نرجيلة «دليفري» في رام الله.. خدمة إلى باب البيت

«التليفون عليك والنرجيلة علينا»

وبالإضافة إلى توصيل النراجيل إلى المنازل، فإن عطا أخذ يوزع النراجيل أيضا في سهرات الأعراس والمناسبات الأخرى (أ.ف.ب)
TT

في مدينة رام الله في فلسطين لا حاجة للعائلات أن تغادر منازلها من أجل الحصول على سهرة نرجيلة في أحد مطاعم أو مقاهي المدينة التي تشتهر بكثرة مطاعمها، ورغم أن تلك غدت عادات لكثير من العائلات والأصدقاء، فقد أصبحت النرجيلة هناك مثل مأكولات أخرى، توصل إلى البيت تحت مسمى خدمات الدليفري.

ونجح محل الباشا الشهير في صنع النراجيل في البيرة في رام الله في الترويج لفكرة «النرجيلة البيتية»، إذ لا يتطلب الأمر أكثر من مكالمة هاتفية، حتى تصلك النرجيلة إلى منزلك مع كامل مستلزماتها، بما يشمل الفحم اللازم.

وقال محمد عطا، صاحب محل الباشا الذي اشترى مؤخرا مركبة مجهزة لتوزيع النراجيل على البيوت «النرجيلة عندي دليفري».

وتشق شاحنة «أفيكو» التي يملكها عطا شوارع رام الله، وهي توزع النراجيل على المنازل التي طلبتها لقضاء سهرة ممتعة. ويضع عطا على سيارته الكبيرة التي جهزت برفوف خاصة للنراجيل وكانون لشواء الفحم ومغسلة لاستخدام الماء وتنظيف النراجيل، أرقام هواتفه الجوالة والثابتة، مصحوبة بعبارة «التليفون عليك والنرجيلة علينا».

وأوضح عطا: «الشاحنة عبارة عن كوفي شوب كامل لكنه متحرك».

واشترى عطا السيارة بعدما وجد أن فكرته تلاقي رواجا كبيرا، وأصبح من الصعب عليه تجهيز النراجيل في المحل ونقلها بسيارته الخاصة.

ويكدس عطا عشرات النراجيل التي استجلبها من سورية ويقول إنها الأفضل داخل سيارته وعشرات الفخاخير التي تحوي أنواعا مختلفة من المعسل المصري والأردني بنكهات مختلفة تصل إلى أكثر من 30 نكهة، من بينها التفاح والنعناع والكيف والفخفخينا والسهم والحمضيات. وقال عطا: «كله ماشي، الناس أذواق ولها آراء مختلفة».

وأصبح وقت عطا ضيقا للغاية، وقال إنه يقضي جل وقته في تحضير وتوزيع وجلب النراجيل من المنازل. ويشكو عطا من أن الدخل الذي يجنيه من وراء فكرة النراجيل البيتية قليل، إذ يبلغ ثمن النرجيلة البيتية 20 شيقلا (نحو 6 دولارات) بينما تباع في المحلات من 15 شيقلا إلى 35 (أي من 4 دولارات إلى 10).

وقال عطا: «ثمنها متواضع، لكن هذا يمثل دعاية كبيرة لنا، لا أحد الآن بشهرة الباشا» (المحل الذي يملكه عطا).

والعام الماضي حصل محل الباشا على جائزة التميز والإبداع في إعداد النراجيل في استفتاء نظمته المحافظة.

وبالإضافة إلى توصيل النراجيل إلى المنازل، فإن عطا أخذ يوزع النراجيل أيضا في سهرات الأعراس والمناسبات الأخرى. وقال عطا: «لا نوزعها إلى المنازل فحسب، لقد وزعنا النراجيل في سهرات الأعراس وأعياد الميلاد وحفلات أخرى (..) النرجيلة تنتشر بشكل كبير وغير مسبوق».

ويمكن القول إن النرجيلة تحولت في الأعوام الماضية إلى ظاهرة في الضفة الغربية، وأصبحت جزءا من حياة كثير من العائلات الفلسطينية.

وتكتظ المقاهي والمطاعم في معظم مدن الضفة بالعائلات والأصدقاء الذين يقضون معا وقتا أطول بصحبة النرجيلة.

وبشكل يومي، يكتظ مطعم «ريم البوادي» في بيت لحم مثلا بالعائلات التي تأتي طلبا للنرجيلة. وقال نبيل ثلجية صاحب المطعم «الناس تبحث عن التغيير، منذ أعوام لم نكن نشاهد ذلك، لكن اليوم الجميع يأتون ويطلبون النرجيلة» وأضاف «أصبحت طقسا يوميا وملازما للعائلات والشبان». وأردف «كثيرون مثلا لا يمكن لهم متابعة مباريات كرة القدم من دون النرجيلة، إنها تعكس أجواء مميزة».

ويرجع ثلجية سبب رواج النرجيلة بشكل كبير إلى انعدام خيارات التنزه والتسوق الموجودة لدى الفلسطينيين، وقال: «البلاد صغيرة ومغلقة، وأصبحت النرجيلة متنفس الكثيرين».

وانتشرت كذلك في الأراضي الفلسطينية بشكل لافت المحلات المتخصصة في بيع النراجيل والفحم والمعسل وأدوات أخرى مثل الملاقط والكوانين الصغيرة المعدة لتجهيز الفحم، إذ يفضل كثيرون قضاء تدخين النرجيلة في البيت، ويصنعونها بأنفسهم.

وعلى مثل هؤلاء «البيتوتيين» تعتمد محلات الباشا، وقال عطا «الكثير من العائلات لا تحب الخروج للمطاعم، وكثير منهم لا يتقن صنع النرجيلة أو أن الظروف لا تساعده على ذلك، لا تنس أننا في عصر السرعة، عصر الدليفري، وفي رام الله التي تواكب التطورات وتسير فيها الحياة بسرعة، يجب أن تحضر النرجيلة بسرعة أيضا».