الشيخوخة تطال أشهر اللوحات الفنية

«عباد الشمس» لفان غوخ أول ضحاياها

TT

الشيخوخة شر لا بد أن يطال حتى أشهر اللوحات الفنية المحفوظة في أفخم المتاحف، وإلا فبماذا نفسر التغيير اللوني الذي اعترى لوحات «عباد الشمس» للفنان الهولندي فان غوخ.

في دراسة دولية متقصية أشرفت عليها جامعة أنتويرب البلجيكية تم إجراء عدد من التجارب لمعرفة أسباب التغيير الذي اعترى اللون الأصفر في بعض أجزاء من لوحات «عباد الشمس» فانطفأ بريقه وأصبح داكنا أميل للبني.

وكانت مجموعة الدارسين التي استحال عليها بالطبع إخضاع اللوحة نفسها للدراسة فاستبدلتها مستعينة بخلط مجموعة من الأصباغ التي تعود لذات الفترة تم الحصول عليها من المتحف الملكي بأنتويرب ومزجها بالطريقة التي مزج بها فان غوخ ألوانه «أصفر مع أبيض» ومن ثم تم عرضها لمدة 3 أسابيع تحت موجات من الأشعة فوق البنفسجية للكشف عما يمكن أن يحدث عن عمليات تحلل كيميائية وأثرها على اللون.

وكان أن ظهر تغيير واضح في الألوان شبيه كل الشبه بما تحدثه الشيخوخة من تغييرات فيزيولوجية تطيح بنضارة وحيوية الجلد شيئا فشيئا حتى في أكثر الوجوه نضارة وإشراقا.

هذا وكان فان غوخ قد رسم في فترة عام واحد، 1888 - 1898 نحو 12 لوحة جميعها لزهرات من عباد الشمس بصورة تجسد دورة الحياة مستعينا على ذلك بمزج الألوان خاصة الأصفر والأبيض.

ورغم ما اكتسبته اللوحات من أهمية في عالم الفن التشكيلي الانطباعي لروعتها وبساطتها وقدرتها على عكس آثار الضوء ولكونها مفعمة بالمشاعر والعاطفة فإن سبب رسمها ما يزال أمرا مختلفا عليه، إذ يقول البعض إن فان غوخ رسمها كعربون صداقة واعتذار بعد خلاف عميق حدث بينه وبين صديقه الفنان بول غوغان الذي يتهمه باحثون بأنه بسيف قطع جزءا من الأذن اليمنى لفان غوخ فيما تشير روايات أكثر تداولا إلى أن فان غوخ هو الذي قطع أذنه بشفرة حلاقة ثم لف ما قطع في ورقة سلمها لمومس معروفة حينذاك طالبا منها «أن تحافظ على هذا الكائن» ثم عاد لينوم في بحر من الدماء.

وكان فان غوخ يرغب أن يعود غوغان ليعيش بجانبه في مدينة أرليس الفرنسية التي ارتحل إليها وحاول أن يخلق منها مجمعا لرصفائه من الفنانين، وفي خطاب بعثه لشقيقه ذكر أنه زين استوديو لغوغان بلوحات من عباد الشمس رصها على جدران طلاها باللون الأبيض.

هذا فيما كتب في خطاب آخر بعث به لشقيقه ثيو الذي كانت تربطه به علاقة خاصة لا سيما أن ثيو رعى فان غوخ مرارا أثناء نوبات الصرع والقلق النفسي التي كانت تعتريه، في ذلك الخطاب كتب ما يمكن أن يدلل على أنه رسم هذه اللوحات لإعجابه شخصيا بزهور عباد الشمس ولونها المتميز وقدرتها على التفاعل والتأثر بالمحيط من حولها مشيرا إلى أنها رسومات لا يملك المرء إلا أن يحبها كلما أمعن النظر فيها وأنها تتغير بتغير الشخصية.

وفي سياق مواز لا يزال فريق العمل الدولي بجامعة أنتويرب يبحث بالتعاون مع جامعة غرونبل الفرنسية عن أحسن الوسائل الممكنة للحفاظ بصورة طبيعية على عباد شمس فاإن غوخ وحماية لونه المميز من عاديات الزمن وآثار الشيخوخة لتستمتع به الأجيال اللاحقة.