الأوامر الملكية تصبغ أجواء جلسات منتدى جدة الاقتصادي

ناقش التحولات السريعة التي باتت تشهدها السعودية

شاركت كافة فئات الشعب السعودي في الاحتفالات بشوارع جدة
TT

تداول السعوديون عبر جوالاتهم والإنترنت خلال الأيام الماضية رسائل محبة للملك عبد الله وإعلان تجديد البيعة له، وهو ما أطلق عليه الكثيرون اسم «البيان الشعبي رقم 1». وفي منتدى جدة الاقتصادي الذي تزامن انطلاقه في جدة السبت الماضي مع الأوامر الملكية التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أصبح «الشعب السعودي» نجما تصدر كافة كلمات المشاركين في المنتدى.

الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، بدأ كلمته خلال افتتاح منتدى جدة الاقتصادي في دورته الحادية عشرة بعدة مفردات ارتجالية جسدت مدى التلاحم بين المواطنين ومليكهم، ووجه خطابه للوطن وهنأه بالشعب والقيادة.

وقال الأمير خالد في كلمته التي ألقاها أمام المشاركين من ضمنهم رجب طيب أردوغان دولة رئيس تركيا، «اهنأ يا وطن، فالملك يحب المواطن والمواطن يحب الملك، اهنأ يا وطن فالملك يفخر بالمواطن والمواطن يفخر بالملك، اهنأ يا وطن فالملك يثق في الشعب والشعب يثق في الملك»، وهو ما دفع بكافة الموجودين نساء ورجالا إلى التصفيق وبشدة لما حملته تلك المفردات من معان.

كما لم تخلُ كلمة صالح كامل رئيس مجلس الغرف التجارية الصناعية ورئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة من تقديم شكره للشعب السعودي والتفاخر به على مستوى دول العالم.

ورغم الزحام الذي شهدته الطرقات والشوارع القريبة من مقر انعقاد المنتدى والواقع في فندق هيلتون جدة، فإن الكثير من أفراد الشعب السعودي لم يكفوا عن استكمال احتفالاتهم وسط سيارات الجهات الأمنية التي جاءت بمثابة حماية لهم، الأمر الذي جعل من ذلك الزحام لوحة غلب عليها اللون «الأخضر».

العميد محمد القحطاني مدير إدارة مرور جدة، كشف عن انتشار أكثر من 230 دورية على مستوى مدينة جدة، من بينها ما يقارب 75 دورية لتنظيم حركة السير في منطقة الكورنيش كاملة باعتبارها شهدت زحام منتدى جدة الاقتصادي واحتفالات الشعب التي وصفها بـ «الأعياد الوطنية».

وقال في اتصال هاتفي لـ «الشرق الأوسط»: «عادة ما يتم وضع خطط مسبقة لمنتدى جدة الاقتصادي، حيث إننا اكتسبنا خبرات كافية من الحضور في السنوات السابقة والنقاط التي تشهد زحاما مروريا»، مشيرا إلى أن التنظيم الداخلي للمنتدى أيضا ساعد المرور بشكل كبير في التحكم بالكثافة المرورية في تلك المنطقة.

وذكر أن مواكبة المنتدى وموقعه على كورنيش جدة مع الوضع الاحتفالي الذي نا زال مستمرا حتى اليوم جاءت منظمة جدا في ظل عدم وقوع أي فوضى، وذلك نتيجة التزام المواطنين بالآداب العامة رغم مشاركة كافة فئات الشعب من عائلات وشباب وغيرها.

وأضاف: «هناك فرقة معنية بتنظيم الاحتفاليات والمحافل والتي يتخللها سيارات مرور سري لضبط أي سلوكيات خارجة عن القوانين، وهو ما ساعدنا في تنظيم مرور السيارات دون الحاجة إلى إغلاق الطرق أو مواجهة مشكلات تؤدي إلى إتلاف الأملاك العامة أو ضرر للعائلات».

من جهتها، أكدت الدكتورة لمى السليمان، نائبة رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن مصادفة تزامن انطلاق منتدى جدة الاقتصادي مع صدور الأوامر الملكية كانت سببا في تميز المنتدى خلال دورته الحادية عشرة عن السنوات السابقة، في ظل ردود الأفعال السريعة تجاه تلك الأوامر من قبل المجتمع السعودي.

وقالت في حديث لـ «الشرق الأوسط»: «إن الأوامر الملكية ذات تأثير كبير على الاقتصاد المحلي، وكل جلسة من جلسات منتدى جدة الاقتصادي كانت تناقش تحولات القرن 21، عدا عن التحولات السريعة التي باتت تشهدها السعودية».

وأشارت إلى أن انطلاق المنتدى خلال هذه الفترة أضفى عليه طابع الواقعية بشكل أكبر، والتي كانت غرفة جدة تخطط له منذ المنتدى السابق، إلا أنه تحقق في ظل صدور الأوامر الملكية قبل بدء أعماله بيوم واحد فقط.

وفي الساعات الأولى من افتتاح منتدى جدة الاقتصادي يوم السبت الماضي، تعالت أصوات الحضور تشجيعا وفرحا بعرض مرئي قدمته الغرفة التجارية الصناعية في جدة وتضمن مجموعة من الشابات والشباب السعودي المشاركين بأعمالهم التطوعية خلال كارثة جدة الثانية.

وحظي العرض بإعجاب كل من شاهده من مختلف الجنسيات، وتمت إعادة عرضه أول من أمس عقب الجلسة الثالثة التي حملت عنوان «ما بعد الكوارث»، حيث علق حينها الإعلامي تركي الدخيل مقدم الجلسة بقوله: «إن السعودية ليست غنية بنفطها، وإنما غنية بهؤلاء الشباب»، الأمر الذي دفع بالموجودين إلى التصفيق تأييدا لقوله.

وعلقت نائبة رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة قائلة: «جاءت فكرة العرض المرئي من قبل القائمين على تنظيم منتدى جدة الاقتصادي بعد كارثة جدة الثانية، وأعدنا عرضه مرة أخرى كوننا فرحين جدا بروح الوطنية التي زادتها الأوامر الملكية في نفوسنا»، مؤكدة في الوقت نفسه على أن السعوديين شعب متفائل حتى وإن ابتلي بشيء من الهم، غير أن ذلك العرض المرئي من شأنه أن يرد التفاؤل إلى نفوس الكثيرين.

الحس الوطني، كان أبرز ما يميز منتدى جدة الاقتصادي في دورته الحادية عشرة، وهو ما أرجعت سببه الدكتورة لمى السليمان أيضا إلى حجم الولاء الذي أظهره السعوديون تجاه قيادتهم خلال الآونة الأخيرة.

وأضافت: «المنتدى الآن بات لأهالي جدة الذين لا بد أن يعرفوا ذلك باعتباره يشكل معلما من معالم عروس البحر الأحمر، حتى وإن كانت فائدته تعود إلى السعودية بشكل عام، كونه يحاكي مواضيع تحقق فائدة وطنية لجميع أنحاء المملكة، إلا أنه في حال حدوث شيء لجدة لا يمكن أن نكون بعيدين عن الواقع».

ولفتت إلى أن مواضيع المنتدى أصبحت منذ اليوم محلية برؤية عالمية، وذلك من منطلق ضرورة وجود الإحساس المحلي داخل منتدى جدة الاقتصادي، مما يجعل من غير الممكن تنظيمه مجددا دون تجسيد مشاعر السعوديين.