي الأجيال القادمة فكرة تاريخية موثقة عن هذه الشخصية البارزة في حياة تأسيس المملكة العربية السعودية. وكان الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة قد افتتح منذ نحو أسبوعين ماضيين معرض التصميم الداخلي لخريجات الدفعة التاسعة للعام الدراسي2010 – 2011 في كلية دار الحكمة للبنات بجدة، والذي استمر لمدة يومين متتاليين. واكتفى الدكتور عبد العزيز الخضيري خلال حديثه لـ «الشرق الأوسط» بالقول: «إن المشاريع التي تم عرضها تعتبر ممتازة، ولو لم تكن كذلك لما حرصت شخصيا على افتتاح هذا المعرض.» من جهتها، أوضحت الدكتورة سهير القرشي عميدة كلية دار الحكمة للبنات في جدة أن الأجيال القادمة من الخريجات السعوديات يحملن العلم والعمل والتخطيط، وهو ما جعل هؤلاء الفتيات تترجمن ما يفكر فيه الأجيال حول المشروعات الخدمية في المجتمع من أجل التكامل والوصول إلى مصاف الدول الأكثر تقدما في التخطيط والبناء. و أكدت أن المعرض له أهمية خاصة كونه يمكن الطالبات من تطبيق ما تمت دراسته خلال سنوات دراستهن بشكل عملي، إلى جانب مدى استعدادهن لسوق العمل، مشيرة إلى وجود طاقات إبداعية مرتفعة ينبغي على المجتمع استغلالها وتوظيفها فيما يتناسب معهن وإتاحة الفرص الوظيفية التي تستثمر هذه الطاقات بشكل منتج. وأضافت: «ما تم عرضه من مشاريع للخريجات يعود بالفائدة على القطاعات الخاصة والعامة، خصوصا وأن المعرض يحتوي على بعض المشاريع المعاد تصميمها في بعض المباني والمنشآت والقطاعات العامة بشكل يهدف إلى إفادة مستخدميها».