ازدياد ثقة الإنجليز بمأكولاتهم مع احتلال لندن مكانة مميزة في خريطة الطعام

المفوضية الأوروبية تضيف «فطائر كورنويل» إلى قائمة الأطعمة الأوروبية المحمية

الفطائر التي كانت تقدم بشكلها التقليدي كوجبة غنية متكاملة لعمال المناجم وتقول بعض النظريات إنها جاءت أصلا من الشرق الأوسط
TT

من قال إن المطبخ الإنجليزي فقير، وإن المأكولات، إن وجدت، فهي سيئة المذاق؟ هذه الصورة السلبية عن طعامهم شيء تقبله الإنجليز لفترة طويلة ولا يناقشون فيه. لكن العاصمة لندن، التي أصبحت تحتل المراكز الأولى عالميا في عدد مطاعمها الفاخرة وتفتخر بأنها تحتوي على أكبر عدد من أشهر الطباخين في العالم، قد أعطت جرعة من الثقة لأهل بلدها. الأمر الذي جعل بعض المهتمين في صناعة الطعام وثقافته يدافعون عن بعض مأكولاتها التقليدية ويعملون على الحفاظ عليها وعلى اسمها من الضياع.

ونزولا عند رغبة هؤلاء فقد وافقت المفوضية الأوروبية المعنية بهذا الجانب من العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على إضافة «فطائر كورنيش» (أو كورنيش باستي نسبة إلى مقاطعة كورنويل الوقعة في الجنوب الغربي لإنجلترا) على قائمة الأطعمة التي لا يحق لأحد إنتاجها تحت نفس المسمى.

هذا النوع من الفطائر المحشوة بالبطاطس واللحم وبعض الخضار، أصبحت تصنع في مناطق مختلفة من أوروبا وتباع تحت هذا الاسم. لكن الحكم الذي صدر هذا الأسبوع من المفوضية الأوروبية، التي أصبح لديها قائمة طويلة من الأطعمة من مختلف الدول الأعضاء، يمنع ذلك، وينص القرار على أن هذا النوع من الفطائر يجب أن يبقى محددا بالطريقة التقليدية في إنتاجها وفي نفس المنطقة الجغرافية، أي مقاطعة كورنويل في الجنوب الغربي من إنجلترا.

وبعد إصدار القرار قال آلن إدلار رئيس «رابطة فطائر كورنيش» بتصريحات في بيان: «القرار يضمن من الآن فصاعدا نوعية تصنيع الفطائر في موطنها الأصلي، وهذا يحمي أطعمتنا، التي ما زالت في المقاعد الخلفية مقارنة مع قوائم طويلة من الأطعمة الأوروبية، مثل الفرنسية والإيطالية، الدولتان اللتان تتمتعان بقائمة طويلة من منتجات الأطعمة المحمية والمسجلة لدى المفوضية الأوروبية».

ومع هذا القرار أصبح لبريطانيا قائمة من الأطعمة وصل عددها إلى 42 منتجا، منها بطاطس جيرسي وقشطة كورنويل. الرابطة بدأت محاولتها لحماية الفطائر قبل تسع سنوات.

وتنتج الرابطة 87 مليون فطيرة في العام وتدر على المقاطعة ما قيمته 60 مليون جنيه استرليني في العام، وذلك من خلال 40 مخبزا في المقاطعة. وهذا ما اعتبرته الرابطة شيئا مهما جدا بالنسبة لاقتصاد المنطقة واستمرارية هذه المخابز.

وقال إدلار إن الحماية التي قدمتها المفوضية الأوروبية شيء مهم جدا للعاملين في هذه الصناعة. «هناك آلاف من الناس يعملون في هذه الصناعة والتي ستبقى مهمة جدا للأجيال المقبلة».

والقرار لا يعني أنه لا يمكن إنتاج هذه الفطائر في أماكن أخرى في العالم. لكن تمنع المفوضية أن تحمل الفطائر المنتجة خارج المقاطعة اسم «فطائر كورنيش».

وقالت الرابطة إن بعض المصنعين للفطائر بدأوا ينتجون أشكالا مختلفة منها، إذ يتم إغلاق أطرافها بعد تعبئتها بخلطتها التقليدية (البطاطا واللحوم البقرية والخضار) بحافة على سطحها الأعلى. أما الشكل التقليدي للفطيرة فتكون حافتها على جانبها ليظهرها على شكل هلال.

كما أن الخلطة المستخدمة في حشو الفطيرة في إنتاج هذا الطبق تتكون من قطع من اللحوم البقرية والبطاطا والبصل وخضار السويد مع البهارات والملح. وبعد إغلاق الفطيرة يتم دهنها ببياض البيض والحليب وهذا يحافظ عليها من التشقق ويعطيها لونا بنيا فاتحا عند طهيها.

وحسب الأبحاث التي عملت حول التاريخ الاجتماعي لبعض المأكولات البريطانية فإن الفطائر كانت تقدم كوجبة كاملة غنية لعمال المناجم. وبما أن أيدي هؤلاء تكون وسخة بسبب تعاملهم مع الفحم الحجري كان هؤلاء يمسكون بحافة الفطيرة، والتي يمكن رميها بعد تلوثها من أيديهم. وبالنسبة لهذه الفطيرة فإن هناك وثائق تبين طريقة التحضير التقليدية لها، ويعود ذلك إلى 1746 ويحتفظ بها في مكتب السجلات العامة في مدينة ترورو في المقاطعة.

وتقول بعض نظريات التاريخ الاجتماعي بأن أصل الفطيرة جاء من الشرق الأوسط وجاء بها التجار والقراصنة الذين حملوها معهم إلى الشواطئ البريطانية. وهناك بعض السجلات التي تبين أن تصنيعها يعود إلى القرن السادس عشر، كما أن أعمال الآثار تبين أن تاريخها يعود إلى أكثر من ثمانية آلاف عام.

المفوضية الأوروبية أعدت قوائم طويلة للأطعمة المتنازع عليها من قبل العديد من الدول الأعضاء. بعضها سجل وتمت حمايته وبعضها رفض. وسجلت إيطاليا بعض أجبانها مثل جبنة غورغنزولا وبعض النقانق في قائمة الحماية وكذلك بالنسبة لبعض المشروبات الفرنسية والأطعمة، كما سجلت اليونان جبنة الفيتا التي أصبح ينطبق عليها قوانين الحماية ولا يمكن إطلاق هذا الاسم عليها عند إنتاجها خارج اليونان.\