دراسة: الإنسان لم يعرف استخدام النار إلا متأخرا

الأدلة تشير إلى أن استغلال النار يعود إلى ما قبل 300 إلى 400 ألف عام

المناطق الشمالية التي كانت درجات الحرارة فيها تقترب من التجمد لم تكن تتطلب استخدام النار
TT

رجحت دراسة دولية أن الإنسان بدأ استغلال النار في وقت متأخر عما كان يفترض حتى الآن.

وتوصل باحثون من هولندا وجنوب أفريقيا إلى هذه النتيجة بعد تحليل جديد للأماكن التي عثر فيها على آثار لاستخدام الإنسان النار والتي عثر عليها علماء الحفريات في أوروبا.

وأشار الباحثون في دراستهم التي نشرت نتائجها في مجلة «بروسيدنغز» التابعة للأكاديمية الأميركية للعلوم إلى أن الدلائل المتوفرة حاليا على استغلال الإنسان الأول للنار تعود إلى ما قبل نحو 300 إلى 400 ألف عام.

ورأى الباحثون أن حياة الإنسان الأول في المناطق الشمالية التي كانت درجات الحرارة فيها تقترب من التجمد لم تكن تتطلب استخدام النار.

ويرى بعض علماء الحفريات أن الإنسان الأول في أفريقيا عرف استغلال النار قبل نحو 1.6 مليون سنة، وأن ذلك ساهم بشكل جوهري في تطور مخ الإنسان الأول، لأن هضم الطعام المطهي لم يكن يحتاج الكثير من الطاقة مقارنة بهضم الطعام النيئ، وأن الفائض في الطاقة أصبح يذهب للمخ الذي يستهلك نسبة كبيرة منها.

كما أن التناول الجماعي للطعام والمجالس التي كانت تعقدها جماعات الإنسان الأول حول النار عززت حسب الباحثين الترابط الاجتماعي لهذا الإنسان.

وفي حين لم تسلم هذه الرؤية من المخالفة من قبل باحثين آخرين، فإن معظم الخبراء يعتقدون أن تعمير الإنسان الأول للمناطق الأكثر برودة على الأقل في أوروبا كان مرتبطا بقدرة الإنسان على استخدام النار بشكل يخضع لسيطرته.

وشكك الباحث فيل روبروكس من جامعة لايدن الهولندية وزميلته باولا فيلا من جامعة ويتووترسراند في جنوب أفريقيا في هذه النظرية من خلال دراستهم في هذه الفرضية، وذلك بعد أن حللوا بدقة الكثير من الدراسات التي نشرت في هذا المجال والتي أوردت أدلة على استخدام الإنسان النار في وقت مبكر، وخلصوا من خلال تحليلاتهم الجديدة إلى أنه من غير الممكن الاعتماد على ما اعتبره الباحثون أدلة على هذا الاستخدام المبكر.

وقال الباحثان إن آثار وجود الإنسان الأول تعود إلى أكثر من مليون سنة، في حين أن هناك الكثير من الأدلة الواضحة على أن الإنسان لم يستخدم النار إلا قبل نحو 400 ألف عام.

ورجح الباحثان أن تكون الدلائل التي عثر عليها مثل بعض قطع العظام المتفحمة وقطع الفحم الخشبي والتي تؤكد استخدام الإنسان للنار في وقت مبكر ربما كان السبب فيها نيرانا طبيعية مثل اندلاع النار بسبب البرق أو اندلاع البراكين.

ولم يستبعد الباحثون أن يكون الإنسان الأول قد استطاع استغلال هذه الظواهر لصالحه في الحصول على النار، ولكنهم رأوا أن الإنسان لم يستطع إشعال النار بنفسه والاحتفاظ بها مدة أطول في نفس هذا الوقت المبكر.