أميركا: تزايد عدد القياديين الجامعيين من المولودين في الخارج

عولمة منصب رئيس الكلية ثمرة طبيعية للزيادة في الأساتذة والطلاب الأجانب في الجامعات

مايكل ماكروبي رئيس جامعة إنديانا
TT

عندما ألقت مولي إيزو سميث كلمتها الافتتاحية كرئيسة لكلية مانهاتن فيل خلال الربيع الماضي، بدأت بداية غير معتادة، حيث رحبت بالحضور بثلاثة أساليب للتحية، خاصة بلغات من موطنها (الهند) الهندية والتاميل والمالايالامية. وكان ذلك يعكس رحلة الدكتورة سميث من مكان ولادتها في تشيناي، حيث لم تقم أي علاقة غرامية في يوم من الأيام ولم تبق خارج المنزل بعد الساعة السادسة مساء حتى رحلت في الثالثة والعشرين، وصولا إلى قمة التعليم العالي الأميركي، وتصبح رئيسة لإحدى الكليات.

وفي الوقت الذي تسارع فيه الجامعات داخل الولايات المتحدة من أجل توسيع برامج الدراسة في الخارج وإنشاء أفرع في الدول الأخرى، نجدها تضع طابعا دوليا على مكتب الرئيس. انضمت الدكتورة سميث، 52 عاما، إلى مجموعة كبيرة من القيادات الجامعية وداخل الكليات من ذوي الأصول الأجنبية.

وتقول رابطة الجامعات الأميركية، التي تمثل مؤسسات بحثية كبرى داخل الولايات المتحدة وكندا، إن رؤساء 11 مؤسسة من بين 61 مؤسسة عضوا في الرابطة ولدوا في الخارج، بالمقارنة مع رؤساء 6 مؤسسات قبل خمسة أعوام. وخلال الشهرين الماضيين، عينت ثلاث كليات داخل منطقة نيويورك رؤساء ولدوا في الخارج، حيث عينت كوبر يونيون أكاديميا من أصل هندي، واختارت جامعة سيتون هول مرشحا من الفلبين واختار معهد ستيفنز للتقنية شخصا من أصول إيرانية.

ويقول خبراء في التعليم العالي إن عولمة منصب رئيس الكلية تعتبر ثمرة طبيعية للزيادة المطردة في الأساتذة والطلاب الأجانب داخل الجامعات الأميركية على مدار العقود الأربعة الماضية. ويقولون إنه من المحتمل أن يفضي ذلك إلى المزيد من العلاقات مع الدول الأخرى، بينما يعطي ذلك للطلاب إحساسا أقوى بأنهم مواطنون عالميون، وهو هدف يروج له على نطاق واسع داخل المؤسسات الأكاديمية.

وتقول مولي برود، رئيسة مجلس التعليم الأميركي الذي يمثل كليات تتراوح الدراسة فيها ما بين عامين و4 أعوام: «يوجد منطق في رؤية أفراد ولدوا في دول أخرى، تميزوا في العمل الأكاديمي، وفي الوقت الحالي يصبحون رؤساء لجامعات». وأضاف: «أعتقد أن الاتجاه سوف يستمر وربما يتسارع، بينما يترقى عدد أكبر داخل الكليات ويصبحون عمداء ومسؤولين بارزين داخل الجامعات».

ويصل هذا الاتجاه إلى واشنطن، حيث اختار الرئيس أوباما إدواردو أوتشوا، وهو من أصل أرجنتيني، ليكون مستشاره البارز المختص بشؤون التعليم العالي، كمساعد وزير في وزارة التعليم.

وارتفع عدد الأكاديميين الأجانب الذين يعملون داخل كليات وجامعات في الولايات المتحدة، كباحثين ومعلمين وأساتذة جامعيين، إلى 115 ألفا في العام الماضي، ويعد ذلك أعلى معدل يصلون إليه، ويأتي ذلك بالمقارنة مع 86 ألفا عام 2001. ووثق هذا النمو معهد التعليم الدولي، وهي مؤسسة غير ربحية داخل نيويورك، ويأتي ذلك على الرغم من مشكلات الحصول على تأشيرات عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

ويقول آلان غودمان، رئيس المعهد، إنه «أدرك» قبل عامين الوضع المتغير خلال مأدبة داخل واشنطن، حيث قام الحضور بتكريم قرابة 40 مستفيدا من منح دراسية، وهم طلاب جامعيون في المؤسسات الأقوى داخل الدولة متخصصون في الرياضيات والعلوم.

وقال الدكتور غودمان، وهو أبيض: «أول شيء لاحظته هو أنه لم يكن هناك شخص يشبهني». وأضاف: «على الأقل نصف، إن لم يكن ثلثا، الطلاب كانوا طلابا دوليين. كانوا من الهند وآسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومع ذلك كانوا طلابا في هارفارد وستانفورد ورايس. ذكرني ذلك بأن التعليم العالي الأميركي ليس خاصا بالأميركيين، ولكنه للعالم بالكامل».

ولكن ربما تكون هناك ميزة في وجود قيادات أكاديمية من دول أخرى، اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية فيها، أو على الأقل تستخدم في الحديث على نطاق واسع.

ومن بين رؤساء المؤسسات المولودين في دول أجنبية، الذين ينتمون إلى جمعية اتحاد الجامعات الأميركية، هناك ثلاثة رؤساء من كندا (من بينهم شيرلي إم تيلغمان في برينستون)، أحدهم من جنوب أفريقيا والآخر من أستراليا، بينما ينحدر الستة الآخرون من الصين واليونان وفرنسا وقبرص.

وبينما وصل عدد كبير من الرؤساء للمرة الأولى إلى الولايات المتحدة كخريجين غير معروفين، تم توظيف مايكل ماكروبي، رئيس جامعة إنديانا، منذ 14 عاما، من جامعة أستراليا الوطنية لكي يكون نائبا لرئيس جامعة إنديانا لشؤون تقنية المعلومات، إضافة إلى عمله كأستاذ لعلوم الحاسب. وأصبح عميدا لكلية تقنية المعلومات في عام 2006 ورئيسا للجامعة في العام التالي.

ووجد الدكتور ماكروبي أن جامعة «إنديانا» الواقعة في منطقة الوسط الغربي للولايات المتحدة مختلفة جدا، مع وجود عدة آلاف من الطلاب الدوليين الذين يمثلون 100 دولة تقريبا. ويوجد الآن في الجامعة نحو 50 طالبا من أستراليا بمفردها.

كما قوبل ماكروبي بترحاب حار، وكان يشعر بأنه من السكان الأصليين لولاية إنديانا في كل وقت. وخلال فصل الخريف الماضي، وفي عيد ميلاده الستين، أدى الدكتور ماكروبي قسم الولاء كمواطن أميركي، برفقة أبنائه الثلاثة البالغين. وقال: «لقد عشت هنا منذ فترة طويلة، وقد أصبحت مقبولا بشكل جيد في هذه الولاية. إنهم يعاملونني مثل مواطن محلي بلكنة غريبة».

وقد كانت الرحلات الأخرى إلى الهيئات الأكاديمية الأميركية أكثر اضطرابا. ويتذكر ناريمان فارفردين، الذي جرى اختياره خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي لرئاسة معهد ستيفنز للتكنولوجيا في منطقة هوبوكين بولاية نيوجيرسي، كفاحه لإنهاء دراسته الجامعية بإيران في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي، مع اندلاع الثورة الإسلامية.

وقال الدكتور ناريمان «قررت الحكومة وقتها إغلاق الجامعة تماما. وأنا أتذكر أنه كانت هناك دبابة متوقفة أمام المدخل الرئيسي للجامعة. وكانت هناك هجمات ومظاهرات يومية، وكانت مباني الجامعة مشتعلة».

وخلال ذلك الوقت، اتصل ناريمان التي كان يبلغ وقتها من العمر 22 عاما، وكان يتبقى له فصل دراسي واحد قبل التخرج، بالكليات الأميركية التي قبلت انضمامها إلى الطلاب الباحثين. وسأل ناريمان عما إذا كان يمكن أن تستقبله الكلية كطالب محول فورا، بدلا من ذلك. ووافق معهد وينسيلاير بوليتكنيك، وخلال أسابيع، سافر ناريمان إلى تروي بولاية نيويورك من طهران.

ويتذكر الدكتور فارفردين، 54 عاما، هذا الأمر بقوله «كنت في حالة صدمة. وكان لدي القليل من المال، ومعرفة محدودة باللغة الإنجليزية».

وواصل ناريمان تعليمه ليحصل على شهادة البكالوريوس، ثم شهادة الماجستير والدكتوراه من معهد وينسيلاير بوليتكنيك. وبعد ذلك قضى السبعة وعشرين عاما التالية في جامعة ميريلاند، حيث ترقى من أستاذ مساعد إلى عميد، وأصبح مواطنا أميركيا خلال تلك الرحلة.

وقال ناريمان «أقدم قدرا كبيرا من الثناء لهذه الدولة. ولم يكن هناك مكان آخر في العالم يمكن أن يحكم علي بقيمة مساهماتي وشخصيتي. وبصراحة تامة، فإنني أعتبر نفسي الآن أميركيا، وأعتقد أن الآخرين ينظرون إلي على هذا النحو أيضا».

وعلى الرغم من أن الكثير من زملائي لديهم مخالب مثبتة بشكل قوي في الخارج، فإن تدفق رؤساء الجامعات المولودين في الخارج قد يوسع هذا الانتشار. وقالت الدكتورة سميث، رئيسة كلية مانهاتن فيل في منطقة بورتشيس، نيويورك، حيث يفد 16 في المائة من قوام الطلاب من خارج الولايات المتحدة، إنها كانت مهتمة باستكشاف عملية التبادل مع الكلية التي تخرجت فيها وهي كلية مادراس كريستيان كوليدج، إحدى أبرز الكليات في الهند.

وقالت الدكتورة سميث، التي أصبحت مواطنة أميركية في عام 1989: «أحب أن أقوم بهذا التواصل».

ويرغب الدكتور فارفردين في ضمان استغلال معهد ستيفنز للتكنولوجيا، الدراسة الدولية أفضل استغلال. وقال «نحن نعيش في عالم مترابط بشكل متزايد. وإذا لم يمنح الطلاب فرصة للمكاشفة وخبرة مناسبة في كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، فسوف تكون قد قدمت لهم خدمة سيئة».

* خدمة «نيويورك تايمز»