إطلاق قطارات مهجنة بتقنية الطائرات

الجيل الجديد من القطارات الألمانية يتجاوز سرعة 400 كم/ساعة بسهولة

صورة وزعها المركز الألماني للرحلات الجوية والفضائية لأحد القطارات السريعة
TT

أعلنت دائرة السكك الحديد الألمانية عن قرب إطلاق جيل جديد من القطارات السريعة يمكنه تجاوز سرعة 400 كم/ساعة بسهولة. وحسب مصادر الدائرة فإن «الجيل المقبل من القطاراتNext Generation Train (NGT)، سيجمع بين تقنية صناعة القطارات وتقنية صناعة الطيران، وتتعاون دائرة السكك الحديدية مع المركز الألماني للرحلات الجوية والفضائية على تصنيعه.

وتعول دائرة السكك على سلسلة قطارات NGT المهجنة في برنامج التحول البيئي وتقليل غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينطلق بكثرة من عوادم الطائرات ومحركاتها. كما ستكون القطارات السريعة بديلا حقيقيا للمسافرين في المسافات المتوسطة والقصيرة وخصوصا داخل ألمانيا وداخل أوروبا، وخصوصا فرنسا وبريطانيا والدنمارك.

وذكر زيغفريد لوزة، من المركز الألماني للرحلات الجوية والفضائية، أن قطار NGT يتألف من طابقين، يتجاوز سرعة 400 كم/ساعة دون أن يتعرض إلى أي مخاطر، كما أنه يستهلك طاقة أقل بكثير مما يستهلكها الجيل الثالث والأخير من القطارات السريعة المسماة ICE3. فقطارات NGT تستهلك 50% طاقة أقل مقسومة على كل مسافر، ولا تطلق كثيرا من الضجيج، بل وتعتبر «هامسة» قياسا بالأجيال الأخرى من القطارات، كما أنها أكثر ثباتا وأمنا. وسيضع فريق العمل النماذج الأولى من قطارات NGT تحت تصرف السكك الحديدية حال الانتهاء من بنائها في القريب المنظور.

وأضاف لوزة أن هدف المهندسين الألمان هو الوصول إلى قطار يسير بسرعة طيران الطائرات. فقطارات NGT عبارة عن «طائرات أرضية»، استخدم المهندسون معادن متينة وخفيفة في بنائها، كما حسبوا تأثير الريح عليها، وصمموا أبدانها مثل الطائرات كي تعمل على استخدام تقنية الآيروديناميك.

ويعرض تصميم القطار من طابقين عادة القطار إلى الاضطراب أو الانقلاب عند الانطلاق بسرعة عالية، بسبب تيارات الهواء، لكن المهندسين عملوا على قياس هذه التيارات وكيفية التحكم فيها، وخصوصا عند مداخل ومخارج الأنفاق، وبالتالي بناء قطار أكثر ثباتا من قطار الطابق الواحد.

وأشار لوزة إلى أن المهندسين اليابانيين توصلوا إلى قطارات تزيد سرعتها على 380 كم في الساعة إلا أن زجاج هذه القطارات كان يتهشم عند بلوغ السرعة العالية، وخصوصا عند عبور الأنفاق أو الخروج منها، كما كانت الأحجار والقطع المعدنية قرب السكك ترتفع إلى الأعلى، بفعل تيارات الهواء، وتضرب المناطق الحيوية من بدن القطار، لكن هذا لا يحدث مع قطارات NGT. إذ درس المهندسون الألمان هذه الظاهرة ونجحوا في افتعال تيارات هوائية ضاغطة تكبس الأحجار على الأرض، كما أنهم، وزيادة في الاحتياط، غلفوا المناطق المهمة من أجساد القطارات بمعادن مدرعة.

هذا لا يعني أن تقنية صناعة السيارات لم تدخل في صناعة جيل NGT الأول، لأن المهندسين صمموا عربات المقدمة كالسيارات لتقليل ضغط الهواء، كما زودوا القطارات بإطارت مطاطية رقيقة (خالية من الهواء) لتقليل الضجيج الناجم عن الاحتكاك، واستخدموا تقنية فرامل السيارات لوقف انطلاق القطار.

إن أي قطار يسير بسرعة 300 كم/ساعة بحاجة إلى مسافة 3 كم حتى التوقف التام بعد كبس الفرامل، لكن قطارات NGT تحتاج إلى نصف هذه المسافة فقط. وزود التقنيون القطار بنظام فرامل يقلل سرعة القطار أو يوقفه أوتوماتيكيا دون تدخل سائق القطار. ويعمل هذا النظام مع الأقمار الصناعية التي تراقب مسار السكك وتحذر الكومبيوتر في القطار خلال ثوان. هذا يعني أن القمر الصناعي يحذر القطار قبل 5 كيلومترات من موقع الخطر ويترك ما يكفي من الوقت للسائق، أو للفرامل الآلية للتدخل.

معروف أن ألمانيا تأخرت في مجال بناء القطارات السريعة أمام فرنسا في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. ودخلت القطارات السريعة الخدمة في ألمانيا عام 1991 فقط، لكنها تمكنت مطلع الألفية الثالثة من إطلاق الجيل الثالث الذي تصل سرعته 320 كم/ساعة، وهو جيل لا يزال يعمل حتى اليوم.

ويرى لوزة أن الجيل الثالث من القطارات السريعة ICE3 استطاع اللحاق بعربة التقنيات الفرنسية، لكن الجيل المقبل من القطارات السريعة NGT سيحقق التفوق في هذا المجال للتقنيات الألمانية.