موسيقى كلاسيكية ومعاصرة وتراثية.. من القاعات المغلقة إلى الساحات العامة السورية

من خلال مشروع ينطلق من دمشق إلى باقي المدن

عروض فرق «موسيقى على الطريق» في الحدائق والساحات العامة («الشرق الأوسط»)
TT

يعتبر الكثير من المتابعين والمهتمين أن عام 2008 كان عاما مفصليا في حركة الفرق الموسيقية السورية وجمهور الموسيقى السوري بمختلف شرائحه. فقبل هذا العام كانت معظم حفلات هذه الفرق تتم في القاعات المغلقة ودار الأوبرا والمسارح ودور السينما وغيرها، ولكن ومع حراك الشباب الموسيقي السوري تغير الوضع قبل سنتين لتنطلق هذه الفرق من الأماكن المغلقة إلى الهواء الطلق ومن أزمنة متباعدة إلى مواعيد ثابتة بات الجمهور الثقافي والموسيقي السوري يحفظها بدقة.

الحكاية أن مشروعا طموحا أطلقه عدد من الشباب الموسيقي السوري بنقل الموسيقى إلى الشارع من خلال مشروع أطلقوا عليه اسم «موسيقى على الطريق» تبنته جمعية صدى الموسيقية الثقافية السورية الأهلية غير الربحية ومولته محافظة دمشق وجاءت ساحات وحدائق وميادين المدينة مكانا له والزمان مساء كل يوم جمعة دون انقطاع إلا لفترة راحة بسيطة ما بين نهاية عام وبداية عام آخر. وما يقدم هو موسيقى شرقية وغربية وأوركسترا وتراث وموسيقى شبابية ذات الرتم القوي الصاخب أحيانا.

ولكن ماذا عن نشاطات المشروع الموسيقي القادم خاصة أنه سيطلق حفلاته إلى مدن سورية أخرى مع العاصمة دمشق؟

الموسيقي السوري شربل أصفهان، مدير مشروع «موسيقى على الطريق»، يجيب عن ذلك شارحا أهمية هذا المشروع الموسيقي الشبابي قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الهدف من المشروع زيادة رقعة المتذوقين للموسيقى وتنمية الحس الجمالي لدى الناس من خلال متابعتهم للموسيقى في أماكن عامة ومفتوحة كالحدائق والساحات وكذلك دعم الموسيقيين السوريين بشكل مباشر. وكانت البداية متواضعة في عام 2008 حيث قدمنا 13 عرضا موسيقيا لثلاث فرق موسيقية، والسبب أنه لم تتوفر لدى المشروع في ذلك العام ومع انطلاقته تقنيات واسعة وليس لدى هذه الفرق حجم صوتي يسمعه الناس بشكل جيد».

ويتابع شربل، أن المشروع الحقيقي بدأ في العام التالي 2009 حيث قدم في هذا العام 98 عرضا لـ33 فرقة موسيقية ومعظم أعضاء هذه الفرق هم من خريجي المعهد العالي للموسيقى ولديهم أجندتهم ومشاريعهم الموسيقية الخاصة، وكان الهدف في نشاطات المشروع في هذا العام هو تثبيت الشكل التقليدي للمشروع وهو أن تعزف الفرق في أماكن عامة، بينما في العام الماضي 2010 فقد تطور المشروع كثيرا حيث قدم 110 عروض لـ65 فرقة موسيقية. هذا دليل على حراك موسيقي سوري، فقد أتاح المشروع للشباب تقديم نتاجهم الموسيقي سواء للتجارب الجديدة أو تلك الناضجة موسيقيا وليأخذوا هويتهم الموسيقية في الساحة الثقافية السورية.

يرى شربل أن هناك أشياء جديدة قدمت من خلال هذا المشروع بعد نضجه مؤخرا وظهور هويته الحقيقية ومنها دمج فنون أخرى مع الموسيقى مثل تظاهرات «رحلة بصرية» التي قدمت عبر خمسة عروض متتالية، حيث تم دمج فنون بصرية مع الموسيقى سواء كانت أفلاما أو تصويرا ضوئيا أو عرضا حركيا، «عملنا أيضا تظاهرة (حكايات مكشوفة) حيث تم فيها الدمج ما بين المسرح والموسيقى أي تقديم عروض تفاعلية موسيقية مسرحية، وهناك تظاهرة (يحكى في سورية) التي تسلط الضوء على اللغات القديمة المحكية في المناطق السورية مثل الآرامية والسريانية والكردية وغيرها، حيث أكدت هذه التظاهرة أن هذه اللغات المتنوعة في سورية ما زالت تحكى وتغنى في الحياة اليومية بشكل عام».

وماذا عن أنشطة مشروع موسيقى على الطريق للعام الحالي 2011. يوضح شربل: «نحن عادة نوقف نشاطات المشروع في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) من كل عام لينطلق مع أواخر شهر مارس (آذار) المقبل وذلك للتحضير للأنشطة القادمة».

يتابع شربل: «جديدنا للعام الحالي وبسبب نجاحه موسيقيا واجتماعيا هو نقل أنشطة المشروع لكل محافظات سورية حيث سنقدم حفلات موسيقية في حدائق وساحات مدن سورية. لقد أعطى المشروع شكلا مختلفا للمدينة صارت أكثر عصرية حيث الموسيقى موجودة في كل جنبات دمشق. هناك 4 عروض موسيقية كل يوم جمعة، حتى تلقي الجمهور اختلف، فقبل 3 سنوات كان الناس يستغربون أن يقدم عرض موسيقي في الشارع. الآن صار لدينا جمهور ينتظر العروض كل يوم جمعة وهذا يعني أن الموسيقى تحترم ذائقة المستمع وصار الجمهور على دراية بمستوى الفرق الفني وصار هناك رواد لهذه الأماكن كتقليد أسبوعي نطمح لنشره في كل سورية، ولكن حسب الإمكانيات وخاصة التمويل حتى يصل النتاج الفني لكل المناطق السورية. سنطرق كل الأبواب في المحافظات وما سيفتح لنا منها سنكون جاهزين لتقديم حفلاتنا الموسيقية فيها. لقد صار لدينا خبرات في هذا المجال من خلال الأجدى والأنفع والأولويات».

ولكن لماذا يوم الجمعة لتقديم عروض «موسيقى على الطريق»؟ يبتسم شربل: «ببساطة لأنه يوم عطلة وفي هذا اليوم يخرج الناس إلى الحدائق العامة ويكون الطقس عائليا، ولذلك نستثمر هذا الوجود الأسري لنقدم الموسيقى بمختلف أشكالها وأنواعها ومجانا لهؤلاء الناس».