المواقع الاجتماعية سيف ذو حدين

يرى البعض فيها وسيلة من وسائل التعليم فيما يراها البعض الآخر مشكلة

ستصبح ولاية فيرجينيا إحدى الولايات التي تتبنى فرض قيود صارمة على استخدام شبكات المواقع الاجتماعية.. لكن المعارضة من قبل المعلمين والمسؤولين في المدارس المحلية دفعت باتجاه إعادة النظر في تلك القيود («نيويورك تايمز»)
TT

لدى كيميا هاغيغي، البالغة من العمر 17 عاما، مشكلة في كتابة النثر. فبقدر ما يوجهها معلموها إلى ضرورة الاختصار في الكتابة، تظل جملها طويلة ومنمقة، وتندفع الكلمات الواحدة تلو الأخرى بلا علامات ترقيم.

وأشرك أوبري لودفيغ، معلم اللغة الإنجليزية في الصف الحادي عشر بمدرسة لانغلي الثانوية، الصف في فصل دراسي لـ«تويتر» يقوم فيه الطلبة بكتابة ردهم على هيمنغواي من خلال رسائل على موقع «تويتر» يصل عدد كلماتها إلى نحو 140 كلمة. وفجأة أصبحت كتابة هاغيغي جيدة وخبرية وتفصل بينها علامات الترقيم. وقالت: «لقد كان نجاحا باهرا».

لقد أصبح هذا النوع من الطرق التعليمية تحت مراقبة السلطات المحلية التعليمية، حيث تنظر ولاية فيرجينيا والولايات الأخرى في لوائح تنظم تفاعل المعلمين والطلبة على شبكة المواقع الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«ماي سبيس» و«تويتر». يريد مسؤولون استغلال هذه الفرصة التعليمية التي يقدمها لودفيغ ومعلمون آخرون، لكنهم يرغبون أيضا في منع المنحرفين جنسيا من استغلال النمط الاجتماعي غير الرسمي لهذه المواقع الإلكترونية لبناء علاقة مع ضحايا محتملين. وقد صوّت مجلس إدارة فيرجينيا التعليمي يوم الخميس الماضي لصالح تشجيع الإدارات التعليمية على مستوى الولايات على تبني سياسات تنظم استخدام المواقع الاجتماعية التي يستخدمها المعلمون. لم تكن هذه الخطوة بالقدر نفسه من شجاعة المقترح السابق، لكن ما زال يجعل الولاية في مركز متقدم من حيث التعامل مع مثل هذه القضايا.

من أسباب الدفع باتجاه فرض مثل هذه الضوابط قضية كيفين ريكس، وهو معلم سابق في مدرسة ماناساس الثانوية والذي أدين العام الماضي بالتحرش جنسيا بطالب سابق. تبادل ريكس رسائل شخصية مع عدد من الطلبة على موقع «فيس بوك» كان من بينهم ذلك الطالب الذي وقع ضحيته.

ومن المتوقع أن يدور الجدل بين أعضاء مجالس إدارة المدارس المحلية بشأن كيفية التحكم في الاتصال بين الطالب والمعلم على المواقع الاجتماعية. ويقول سانفورد ويليامز، أحد أعضاء مجلس إدارة مدرسة ماناساس: «أي مجلس إدارة حكيم سينظر في صياغة سياسة في هذا الشأن». لكن على مؤيدي تشديد القوانين مواجهة معلمين يريدون الاستمرار في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي للمساعدة في تعليم الطلبة. ويقول لودفيغ: «جزء من وظيفتي العمل على دمج الطلبة. من الأسهل القيام بذلك إذا استطعت الربط بين الفرض المنزلي بموقعي (تويتر) و(فيس بوك). آمل أنه بحلول موعد اختبار تحديد المستوى المتقدم، أن يترجم ما بدأ كطريقة غير تقليدية إلى مهارة حقيقية».

وتبنى بعض زملاء لودفيغ في لانغلي نهجا مشابها، حيث طلبت كل من ساندرا هاميلتون وسارة فينسينت من طلابهما كتابة بروفايل على موقع «فيس بوك» بشخصيات من رواية «كانتربري تيلز» ومجموعة من روايات جوفري تشوسر التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر.

يقول سايريس كينغدوم، مدرس أول: «كان علي كتابة الاهتمامات وتحديث وضع الراهب الكاثوليكي في الرواية. إنه كان مثل أخ. إنه نوع من الفروض التي وجدتها مثيرة للاهتمام لأنني رأيت أنني أستطيع ربطها بالدرس». قد يكون الفرض غير تقليدي لكنه ليس فريدا من نوعه. ويعج موقع «فيس بوك» بشخصيات تشوسر وهي نتاج واجبات وظيفية اللغة الإنجليزية في الصف الثانوي في أنحاء الدولة. وقد شكّل معلمون آخرين مجموعات على «فيس بوك» لصفوفهم لاستخدامها في إرسال التكليفات بالواجبات الوظيفية المنزلية والروابط والمقالات ذات الصلة ورسائل التذكير الخاصة بالاختبارات المقبلة والمواعيد. ويستطيع الطلاب متابعة هذه التحديثات دون أن يصبحوا أصدقاء مع معلميهم على موقع «فيس بوك». لكن يساور مسؤولو التعليم في ولاية فيرجينيا القلق من أن تفتح هذه الوسائل التكنولوجية الباب للمنحرفين ومرتكبي الجرائم. فقد سجلت الولاية ما يزيد على 120 حالة من انحراف السلوك الجنسي بين معلمين وطلبة خلال العشر سنوات الماضية كان أكثرها من خلال رسائل نصية أو أشكال أخرى من وسائل الاتصالات الرقمية بحسب تشارلز بايل، المتحدث باسم إدارة فيرجينيا التعليمية. ويقول الخبراء إن مثل هذا السلوك يجعل من السهل على المنحرفين الانخراط فيما يطلق عليه الخبراء «مصاحبة جنسية» وهي أولى مراحل العلاقة غير اللائقة بين الطالب والمعلم.

ستصبح ولاية فيرجينيا بفضل النسخة الأصلية من القوانين التي يقترحها مجلس الإدارة إحدى الولايات التي تتبنى فرض قيود صارمة على استخدام شبكات المواقع الاجتماعية، لكن المعارضة من قبل المعلمين والمسؤولين في المدارس المحلية دفعت باتجاه إعادة النظر في تلك القيود. وقال بايل: «لقد راجع مجلس الإدارة السياسة واعترف بأن الأسلوب التوجيهي في اقتراح سياسة نموذجية ليس قابلا للتطبيق».

ويرى بعض الخبراء في التعليم والانحراف الجنسي أن الإرشادات والتوجيهات المبدئية التي تبنتها الولاية واعدة لكن تم إحباطها من خلال النسخة الضعيفة التي تم تبنيها يوم الخميس الماضي.

ويقول تشارول شيكشافت، مؤلف تقرير وزارة التعليم الأميركية لعام 2004 عن الانحراف الجنسي والأستاذ في جامعة فيرجينيا كومونولث: «التوجيهات الأولى كانت خاصة بالأطفال، بينما الأخيرة خاصة بالبالغين. كانت فيرجينيا ستصبح الولاية الرائدة لكنها لن تكون الآن».

على الجانب الآخر، أشهرت بعض المواقع الاجتماعية الكبرى سلاح التعليم، حيث أوضحت كيف يمكن لها وللوسائل التكنولوجية المتنقلة أن تصبح وسائل تعليمية مفيدة. لكن أملا في إخفاق المواقع الإلكترونية مثل «تويتر» و«فيس بوك» في المدارس الحكومية، بدأت مجموعة من المواقع الاجتماعية الناشئة في تسويق منتجات مصممة للفصول الدراسية.

ويقدم موقع «سكولوجي» و«مودل» و«بلاك بورد»، عملاق التعليم على شبكة الإنترنت، خدمة المواقع الاجتماعية التي تقتصر على المعلمين والطلبة.

إنها سوق يمكن أن تتوسع بشكل كبير اعتمادا على السياسات التي سوف تتبناها الولاية والحكومات المحلية خلال السنوات المقبلة. ففي ولاية لويزيانا على سبيل المثال قد يستخدم المعلمون الوسائل الإلكترونية أو الرقمية «أو أي وسائل أخرى توفرها المدرسة». وتحظر إدارات تعليمية أخرى موقع «فيس بوك» باعتباره مصدر قلق بشأن الأمن، لكنها تسمح بالدخول على موقع «سكولوجي» و«بلاك بورد» حيث من الأسهل وضع ضوابط على التفاعل بين الطلبة والمعلمين. وتقول كاثي سميث، رئيسة مجلس إدارة مدرسة مقاطعة فيرفاكس: «لا يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، بل بكيفية استخدامها وبالسلوك المقبول. أي شخص يريد أن يقيم علاقة بهذا الشكل سيجد طريقة للقيام بذلك».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»