معرض جماعي يوثق لثورة 25 يناير في مصر

جسد مشاركة الأطفال في أحداثها والعلم الوطني قاسم مشترك في اللوحات

عشرون لوحة توزعت داخل أروقة القاعة، وعلى واجهاتها الخارجية، وقد تنوعت موضوعاتها لتوثيق أحداث الثورة («الشرق الأوسط»)
TT

تستضيف قاعة «ركن الفن» بحي الزمالك بالقاهرة معرضا جماعيا لعدد من الفنانين التشكيليين المصريين يتسم بالتنوع الشديد بين المدارس والأعمار والأساليب الفنية. يبرز ذلك عبر أكثر من عشرين لوحة توزعت داخل أروقة القاعة، وعلى واجهاتها الخارجية، وقد تنوعت موضوعاتها بين توثيق أحداث الثورة، خاصة فيما يتعلق بميدان التحرير، وبين التقاط الإرهاصات الفنية من خلال موضوعات متعلقة بالفساد والأزمات الأخرى في مصر قبل 25 يناير (كانون الثاني) 2011.

ولفت الأنظار لوحات جسدت وجود الأطفال في الميدان معبرين عن رفضهم للنظام القديم، فقد استلهم فتحي علي أحد الفنانين المشاركين بالمعرض إحدى لوحاته مما كتبه ابنه له على ورقة قائلا «عايز حقي»، أي حقه في التعليم وفي مستقبل واضح الملامح وفي الصحة والأمان وغيره من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الطفل. إلا أن المعرض احتوى أيضا على لوحات رصدت الأوضاع السياسية والاجتماعية المتدهورة التي عاشتها مصر عبر ثلاثين عاما في عباءة النظام السابق. وقد لفتت الأنظار لوحة للفنان رضا خليل، تجسد مشهدا لعدد من التوابيت فوق مياه البحر، وبحسب الفنان لـ«الشرق الأوسط» فإن هذه اللوحة تعبير عن حادث العبارة المصرية الشهيرة التي تسبب غرقها في وفاة أكثر من ألفي مصري منذ عدة سنوات، ويرى خليل أن رصده كفنان لمثل هذه النوعية من الأحداث والمواقف الجسام الدالة على الفساد والقهر بمثابة واجب وطني وفني أيضا، كما أكد على أن مثل هذه الأعمال وإن كانت في ظاهرها لا تمت للمشهد الحالي المتبلور بعد الثورة، فإنها تصب في خدمتها، «فكشف عوامل قيام الثورات من خلال الإبداع لا يقل عن رصد وتوثيق هذه الثورات من خلال رسم أحداثها».

أما الطبيبة سعاد فرنكة التي تمارس الفن التشكيلي منذ 15 عاما فقد شاركت في هذا المعرض بلوحة بدت غريبة بعض الشيء في التعبير عن فرحة المصريين بثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد رسمت بدويا من سيناء يجلس أمام خيمته يصنع القهوة وقد انتشر علم مصر على كل المفردات البيئية من حوله، وتذكر سعاد أن «الجميع قد ركز اهتمامه على القاهرة، وبالأخص ميدان التحرير، إلا أنني أرى أنه يجب الالتفات إلى من هم خارج العاصمة، فإن أهل سيناء قد قدموا شهداء لمصر، وإنهم فرحون بالتأكيد بنجاح هذه الثورة».

ويبرز العلم المصري كمقوم جمالي مشترك في العديد من اللوحات، وعبر الفنانون عن ذلك بوسائل متنوعة، بداية من طرق صناعة العلم وتنوع أحجامه منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، مرورا بتشكيله عن طريق البالونات التي تحمل ألوانه الثلاثة المعروفة الأحمر والأبيض والأسود، وحتى رسمه على وجوه الشباب والأطفال، وصولا إلى استخدام عناصره اللونية ورمزيته في صياغة لوحات تشكيلية متنوعة معبرة من خلاله عن الثورة والانتماء.

وقد أكد دكتور محمد المسلماني، بكلية التربية الفنية، أحد الفنانين المشاركين في هذا المعرض، على أن من أهم ما أنجزته الثورة المصرية، إلى جانب المنجزات المعروفة، هو إخراج رمزية العلم المصري من فكرة الانتماء المحدودة للنشاط الكروي إلى عمومية الانتماء لمصر بأسرها، وقد قام المسلماني بالتعبير عن ذلك عن طريق رسم لوحة زيتية كبيرة المقاس يقول عنها إنها تمثل مصر مدمجة برمزها الوطني، ألا وهو العلم الذي لا يخلو منه شارع أو بيت في مصر الآن.

معرض «لوحات الثورة»، يعد الثاني الذي تقيمه قاعة (Art Corner)، بعد نجاح المعرض الأول الذي أقيم منذ أسابيع في المكان نفسه، حيث تؤكد هند أحمد، إحدى المشرفات على القاعة أن هذا المعرض يأتي تلبية لرغبات المبدعين والجماهير في استمرار هذه النوعية من المعارض التي تؤرخ للثورة المصرية من خلال الفن التشكيلي، وتعتبر هند أن للتنوع الشديد في اللوحات، دلالات الزخم الذي تشهده الساحة الفنية هذه الأيام، خاصة على مستوى التشكيل.

وعلى الرغم من موجة البرد التي تشهدها مصر هذه الأيام فإن إقبال الزوار على هذا المعرض كان جيدا، وقد شهد تنوعا في الزوار، فقد لوحظ وجود عدد من الأطفال والشباب الصغير بين الجمهور، الذي أكد لنا بعضهم أنهم يتابعون بشغف كل ما يتعلق بالتعبير عن انتصار ثورة يناير، سواء من خلال الندوات الفكرية أو الشعرية أو المعارض بمختلف أشكالها.