أول متحف لثورة «25 يناير» على ضفاف النيل في الجيزة

يضم صورا ولوحات فنية وطلقات رصاص وقنابل ونصبا تذكاريا للشهداء

نصب تذكاري أقيم للشهداء في واجهة المتحف
TT

افتتح يوم الاثنين الماضي، على ضفاف النيل بمدينة الجيزة، أول متحف لـ«شهداء 25 يناير»، ضم صورا لشهداء الثورة وملابسهم ومقتنياتهم، كما تم تدشين نصب تذكاري لهم في مدخل المتحف.

ووضع على جدران المتحف، الذي أقامته «القرية الفرعونية» تحت عنوان «حتى لا ننسى»، عدد كبير من الصور واللوح الفنية التي تخلد أحداث الثورة، على مدار 18 يوما، شملت شعارات رفعها المتظاهرون، ولقطات الحزن والفرح عليهم، في ما يشبه تسجيلا تاريخيا لها، على الطريقة الفرعونية، التي كانت تسجل وقائع الأحداث على الجدران.

كما احتوى المتحف على مقتنيات، اعتبرها الثوار «غنائم حرب»، وهي عبارة عن بعض من طلقات الرصاص الحي التي أطلقت على المتظاهرين، وأنواع مختلفة من قنابل الغاز المسيل للدموع التي ألقاها الأمن عليهم، وكلها عرضت في صناديق عرض زجاجية، على طريقة عرض المتاحف العالمية.

وخلال الافتتاح، الذي شارك فيه عدد من الشخصيات العامة منهم الدكتور مصطفى الفقي والإعلامي وائل الإبراشي والسيناريست نبيل فاروق والبرلماني السابق طلعت السادات، وعدد من الفنانين مثل تيسير فهمي وحنان مطاوع وآثار الحكيم ومنال سلامة، تم عرض فيلم تسجيلي عن الثورة شمل أبرز اللحظات إثارة فيها، ممزوجة بالأغاني الوطنية التي غنى بها الثوار، كما تم تكريم أسر الشهداء بأوسمة مميزة، وتم منحهم مبالغ مالية، تعويضا لهم على ما قدم أبناؤهم لهذا الوطن.

وفي حين ألقى عدد من شباب الثورة كلمة عن تجربتهم الخاصة بعد اعتقالهم من قبل القوات الأمنية والصعوبات التي واجهوها، التقت «الشرق الأوسط»، بعدد من أسر الشهداء وضحايا الثورة، الذين أكدوا أنهم ما زالوا يعانون من تجاهل الدولة الرسمي لهم، وأن الحكومات الجديدة لم تعمل حتى الآن على تكريم أبنائهم. مؤكدين أنه «في كل يوم يصرح مسؤول في وسائل الإعلام عن مكافآت مالية ورحلات حج وعمرة، في حين لم نتلق أيا من هذه الأشياء حتى الآن. حتى إن الأوراق الرسمية مثل شهادات الوفاة والأوراق الثبوتية، لم نستطع استخرجها إلا بصعوبات بالغة، وبعضنا ما زال يعاني الكثير».

وقالت زوجة الشهيد لطفي عزام (29 سنة)، والذي توفى يوم 29 يناير (كانون الثاني) برصاص ضابط شرطة في محافظة الجيزة: «لدي طفلان هما (سما وياسمين) لا يتجاوز سنهما معا الخمس سنوات، ورغم حزني الشديد على زوجي، فإنني أيضا فرحة بتحقيق أمانيه، فهو كان يريد التغيير في البلد وقد حدث. عزائي فيه أن ما دفع حياته من أجله نراه الآن بأعيننا، هو كان يتمنى أن يرى مصر ديمقراطية وأن ينتهي الفساد فيها وقد كان».

من جانبه، قال الدكتور مصطفى الفقي إن «الثورة أعطت مصر قيمة كبيرة في العالم كله بشكل غير معقول». مشيرا: «كنا نسافر إلى دول العالم في السابق ونشعر بإهانة كبيرة وذل نتيجة تراجع الدور المصري في العالم الخارجي، ودائما ما نشعر بإشفاق وقلق وتوتر. العالم كان ينظر إلينا على أننا ضعفاء غير متحضرين، أما الآن فقد عادت إلينا الكرامة والكبرياء مرة أخرى». واستدل على ذلك بأن قيمة مصر جعلت الرئيس الأميركي باراك أوباما يخطب في يوم واحد عن مصر ثلاثة مرات، ووزيرة خارجيته تحدثت عن الثورة المصرية أكثر من 12 مرة.

وأوضح السفير والبرلماني السابق أنه وبحكم علاقاته تلقى العديد من الاتصالات الخارجية، من شخصيات دبلوماسية كبيرة تبدي إعجابها بما قدمه المصريون والروح العظيمة التي ظهروا بها. مشيرا إلى أن «هذا الشباب فاجأنا وفاجأ العالم من حيث لا نتوقع». وتوقع الفقي ازدهار الاقتصاد المصري واستقرار الأوضاع بشكل عام بمضي عام على الأكثر، مؤكدا أن وضع مصر سيصير الأفضل في كل حال. واعتبر الفقي أن «الشهداء هم الزيت الذي يضيء شموع الحياة لهذا الوطن. كما أن من فقدوا أبصارهم في الأحداث نتيجة رصاص قوات الشرطة، «فقدوا البصر ليعطوا الوطن البصيرة». ودعا البرلماني السابق طلعت السادات، إلى تكريم هؤلاء الشهداء بإعطائهم وساما اقترح تسميته «نجمة الحرية»، على غرار «نجمة سيناء»، الذي تمنحه الدولة لشهداء حرب أكتوبر، مؤكدا أنهم ليسوا أقل من شهداء أكتوبر، كما شدد على ضرورة إشراك الشباب في تحمل مسؤوليات الدولة وأن يتولوا مناصب في الحكومة الجديدة بدلاء من هؤلاء «العواجيز». وحذر السادات، من استمرار محاولات البعض لما سماه «سرقة الثورة»، مؤكدا أن الأمر «لو استمر على هذا المنوال فستضيع إنجازاتها، خاصة أن هناك تحركات صعبة وغريبة من عناصر النظام السابق».

أما الإعلامي وائل الإبراشي، فشدد على «ضرورة تحقيق ثلاثة مطالب عاجلة، لا تحتمل التأخير، حتى نشعر بارتياح؛ الأول: محاسبة عناصر الشرطة التي قتلت الشهداء، خاصة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي»، معتبرا أن محاسبته عن الفساد المالي والإداري هي مجرد تغطية على القضية الأصلية بقتل المتظاهرين عمدا وبأوامر مباشرة. «ثانيا: إعداد قوائم صحيحة لكل شهداء الثورة، فحتى الآن لا توجد قوائم منقحة، ويوجد العديد من الشهداء لم يتم ذكرهم نهائيا». وذكر الإبراشي أن العديد من أسر الشهداء جاءوه وطلبوا منه ذكر أبنائهم فقط وعدم نسيانهم، «هم لا يريدون أموالا، لكنهم يخافون أن يضيع حق أبنائهم دون أن يتذكرهم الوطن. وثالثا: أدعو إلى تدشين نصب تذكاري للشهداء فورا في ميدان التحرير، عليه صورهم، ولا داعي للتأخير في القيام بذلك».