بينالي الشارقة يمزج بين الغناء الأوبرالي والجاز الأميركي

مع السوبرانو السورية نعمى عمران وفرقة «الغناوة» المغاربية

TT

أحيت السوبرانو السورية الشهيرة نعمى عمران أمسية غنائية مميزة أمام جمهور بينالي الشارقة العاشر الذي صفق لها مطولا بين كل مقطع غنائي وآخر وسط أجواء ربيعية ساحرة زادها جمالا الإضاءة الملونة في بيت السركال الذي تحيط به مجموعة مبانٍ مرتبطة بتحف الشارقة بدولة الإمارات.

وغنت السوبرانو بمصاحبة نخبة من الموسيقيين السوريين الماهرين الشباب الذين ينشطون في مجال التجريب والبحث الموسيقي مثل عمر حرب (غيتار باس) وناريك عبجيان (بيانو) وداني شاكر (درامز) وعلي شاكر (بوزوكي)، وأسهم الفنان السوري محمد آل رشي بلمسات خاصة منه ليشارك بهذه التجربة الموسيقية التي تكاد تتفرد في عوالم البرفورمانس الغنية.

وقدمت السوبرانو عمران مقطوعات متنوعة تراوحت بين الأداء الأوبرالي والغناء باللغات السريانية (وهو طقس سوري قديم، ومن المعروف أن النوتة السريانية من أعرق أنواع الموسيقى، ومنها تم اشتقاق كثير من المقامات الموسيقية، ويذهب البعض إلى القول تاريخيا إنها أصل النوتة الموسيقية المدونة) والبيزنطية والعربية ومقطوعات صوتية من دون كلام وجميعها مهداة لروح المخرج السوري الراحل عمر أميرلاي الذي ختمت المغنية أمسيتها في وقت متأخر من مساء الخميس بالتحية له.

وتعتبر نعمى عمران من الأصوات الأوبرالية المعروفة، وهي تعمل على التأليف والاجتهاد في هذا النوع الموسيقي الذي يحتاج إلى خامات صوت قوية وعالية وخاصة جدا، كما يكرر ذلك عدد من الخبراء.

ولم يكد ينتهي جمهور الأوبرا من متعته مع السوبرانو السورية حتى اعتلت فرقة «الغناوة» المغاربية الأفريقية خشبة المسرح وبدأ الجمهور مع متعة جديدة ومتفردة قدمت جرعتها الكبيرة الفرقة التاريخية لهذا اللون الموسيقي الذي يقوده المعلم عبد الكبير ميرشان وعدد من أولاده إلى جانب عملاق الجاز الأميركي يوسف لطيف الذي تنقل في عزفه بين آلاته المتناثرة على المسرح الذي اهتز من رقص أبناء ميرشان ورفاقهم.

يقول هشام، وهو أحد أبناء عبد الكبير ميرشان والمشارك معه في الفرقة، لوكالة الأنباء الألمانية: «نحن نقدم روح الموسيقى الأفريقية بالتمازج مع روح موسيقى الجاز والفلوت الأميركية التي يعطيها نكهة خاصة الموسيقي الكبير المعلم يوسف لطيف». وأضاف: «نحن سررنا كثيرا بالتجاوب الكبير الذي لمسناه من الجمهور في أمسية بينالي الشارقة وكما نقول دوما: إن هذا الاندماج والتمازج مع موسيقيين أجانب يغذي موسيقى (الغناوة) ويزيدها حضورا».

وموسيقى «الغناوة» هي في الأصل مزيج من الطقوس الاحتفالية للمعتقدات الأسطورية الأفريقية والأمازيغية والعربية القديمة أدخل عليها مؤخرا الإنشاد الديني.

ويطالب القائمون على بينالي الشارقة بضرورة طرح جدلية التداخل في وسائط التعبير الفنية المعاصرة كنتيجة موضوعية للتطورات التقنية والتنوع الهائل في الخيارات التلحينية الموسيقية والمزج بين المستحدثات اللونية التي تتبع لأذواق متعددة ومتجددة من الموسيقى الهائلة في حقول الفن المختلفة.

ويطمح البينالي بهذا المعنى المطلبي والمجازي إلى ألا يكون بالشكل التقليدي للمهرجانات أو الحراك الفني والثقافي الاعتيادي للمختصين والمهتمين فقط، بل بات يشتغل على فضاء أوسع كأن يأخذ دور المظلة الراعية التي توفر معظم الإمكانات المطلوبة للعمل الإبداعي في مجالات الثقافة والفن كافة.