شيوخ الإزيرقاب في السودان.. أطباء في خلاوي القرآن

من قبائل الجموعية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد

«الإزيرقاب» أحد أشهر العوائل الصوفية في السودان الذين تمتد شهرتهم لنحو 600 سنة واتباعهم مسألة العلاج الروحي لكل ما يمس النفس البشرية من ضيق
TT

حي الإزيرقاب من أشهر أحياء العاصمة السودانية يقع في منطقة بحري ويبعد نحو 25 كيلومترا من وسط الخرطوم. تنبع شهرة هذا الحي من تعلق كثير من السودانيات به، ممن فقدن الأمل بالإنجاب بواسطة الطب المعاصر ولجوئهن لشيوخ الإزيرقاب أحد أشهر العوائل الصوفية في السودان الذين تمتد شهرتهم لنحو 600 سنة منذ إنشائهم لأول خلوة قرآن واتباعهم مسألة العلاج الروحي لكل ما يمس النفس البشرية من ضيق، غير أنهم اشتهروا بمساعدة النساء على الإنجاب وخاصة اللاتي فقدن الأمل سنوات طويلة ولم يعدن لطرق باب الأطباء والعيادات الحديثة.

شيوخ الإزيرقاب هم من قبائل الجموعية المنتشرة في جميع أنحاء السودان ترجع تسميتهم بالإزيرقاب لشيخ محمد الأزرق وتطلق كلمة الأزرق بالعامية السودانية على شخص داكن البشرة جدا.

يقول الشيخ عدلي عبد الرحمن الإزيرقابي أحد أحفاد الشيخ محمد الأزرق، إنهم بفضل الله سبحانه وتعالى تمكنوا من علاج كثير من حالات الإجهاض لدى النساء أو حالات تأخر الحمل وأيضا المعيونين أي المصابين بالعين وكثير من الأمراض.

ويرجع شيخ عدلي نجاحهم ذلك لعلاج تلك الحالات بالقرآن والأدعية والحجاب، وهنا تحديدا يشرح الفرق بين الحجاب والتميمة التي هي محرمة في الإسلام لأنها عبارة عن خرز أو تولة استخدمها العرب قديما للحماية من العين والسحر لكن الحجاب يكون عبارة عن آيات قرآنية أو أدعية مأثورة، وحجته في ذلك أن عبد الله بن عمرو كان يقوم بعمل حجابات للأطفال الذين لا يستطيعون قراءة القرآن بكتابته على رقعة من الجلد لتحصينهم.

وعن سر نجاحهم في علاج النساء من الإجهاض والقدرة على الإنجاب بعد انقطاع الأمل، يقول شيخ عدلي «إننا نتعامل هنا مع الجانب النفسي والمدلولات الروحية، ولكن في البداية نسأل المرأة عن نتيجة التحاليل الطبية وماذا قال الأطباء لو كان حديث الأطباء بأنه لا يوجد مانع طبي نبدأ معها علاجا روحيا يقوم بتهيئة المرأة لمرحلة الحمل من خلال عدة شروط قد تبدو صعبة لبعضهن ولكن الالتزام بها يحقق نتيجة مذهلة بإذن الله سبحانه وتعالى، وهذه الشروط الهدف منها عزل الزوجين لينعما بعلاقة زوجية سليمة، الشرط الأول أن لا ترى بعينها دم مسفوحا «ذبيحة مثلا» الشرط الثاني أن لا تلحق بالجنازة لميت، والشرط الثالث أن لا تشم بخور التيمان المعروف في السودان لأنه يطلق للمرأة النفساء، أما الشرط الرابع فهو أن لا تزور نفساء، أما الشرط الخامس هو أن لا تستحم وقت مغيب الشمس، أما الشرط السادس هو أن لا تحضر أي مناسبة اجتماعية ما عدا ما يتسبب في قطع صلة الرحم.

ويفسر شيخ عدلي الإزيرقابي هذه اللاءات أن المرأة عبارة عن كتلة مشاعر أي شيء يقال أو يحدث يمكن أن يؤثر فيها، فرؤية المرأة للدم المسفوح يذكرها بالدورة الشهرية ونحن نحاول أن لا نذكرها بذلك خاصة إذا كانت حاملا ونجنبها سرعة عملية الإجهاض، أما بخور التيمان فهو مقترن بالنفساء وعندما تشمه المرأة الباحثة عن الحمل يؤثر ذلك في حالاتها النفسية، وقطعا زيارة النفساء تجعلها تفكر وتتمنى لو كانت في نفس الموقف وتبدأ عملية نفسية مرهقة تعتمل داخلها خاصة لو دعمت ذلك بحضور المناسبات الاجتماعية حيث يبدأ النساء في سؤالها لماذا لم يحدث حمل حتى الآن؟ وهل ذهبت للطبيب أم لا؟! وتبدو وكأنها مدانة وهي الملومة والمقصرة وهي السبب ، مما يؤثر سلبا على نفسيتها وبالتالي تتوتر ولا يحدث حمل، لذلك بعدها عن كل ذلك يمهد الطريق لعلاقة هادئة مع زوجها دون أي تدخل خارجي والحمد لله نعطيها حجابا يحفظها ويمكنها أن تقرأ الآيات المكتوبة داخله ليطمئن قلبها وحتى لا تحدثها نفسها عن وجود أي نوع من الدجل والشعوذة ونقول لها أيضا أن تبتعد أو تخفف من الشاي والقهوة والشيكولاته لأن العلم أثبت أن الإكثار من الكافيين يتسبب في الإجهاض.

ويضيف شيخ عدلي أن كثيرا من النساء يوجد لديهن ميل في الرحم بنسبة معينة ربما يكون أحد الأسباب التي تمنع الحمل ونعرف ذلك بعدد من العلامات لذلك نطلب من السيدة أن تذهب إلى أخصائية توليد أو داية تقوم معها بعمل تمارين معينة تساعدها على إرجاع الرحم لوضعه الطبيعي ونفضل أن يكون زوجها على علم بكل ما يجري وأن يحضر معها الجلسات لأن العلاج أحيانا يشمل الرجل إذا أثبتت التحاليل ضعفا في الحيوانات المنوية.

ويتابع شيخ عدلي أننا نصف للمرأة والرجل على حد سواء أعشابا وزيوتا بلدية يمكن إحضارها من العطار بأنفسهم وهنا يقتصر دورنا على كتابة الوصفة ولا نتدخل من أين يتم شراؤها، المهم الالتزام بمكونات الوصفة معظم تلك الوصفات مقوية مثل الجنسينج أو استخدام زيوت مثل حبة البركة.

ويؤكد شيخ عدلي قائلا: في حالة حصول الحمل يجب على المرأة التقيد بالشروط كلها ولكن الشرط الأهم يأتي بعد الإنجاب وهو إحضار الطفل إلينا وذلك من باب «أما بنعمة ربك فحدث» ثم نقرأ عليه آيات الحفظ المعروفة في القرآن ثم تقوم الأم بدفع أوقية من الذهب إيفاء منها بنذر حدوث الحمل والإنجاب بالسلامة مع العلم أننا لا نلزمها بالدفع لكن إن تيسر لها ذلك يجب أن توفي.

وعن عدد المرات التي يجب أن تحضر فيها المرأة إلى شيوخ الإزيرقاب وهل يشترط نفس الشروط كلما أرادت المرأة الحمل يوضح شيخ عدلي أنه يمكن أن تحضر لثلاثة أطفال لأن بعدها يحدث تنشيط يساعد المرأة على الحمل والولادة دون الحاجة إلى كل تلك الشروط خاصة أن الزوجين يكونان قد خضعا لتدريب نفسي جيد.

ويمكن أن نفسر ظاهرة شيوخ الإزيرقاب وقدرتهم على النجاح في علاج كثير من النساء لتحقيق حلم الأمومة وحتى التدخل في حل المشاكل الأسرية بطريقتهم ومنهجهم الذي يعتمد على القرآن والطب الشعبي البديل والروحانيات بمعرفتهم أن الإنسان كائن قائم على توازن العلاقات ما بين كيانيه الفسيولوجي وذاك النفسي وكلا الكيانين يؤثر في الآخر ويتفاعل معه، لكل ذلك يقول شيخ عدلي إنه يخطئ من يظن أننا نمارس أي نوع من الدجل والشعوذة في علاج الحالات التي تعرض علينا، وشاهد ذلك أننا لا نهدف لربح وحتى ما يأتينا من مال يذهب لخلاوي القرآن وطلابها القادمين من مختلف مناطق السودان.