ثورة ليبيا تنعكس «تشويشا إعلاميا» في لبنان

الهيئة المنظمة للاتصالات تتوصل إلى حلول مع «عرب سات»

TT

منذ نهاية الأسبوع الماضي تتعرض المحطات اللبنانية التي تنقل أحداث الثورة الليبية إلى «تشويش» متقطع مصدره ليبيا، وصل في بعض الأحيان إلى إيقاف البث على الترددات المخصصة للمحطات اللبنانية على القمرين الصناعيين «عرب سات» و«نايل سات»، لا سيما منها محطة «NBN» التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، التي امتنعت إدارة «نايل سات» عن إعطائها ترددا بديلا على قمرها، بما يعني استمرار «التشويش»، الأمر الذي أدى إلى تحركات قامت بها كل من وزارة الإعلام ووزارة الاتصالات والمجلس الوطني للإعلام، أدت بعد محاولات عدة إلى تسوية المشكلة مع «عرب سات» فيما بقي الأمر معلقا مع «نايل سات».

وفي هذا الإطار، فقد أصدرت الهيئة المنظمة للاتصالات اللبنانية يوم الاثنين بيانا أعلنت فيه أن الترددات المخصصة للباقة اللبنانية على القمر الصناعي «عرب سات» تتعرض للتشويش منذ 17 فبراير (شباط) 2011، وقد قام لذلك فريق مراقبة «الطيف الترددي» في الهيئة المنظمة للاتصالات بالتعاون مع تقنيي محطة البث الأرضية في جورة البلوط في جبل لبنان، بإجراء القياسات اللازمة، والتي تبين من خلالها وجود تشويش على التردد المخصص للقنوات الفضائية اللبنانية على القمر الصناعي «عرب سات»، وقد جرى التنسيق مع الفريق التقني التابع لـ«عرب سات» لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمعرفة مصدر التشويش والمنطقة التي يصدر منها، وقد تبين أن مصدر التشويش ناجم على الأرجح عن استخدام محطة أرضية متنقلة (SNG) غير مرخصة موجودة خارج الحدود اللبنانية، وتحديدا من داخل الأراضي الليبية، خاصة أن منطقة تغطية القمر الصناعي «عرب سات» تمتد على مساحات واسعة من الشرق الأوسط والخليج وأفريقيا وأوروبا. ولمعالجة مشكلة التشويش تم الاتصال بإدارة «عرب سات»، وجرى الاتفاق على تخصيص تردد بديل للباقة اللبنانية تبث منه بالتزامن مع البث على التردد الحالي.

وأشار البيان إلى أنه «بعد ساعات من تفعيل بث الباقة اللبنانية على التردد الجديد على القمر الصناعي (عرب سات)، طرأ تشويش آخر على القمر الصناعي (نايل سات) في 20 فبراير 2011، بحيث أدى التشويش إلى قطع البث عن الباقة اللبنانية بشكل كامل». وبناء على هذا التطور، قام فريقا الهيئة والوزارة بالاتصال بإدارة «نايل سات» والاتفاق معها على تخصيص تردد جديد للباقة اللبنانية أسوة بالحل الذي قدم من قبل «عرب سات»، وقد تولت إدارة «نايل سات» تخصيص تردد آخر للباقة اللبنانية التي أعيد بثها باستثناء محطة «NBN» اللبنانية وذلك بقرار من إدارة «نايل سات»، فما كان من الهيئة المنظمة للاتصالات سوى الاتصال بإدارة «عرب سات» مجددا، وقد تم الاتفاق على إدراج محطة «NBN» ضمن الباقة اللبنانية المتفق عليها سابقا ليتسنى لمشاهدي المحطة استقبالها بديلا عن البث على «نايل سات».

وفي حين استنكر وزير الإعلام طارق متري «الاعتداءات على الحرية الإعلامية في هذا الظرف الذي يقوم فيه الإعلام بدور كبير بالتعريف عما يجري في الدول العربية والتعبير عن مشاعر شعوب هذه الدول وتطلعاتها»، أعلن رئيس المجلس الوطني للإعلام في لبنان عبد الهادي محفوظ أنه سيصار إلى رفع كتاب اعتراض إلى جامعة الدول العربية، لاتخاذ الخطوات اللازمة والسريعة التي تحمي المحطات اللبنانية، مطالبا بالعمل على تأمين قمر صناعي خاص بالمحطات اللبنانية، كي لا تبقى تحت رحمة الأقمار العربية والغربية.

وفي هذا الإطار، يقول محفوظ لـ«الشرق الأوسط» إن «بث القنوات اللبنانية على قمري (نايل سات) و(عرب سات) سمح لليبيا بالقيام بهذا التشويش الذي لا يتطلب أي إمكانات تقنية إضافية، وقد تقوم به أي جهة إذا لم تعمد الإدارة المسؤولة إلى الحد من هذا التشويش أو اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الجهة (المشوشة)، وبالتالي فإن المشكلة في لبنان كانت في عدم قيام المسؤولين، لا سيما في (نايل سات)، بأي خطوات تمنع التمادي الليبي في هذا التشويش الذي وصل إلى حد قطع البث، أو على الأقل توفير ترددات إضافية للقنوات المستهدفة، وهذا ليس بالأمر الصعب». وفي حين يلفت محفوظ إلى أنه وفي خضم الأزمة المصرية لم تصل عملية التشويش التي استهدفت «الجزيرة» عبر «نايل سات»، وهو قمر مصري، إلى قطع البث نهائيا أو إلى التشويش على باقي القنوات اللبنانية، يقول «إن إمكانيات (الجزيرة) المادية وحصولها على ترددات إضافية على قمر (عرب سات) أو أقمار غربية أخرى جعلاها تتخطى المشكلة إلى حد ما، لكن القنوات اللبنانية لا تملك هذه القدرات».

وعن الخطوات المستقبلية التي يمكن أن يقوم بها لبنان، فقد لفت محفوظ إلى أن «المكتب الدولي للاتصالات» يسمح لكل من لبنان وسورية والأردن وفلسطين بالاشتراك معا في قمر صناعي خاص من ضمن الحصص الموزعة عالميا، كما بإمكان لبنان أن يحصل على حصته ويتخذ هذا القرار بمفرده ويفسح المجال أمام محطاته للبث وتحصينها من أي تجاوزات قد تؤثّر على حريتها.