دورة تدريبية للعلاج بالدراما في بيروت تشرف عليها الممثلة زينة دكاش

المركز الثقافي البريطاني يدعمها ويستقدم جون برغمان للمساعدة في إدارتها

يستحوذ العلاج بالدراما على اهتمام شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين في عدة اختصاصات كعلم النفس والمسرح وعلم الاجتماع
TT

يعتبر العلاج بالدراما أو Drama therapie كما هو متعارف عليه عالميا إحدى أحدث الوسائل المعتمدة أخيرا في العالم للتخلص من المشكلات النفسية والتخفيف من حدتها لدى المصاب بها. وتشهد بيروت في الأيام القليلة المقبلة دورة تدريبية في هذا المجال يدعمها المركز الثقافي البريطاني فيها ويشرف عليها الاختصاصي في هذا العلاج جون برغمان من بريطانيا والممثلة زينة دكاش من لبنان وتملك نفس الاختصاص. وتأتي هذه الدورة بدعوة من المركز اللبناني للعلاج بالدراما الذي سبق أن أقام دورتين متشابهتين قبل ذلك. وتخصص هذه الدورة كسابقتيها صفوفا دراسية لتعلم فن العلاج بالدراما والذي استحدث في لبنان عام 2006 من قبل زينة دكاش.

ويلتحق في هذه الدورات كل من يرغب في التعرف إلى تقنية هذا العلاج عن طريق التدريب وكيفية تطبيقه عمليا على الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية.

وكانت دكاش قد طبقت هذا العلاج في مؤسسات لبنانية معروفة كسجن رومية ومركز «أم النور» للمدمنين على المخدرات وفي جمعية «كفى» الخاصة بالنساء المعنفات وغيرها.

ويأتي هذا العلاج من ضمن سلسلة علاجات مشابهة له كالعلاج بالموسيقى والرسم والرقص الذي لا يرتكز على التحدث عن المشكلة بل حول كيفية إخراجها من الأعماق عن طريق الإيماءات الفنية المتنوعة.

ولجون برغمان مشوار طويل في هذا المضمار إذ استخدم هذا العلاج داخل السجون البريطانية بغية أنسنة نظام السجون والعاملين فيها ولتحسين وضع السجناء وكيفية تعاملهم مع بعضهم البعض وهو من ناحية أخرى مدرب ومعالج بالدراما يعمل منذ أكثر من ثلاثين عاما في مجال العدالة الجنائية والصحة العقلية والنفسية كما أنه مؤسس لمركز stone wall arts production الخاص في تطبيق هذا العلاج في كل من الولايات المتحدة ورومانيا.

وتؤكد زينة دكاش أن هذا العلاج بات اليوم يستحوذ على اهتمام شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين، ولا سيما من طلاب الجامعات في عدة اختصاصات كعلم النفس والمسرح وعلم الاجتماع وكذلك من قبل بعض الأطباء النفسيين الذين يجدون رغبة في التعرف إلى هذا العلاج الجديد والذي يصب في تطوير مسيرتهم الطبية. وتوضح الممثلة اللبنانية التي كانت أول من طبق هذا العلاج في العالم العربي أن هذا الاهتمام يظهر واضحا من خلال ارتفاع نسبة الطلبات المقدمة للانخراط في الدورة التدريبية والتي وصل عددها هذا العام إلى نحو 300 طلب فيما لم تتجاوز 30 طلبا منذ سنتين.

وعادة ما يتم تطبيق هذا العلاج على جماعات تعاني من نفس المشكلة النفسية (مساجين ومدمنين ومعنفين وغيرهم) أو على أشخاص فرديين يعانون من مشكلة خاصة فيهم. ويساهم العلاج بالدراما أي من خلال ممارسة التمثيل في إلقاء الضوء على حقيقة المشكلة النفسية المطلوب معالجتها وكذلك على اكتشاف النفس بوضوح وبشكل سريع. ولا ترتكز هذه التقنية الطبية المستحدثة منذ فترة على الفضفضة والكلام بل على لعب دور المتسبب في وقوعها.

فإذا كان الزوج يعاني من مشكلة مع زوجته مثلا أو العكس فالعلاج يقضي بأن يجسد دور زوجته وهذا ما ينطبق عليها أيضا. وهذا التحول إلى الشخصية الأخرى تدفع بصاحب المشكلة أن يتعرف إلى نظرة وتفكير الآخر بالأمور الشائكة معه وكذلك إلى إدراك حقيقة أخطائه في الدرجة الأولى. وتستغرق هذه الجلسات نحو شهرين فيما اكتساب وتعلم هذا العلاج يتطلب حضور 7 دورات تدريبية.

وتوضح دكاش التي ستباشر قريبا في تطبيق العلاج بالدراما في مستشفيات الأمراض العقلية أن تطبيق هذا العلاج يمر بـ5 مراحل تبدأ أولا في تحفيز المجموعة التي يتألف منها أصحاب المشكلة الواحدة أو الصف التدريبي بعدها يتم تعليمهم أصول التمثيل وكيفية الاستماع إلى الآخر ثم معرفة كيفية الرد عليه وثالثا الاتصال الصامت بالآخر عبر النظرات وقراءة تعبير الوجه ورابعا البحث عن المشكلة المرادفة أو الثانوية التي تصاحب المشكلة الأساسية لديهم. أما المرحلة الخامسة وهي الختامية فيتم فيها تلخيص لكل ما اكتسبه صاحب المشكلة كتابة أو تسجيلا وهذا ما ينطبق أيضا على الملتحقين في دورة التدريب. وتثمر عن هذه التمارين عدة إيجابيات كالتمتع بالثقة في النفس والهدوء وتحدي الخجل ومواجهة المشكلة بمسؤولية بدل الهروب منها.

ويأتي لبنان في طليعة البلدان العربية التي استحدثت هذا العلاج وتتبعها الأردن فقط حتى الآن.

وكانت زينة دكاش قد قدمت فيلما سينمائيا يحمل عنوان twelve angry Lebanese قام بتمثيله 12 سجينا في رومية يعطي فكرة واضحة عن كيفية تطبيق هذا العلاج على المجموعات. وترى زينة دكاش الحائزة على شهادات عليا في فن المسرح أنه تم إخضاع المساجين الذين عولجوا بالدراما إلى اختبار نفسي أظهر تطورهم الاجتماعي والعاطفي والنفسي مقارنة بزملائهم الذين لم يخضعوا للتقنية نفسها.