الهنود يتجهون غربا وشرقا لعقد حفلات زفافهم

بعد أن أصبحت الهند نقطة جذب لحفلات المشاهير في الغرب

الممثلة البريطانية ليز هيرلي التي تزوجت سابقا من رجل الأعمال الهندي آرون نايار أقامت حفلات زفافها في الهند وبريطانيا (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي يتدفق فيه الأزواج حديثا إلى الهند من مختلف أرجاء العالم لقضاء شهر العسل، يقع اختيار الأزواج الهنود على نحو متزايد على مناطق بعيدة عن الوطن كمكان لعقد احتفالاتهم بالزواج.

من الواضح أن هناك تحولا في أسلوب عقد حفلات الزفاف الهندية، حيث تشبع الكثير من الهنود بفكرة دعوة مئات الضيوف لحفلات زفافهم وأصبحت الفكرة السائدة عقدها على الشواطئ. وعليه، تحولت دول مثل تايلاند وإندونيسيا وموريشيوس وسنغافورة لوجهات تحظى بإقبال شعبي كبير من الهنود. وبدأ بعض الهنود أيضا يختارون أوروبا لاستضافة حفلات زفافهم.

وبخلاف كونها وجهات تشهد إقبالا عليها لقضاء شهر العسل بها، يتوافر بهذه المناطق مستوى رفيع من الضيافة، علاوة على تميزها بثقافات وتقاليد مشابهة لنظيرتها الهندية. ولا تقتصر فوائد هذه الحفلات على العنصر الأجنبي الفريد الذي تضيفه، وإنما أيضا على انخفاض تكاليفها نسبيا.

عندما قرر راكيشا شارما، المستثمر المصرفي، عقد زواج ابنته الثالثة والصغرى، رغب في تنفيذ ذلك على نحو مختلف. وبدت جزيرة بالي الإندونيسية مكانا مثاليا لعقد الزفاف وقضاء العروسين لشهر العسل. ومن أجل الحفاظ على العرس داخل حدود الميزانية، قرر شارما جعل المناسبة عائلية مغلقة، وقلص قائمة الضيوف من أكثر من 400 إلى 200، ونجح في تحجيم التكاليف عن المستوى الذي يتطلبه استضافة 400 ضيف في دلهي.

وإذا كنت ممن يعتقدون أن الأثرياء فقط هم الذين بإمكانهم تحمل تكاليف عقد حفلات زفاف بالخارج، عليك مراجعة هذه الفكرة. فيما يخص حفلات الزفاف، تتجه أنظار أعداد متزايدة من الهنود نحو دول أخرى لعقد حفلات الزفاف بها.

وتضفي هذه الدول عناصر فريدة لافتة للنظر إلى الحفل، بجانب أنها اختيار جيد من حيث التكاليف. عن ذلك، قالت سابينا تشوبرا، المشاركة في تأسيس Yatra.com: «تكاليف تذاكر السفر جوا لهذه المناطق ليست باهظة، علاوة على أن المطبخ الهندي متوافر هناك».

وتتولى شركة «باك تو كلتشر»، المعنية بتنظيم حفلات الزفاف، ومقرها دلهي، تنظيم ما بين 15 و20 من هذه النوعية من حفلات الزفاف سنويا. ويرى خبراء أن تكاليف عقد حفل زفاف في دلهي أكبر من حيث رسوم الحجز في الفنادق وتكاليف الوجبات، مقارنة بالأسعار في دول جنوب شرقي آسيا. وتبلغ تكلفة حجز غرفة في فندق 5 نجوم في دلهي 15.000 روبية، بينما التكلفة المناظرة في تايلاند تعادل قرابة 8.000 روبية.

كما أن الطعام أرخص سعرا، حسبما ذكر فينيت تشوهان، مدير «باك تو كلتشر». إضافة إلى ذلك، يمثل رجال الدين ومسؤولو التجميل والموسيقيون جزءا من القافلة المسافرة مع العروسين. كما يحمل منظمو حفلات الزفاف معهم خلال السفر مواد الزينة من الهند نظرا لأن المواد الخام المحددة التي تصنع منها ربما لا تتوافر في دول أجنبية.

وتشكل قيمة تذكرة السفر جوا جزءا كبيرا من التكلفة الإجمالية. ومن أجل تحقيق توازن في التكاليف وبدلا من توجيه الدعوة إلى 500 ضيف لحضور حفل زفاف محلي، يتم تقليص أعداد الضيوف إلى 200 بهدف إقامة الحفل في دولة أجنبية.

وأعرب تشوهان عن اعتقاده بأن «الجزء الأفضل بالنسبة لمكان إقامة حفل الزفاف أن يتحول إلى إجازة للجميع، بحيث لا يضطر أحد للحصول على إجازة منفصلة لقضاء عطلة».

وتبلغ تكلفة حفل الزفاف في أي من دول جنوب شرقي آسيا 5 ملايين روبية على الأقل، لكن الأكثر فخامة ربما تتراوح تكاليفها بين 30 و40 مليون روبية. وإذا كنت ترغب في إقامة حفل زفاف بدولة أجنبية، فإن هذا يستلزم التسجيل لدى إحدى شركات تنظيم حفلات الزفاف قبل موعد الزفاف بثلاثة أشهر.

من جهتهما، يعكف غوراف أسومول، الرئيس التنفيذي لشركة «ماريغولد غروب»، وخطيبته كاجال فابياني، على وضع اللمسات النهائية لحفل زفافهما. وقد وقع اختيارهما على موناكو لاستضافة الحفل. وعن سبب اختيار موناكو، قال أسومول: «أردنا إقامة حفل زفاف صغير للغاية لا يحضره سوى القليل من المدعوين. وسيحضر الحفل قرابة 500 ضيف. وقد زرت أنا وخطيبتي موناكو عدة مرات، وهي مكان رائع ومثير.. لذا اجتذبنا».

واختارت أسرة جندال فلورنسا لاستضافة حفل زفاف ابنتهم الصغرى تانفي جندال في وقت سابق من هذا العام، الذي حضره 300 مدعو. كانت فكرة عقد حفلات الزفاف خارج البلاد ذائعة الصيت بين الميسورين، وزادت حاليا أعداد الدول الأجنبية التي يسعى الهنود لإقامة حفلات زفاف بها، مثل اليونان والمغرب اللذين تتزايد شعبيتهما يوما بعد آخر. وبذلك نجد أن الهند لم يعودوا يقصرون اختياراتهم على الدول القريبة مثل تايلاند وسنغافورة وهونغ كونغ.

من جهتها، أشارت سواتي بانديا سود، العاملة بمجال تنظيم حفلات الزفاف، إلى أن هناك إقبالا متزايدا على مونت كارلو ونيس وموريشيوس. والآن، تواجه سواتي مهام كثيرة باعتبار هذا موسم حفلات الزفاف.

وتجعل رغبة الناس في جعل احتفالات الزفاف مناسبات لا تنسى من هذه الدول مصادر جذب كبير. وأشارت سواتي إلى أنه «يرغب الجميع في أن يكون مختلفا. ولا شك أن عقد حفلات زفاف بدول أجنبية يضفي على الحفلات نمطا متميزا».

وكثيرا ما تتسم هذه الحفلات بقدر كبير من البذخ لا يقل عن نظيراتها داخل الهند، بداية من الديكورات المبتكرة المنتمية للطرز العربية والفيكتورية والكريستالية والشرقية والمغربية. وتمتد الحفلات على مدار 4 أو 5 أيام في المواسم التي لا تتسم بازدحام شديد. وإذا رغبت في جعل ضيوفك يشعرون بالتميز، يمكنك ضمان توصيلهم إلى الحفل داخل سيارات «ليموزين».

وعادة ما تقتصر أعداد المدعوين على نحو 200. وتتنوع التكاليف حسب نمط الإقامة والفقرات الترفيهية وخيارات الديكورات، وبالطبع، تذاكر الطيران. وإذا رغبت في السفر إلى دول مثل اليونان والمغرب لإقامة حفلات الزفاف بها، فإن التكاليف عادة ما تتراوح بين 50 و60 مليون روبية أو أكثر.

وتعكس غالبية حفلات الزفاف أجواء ثقافة البلد الذي تعقد به. لذا، بدلا من الاعتماد على ديكورات هندية، يتم عقد حفل زفاف في بالي، على سبيل المثال، على الشاطئ مع ارتداء النادلين الملابس التقليدية. كما تضم الأطباق المقدمة للمدعوين بعض الأطعمة المحلية، بجانب أخرى هندية.

وزاد الإقبال على عقد حفلات الزفاف بالخارج مع تولي الأزواج الشباب من الهنود مسؤولية أكبر عن تنظيم حفلات أعراسهم، وعادة ما يفضلون تنظيم عرس وإجازة في حزمة واحدة. ويرى الكثيرون في حفلات العرس مؤشرا على المكانة الاجتماعية، وغالبا ما تدخر الأسر من أموالها لعقود كي تقيم عرسا ضخما. ورغم أن الأزمة المالية العالمية ربما أثرت سلبا على الدخول وقللت الاستهلاك في دول عدة، يبدو أن الأعراس الهندية مقاومة للكساد. وبلغ التنافس على إقامة حفلات زفاف لا تنسى بين الهنود مبلغه الآن، مع محاولة كل أسرة التفوق على أخرى وإقامة أعراسها بمناطق مثل دبي وتايلاند ومكاو وفرنسا.

وأكد الكاتب والمحلل النفسي سودهير كاكار أنه «لو كان هناك سفينة فضاء كبيرة بما يكفي لنقل مدعوين، سيكون أول حفل زفاف في الفضاء هنديا».

وعلق أشينتو بوز، مدير التسويق في «توريزيم ماليزيا»، التي يوجد مقرها في نيودلهي ودعت مصممي حفلات زفاف هنود لزيارة أماكن في تايلاند، بقوله: «ينفق الناس بجنون!».

وأوضح سيد سيهغال، المدير الإداري لـ«سيهغال غروب» المعنية بتنظيم حفلات الزفاف والرحلات، أنه «بالنسبة للفنادق الـ5 نجوم، تعد الفنادق في تايلاند أرخص بما يتراوح بين 40 و60 في المائة عن نظيرتها في الهند».

في السنوات القليلة الماضية، حرصت مجلة «فيفاها» الهندية المعنية بشؤون الأعراس على إقامة معرضين سنويا يشارك بهما ممثلون من دول أخرى مثل فرنسا والنمسا وموريشيوس وسويسرا.

جدير بالذكر أن الهند التي تتعدد فيها الديانات والثقافات، لا تتوافر أجندات محددة للأعراس، فبعضها يقام خلال يوم، وبعضها الآخر قد يستغرق عدة أيام ويتضمن الكثير من الطقوس. ويتبع كل مجتمع داخل البلاد طقوسا خاصة به، لكن جميع حفلات الزفاف عادة ما تتشارك في إقامة احتفالات موسيقية كبرى تشمل مشاركة أعضاء من كلتا العائلتين في الرقص والغناء.

يذكر أنه عند إقامة العروسين لحفل زفاف محلي بمدينتهما، مثل مومباي أو نيودلهي، يتحول العرس لما يشبه السوق مع وجود 1.000 ضيف أو أكثر، وأحيانا تختلط عدة حفلات زفاف معا. وأشار سيهغال إلى أن «إجراء أعراس بالخارج أصبح موضة، ويستغرق السفر من الهند إلى تايلاند ما بين 3 و4 ساعات فقط. كما أن الفنادق الـ5 نجوم هناك أرخص بمقدار الضعف عن نظيرتها بالهند».

ويتجه بعض الهنود إلى ماليزيا أو سنغافورة، لكن تايلاند تظل الوجهة الأولى لهم. يذكر أن الهند تضم أكبر عدد من المليارديرات على مستوى آسيا، ويبلغ عددهم 33، بجانب آلاف المليونيرات.