قضى راندل 10 سنوات يضع علامات التقاطعات بدءا من الشارع الأول وحتى الشارع 155

تعرض مصمم شبكة مدينة نيويورك لهجوم

TT

كان جون راندل، السكرتير والمساح والمهندس الرئيسي لمفوضي شوارع مدينة نيويورك، دون شك، أشهر موظف عام في زمنه.

بدأ راندل ورفاقه مهمتهم في عام 1808 لكنهم تعرضوا للرشق بحبات الخرشوف والكرنب واعتقلوا من قبل شريف المقاطعة بتهمة التعدي على أملاك الآخرين (وغالبا ما كان يتم دفع الكفالة عبر ريتشارد فاريك العمدة السابق للمدينة)، وتمت مقاضاتهم على الأضرار التي تسببوا فيها بعد تقليم الأشجار، وتعرضوا لهجوم الكلاب التي أطلقها عليهم أصحاب العقارات الذين أثار غضبهم إمكانية دخول ممتلكاتهم ضمن الشوارع الجديدة في المدينة (والذين كان الكثيرون منهم كما أشار راندل من الأثرياء).

كان راندل يضطلع بمهمة لا يحسد عليها من صياغة وتنفيذ شبكة شوارع مانهاتن التي خلصت اللجنة إلى أنها تبدو الأفضل من الخطط الأخرى والأكثر شعبية، ولا يشوبها سوى عدد ضئيل للغاية من أوجه القصور.

كان راندل دائم التجوال، ففي بداية كل صباح تقريبا أوائل عام 1808 كان يتجه شمالا من وسط المدينة، ليتجول بين الألواح الخشبية الموضوعة على القناة التي تمر بمروج ليسبارند، وتمتد الجولة لتصل إلى منزل آرون بور الريفي في ريتشموند هيل، وكذلك منزل توماس باين، وأخيرا يصل إلى مكتبه في شارع كريستوفر بقرية غرينيتش.

شق القائمون على المسح طريقهم عبر الغابات والشجيرات والعوائق التي كانت شبه مستحيلة دون الاستعانة بالفؤوس.

في عام 1809 أصدرت الهيئة التشريعية قرارا يجيز لهم قطع الأشجار وإزالة كل ما قد يعترض طريقهم، حيث يمكن تعويض أصحابها عنها فيما بعد.

وفي مارس (آذار) من عام 1811 قدم راندل 3 مخططات مرسومة بخط اليد، كل منها بحجم 9 أقدام - قال عنها توماس لانون، مساعد أمين مكتبة نيويورك الذي يمتلك مخطوطة أصلية منها «إنها عمل عبقري». لعل السبب الأبرز في تفوق عمل راندل هو أنه قضى السنوات العشر التالية يحدد ويضع علامات التقاطعات بدءا من الشارع الأول وحتى الشارع 155، مستخدما في ذلك 1549 قطعة من الرخام، طول كل منها 3 أقدام وعندما تكون التربة صخرية للغاية، مع 98 قطعة حديدية مغلفة بالرصاص (ثم أعاد مسح 30 ميلا أخرى بعد أن قام أصحاب الممتلكات بعملية تخريب ونزع للعلامات). كما قام أيضا بعملية مسح ورسم خريطة للمنطقة الواقعة إلى الشمال من مانهاتن ليتم خريطته (خريطة المزرعة) التي تتكون من 92 صفحة تملأ أربعة مجلدات تبلغ مقاييسها 11 × 50 قدما.

اتخذ هذه المقاييس الدقيقة بأدوات اخترعها هو (مسطرة حديدية طولها 50 قدما تتمدد 0.0003585 قدم مع كل درجة حرارة)، وملأ أكثر من 40 كتابا جلديا بملاحظات ميدانية (الكراسات موجودة في الجمعية التاريخية لنيويورك، التي تتضمن أيضا وصفا للزبد الآيرلندي). وكرياضي ومساح مستقبلي للقنوات والطرق والسكك الحديدية كان لديه رؤية متسقة للغاية.

ولد راندل في ألباني (عاصمة ولاية نيويورك) عام 1787، ولا تتوافر معلومات كثيرة عن نشأته الأولى، لكنه أصبح تحت وصاية سيمون دي ويت المساح العام لمدينة نيويورك وواحد من ثلاثة مفوضين للشوارع. كان راندل دقيقا في حساباته كما هو الحال في مسحه - وتتضمن كراساته قسيمة بـ12 دولارا ثمنا لحصان. وعلى الرغم من وصف جيوفرنير موريس له بأنه «أكثر طموحا للدقة منه إلى تحقيق الربح، يمكن أن يكون أيضا كثير الضيق والجدال»، فقد أبدى راندل غضبا شديدا عندما علم أن المفوضين استأجروا مساحا آخر هو ويليام بريدجز لنشر أول خريطة لشبكة الشوارع (ولم تقم نسخة بريدجز بمحو اسم راندل - الذي يبدو ثلاث مرات على خريطته، لكن راندل قال إنها استثنت 58 بناء وزادت عرض الجزيرة 200 قدم).

عمل راندل على تزيين خريطته الأصلية في عام 1814، لكنها لم تنشر حتى عام 1821 لأنه خشي من أن يستغلها الآخرون الذين كانوا قد أحرقوا واشنطن للتو، باستغلالها في الهجوم عليهم.

بعد أربع سنوات تمت إقالة راندل من منصبه ككبير مهندسي لشركة «لشيسابيك وديلوار كانال». وقام بمقاضاة الشركة على إقالته من الخدمة. وبعد إقالته من شركة هندسية أخرى باتهامه بأنه أحمق كاذب حصل على تعويض كبير بلغ 226,886.84 دولار (أكثر من 5 ملايين اليوم). واشترى هو وزوجته منزلا على مساحة ألف فدان في ولاية ميريلاند يدعى «رانديلا».

لم تنته أحلامه تجاه جزيرة مانهاتن، ففي عام 1846 كان من بين الذين اقترحوا إقامة سكة حديدية مرتفعة على برودواي وقام بصناعة نموذج للخط الجديد (تكلف 4 آلاف دولار ووصل وزنه إلى 3 أطنان) يمتد من شمال المدينة إلى الضاحية الجديدة شمال الشارع 155.

كانت عملية المسح التي قام بها راندل عام 1811 هي ما وضعته على الخريطة، وفي عام 1864، العام الذي سبق وفاته، أعاد راندل التأكيد على أن شبكة الشوارع التي وضعها كانت موضع فخر وتباهي المدينة، ومخططا وفر الأمن من الحرائق، والانضباط الجميل والملاءمة، وحسن بشكل كبير من قيمة العقارات في المدينة.

* خدمة «نيويورك تايمز»