«رحبة الزبيب» سوق مزادات.. يباع فيها كل شيء

واحدة من أشهر أسواق فاس وزوارها من جميع أنحاء المغرب

جانب من سوق «رحبة الزبيب» (تصوير: أحمد العلوي المراني)
TT

«رحبة الزبيب» هو اسم سوق في فاس تعتمد على طريقة «الدلالة» التقليدية المزادات حيث يعرض كل شيء للبيع وتبدأ عملية تحديد السعر من «الدلال» في البداية ثم يرتفع السعر من طرف الزبائن الراغبين في الشراء. وهي سوق يمكن أن تجد فيها كل شيء وبأسعار تختلف من يوم إلى آخر، وهي أيضا سوق الذين تعرضوا لضائقة مالية فيضطرون إلى بيع أثاث منازلهم أو مقتنياتهم الخاصة.

وتقع هذه السوق في قلب مدينة فاس القديمة، في واحدة من أشهر مناطق المدينة التقليدية وهي منطقة ساحة الرصيف.

تعرف السوق رواجا تجاريا خاصا لا تعرفه بقية الأسواق طوال الأسبوع باستثناء يوم الأحد وهو يوم عطلتها الأسبوعية، ويأتي إليها عدد كبير من الناس من داخل وخارج فاس بل ومن جميع أنحاء المغرب، بغرض البيع والشراء في الوقت نفسه وذلك عن طريق الدلالة التقليدية.

هناك من يتردد على هذه السوق لتزجية الوقت يظل يتنقل من مكان إلى آخر حتى المساء ودافعهم حب الاستطلاع لمعرفة ماذا يبيع الناس وما هي أسعار ما تم بيعه، وبينهم من لا يحلو له التسوق إلا من هذا المكان في قلب المدينة القديمة.

سوق يباع فيها كل شيء على الرغم من أن اسمها لا يدل على محتواها وما تعرفه من تجارة، حيث يطلق عليها «رحبة الزبيب» وكلمة «رحبة» تعني في العامية المغربية المكان، والزبيب إشارة إلى الزبيب المعروف.

كثيرون يحبذون فكرة التسوق من «الدلالة» (البيع بالمزاد العلني) الطريقة المعتمدة في هذا «المعرض التجاري» غير المنظم. يقول محمد لمين: «أنا من سكان مدينة الرباط، وكلما أتيحت لي الفرصة لزيارة مدينة فاس استغللتها لزيارة (رحبة الزبيب)، حيث أجد في الغالب ما يلزمني للبيت».

تجار رحبة الزبيب (الدلالة) من نوع خاص، أغلبهم دفعتهم الحاجة إلى عرض أشياء ثمينة جدا أو ربما لا قيمة لها للبيع، نساء يعرضن السلع المستعملة ورجال دفعهم عوزهم المادي إلى بيع بعض مستلزمات بيوتهم. تعتمد سوق الدلالة في رحبة الزبيب على الأساليب القديمة في إدارة عملية البيع والشراء، بعيدا عن تقنيات السوق أو الأساليب الحديثة، التي يعتمد عليها في تدبير عملية البيع والشراء. تقول رشيدة عاكف: «اضطررت لبيع جهاز التلفزيون وآلة الخياطة لدفع الإيجار وفاتورة الماء والكهرباء».

في هذه السوق العشوائية لا توجد معرفة لا ثمن لها، خليط مثير للدهشة تمتزج فيه الحقائق بالأوهام، كثيرون يعتقدون أنهم ربما يجدون «شيئا غاليا» يعرض للبيع بسبب حاجة صاحبه للمال. في سوق «رحبة الزبيب» قد تجد فعلا تحفا فنية ثمينة معروضة للبيع وبأسعار بخسة لكن ذلك يخضع لمنطق الصدفة والحظ، وهناك دائما شعور يراود الذين يزورون السوق بأنهم سيجدون يوما ما شيئا ثمينا بسعر بخس.

من بعيد أو من قريب، يحمس مشهد المساومة ويشجع الزائرين لاقتناء أشياء بأسعار مناسبة، الوسيط هنا أو «الدلال» هو الذي يتولى الإعلان عن الأسعار، وهي عملية مناقصة يجريها لعرض ما هو مطلوب للبيع بسعر مناسب. صادفنا «دلالا» يعرض لبيع جهاز تلفزيون لامرأة عجوز، حدد السعر في البداية في مبلغ 200 درهم (25 دولارا) ليرتفع السعر تدريجيا إلى 500 درهم (63 دولارا).

بعيدا عن صخب السوق، يفضل كثيرون التمتع بالتجول مشيا على الأقدام وسط الأزقة الضيقة لمدينة فاس القديمة، وأثناء التجول في السوق يصعب على البعض الخروج من المدخل نفسه الذي جاءوا منه، بل يتوه بعضهم نظرا للطرقات الضيقة الملتوية والبوابات الصغيرة. وبينما تتوغل أكثر داخل دروب وأزقة فاس القديمة، تلمس عادات وسلوكيات تجسد الهوية التي لا يمكنك أن تجدها في فاس الجديدة أو في المدن المغربية الأخرى، إذ المكان ضيق والعمران قديم وفي الأزقة حركة تجارية نشيطة، وتنتشر محلات الصناع التقليديين المتناثرة في جميع الأزقة، وقد تتناهى إلى مسامعك نغمات مختلفة، لكنها منسجمة، حيث تجد من يضرب بمطرقته الصغيرة بخفة ودقة على آنية من نحاس أو قطعة فضة مزركشة.