«المقمع والأهازيج.. والمأكولات العسيرية» تجذب وفد الكونغرس في السعودية

أبدوا انبهارا باستقبال عدد من السيدات لهم في مطار أبها

الوفد الأميركي داخل القرية التراثية
TT

لم تكتف عسير بمكانتها السياحية لدى الشعب السعودي، بل وثقت إمكاناتها بقوة جذبها لزوار من مختلف دول العالم، وأثبتت أنها تستحق أن تدرج ضمن جدول سياحة المؤتمرات.

ولم يخفِ وفد الكونغرس الأميركي الذي توجه منذ يومين نحو عسير بعد عدة جولات شملت العاصمة الرياض ومدائن صالح إعجابهم بالمنطقة ومناخها، من اللحظة التي وطئت أقدامهم فيها مطار أبها الإقليمي.

«الشرق الأوسط» كانت مع بعض أعضاء الكونغرس ومرافقيهم من رجال الأعمال والسيدات.

جورج بي بوش، صاحب شركة «فيني بيكر كبيتل»، قال بأن ما يملكونه من معلومات حول جغرافية عسير، وأسلوب الحياة فيها، يختلف تماما عن الواقع. وفي سؤال عن مكامن الاختلاف، قال جورج «اختلاف المناخ والطبيعة بينها وبين باقي المدن السعودية التي زرناها، والعادات الحياتية البارزة». وأشار بي بوش إلى دهشة أعضاء الوفد لرؤية سيدات سعوديات من عسير يقفن في استقبالهم.

وأبدت ساندي مراد حرم الدكتور غسان مراد رئيس عيادات العائلة لطب الأسنان، التي كانت ضمن الوفد، أن التراث المتراص على أركان مناطق عسير، كان الجاذب الأول لهم، خاصة أن تلك الملامح التراثية، تعد من المغريات السياحية لتلك الوفود الأجنبية.

ووضعت الهيئة العامة للسياحة جدولا ترفيهيا تثقيفيا للوفد الأميركي، شمل زيارة الجبل الأخضر ثم متحف الراقدي، الذي تناولوا فيه وجبة العشاء يوم وصولهم، وقاموا في صباح اليوم التالي بزيارة سوق الثلاثاء، ومتنزه الجرة، الذي يعتبر من أهم المحميات البكر. وقام الوفد أيضا بزيارة قرية بن حمسان التراثية، التي كانت بالنسبة للوفد، «من أروع وأجمل الأماكن التي زاروها في عسير»، حيث استقبلهم المهندس عبد الكريم الحنيني وكيل إمارة منطقة عسير، وظافر بن حمسان صاحب القرية التراثية، وبعض المسؤولين، بالقصائد والأهازيج والنار المشتعلة في أكبر جزه في العالم، وهو موقد يستخدمه أهل عسير «لوضع الحطب بداخله لغرض التدفئة»، والذي أدرج مؤخرا ضمن موسوعة «غينيس».

وبعد أن ولجوا إلى ساحة القرية، اعتلى بن حمسان منبره، ليعطيهم بعض الشروح المختصرة عن أهم ما يميز تراث عسير وبعض العادات والتقاليد، وأخذ يحيطهم علما باستخدام البندقية، التي تسمى في عسير «المقمع»، وهذا يعد عادة راسخة لأصول الضيافة والترحيب بالضيف، ليطلق بعد انتهائه من الشرح، صوتا دوى في أرجاء المكان، مما أثار إعجاب الوفد لتعلو صيحاتهم بالإعجاب والمفاجأة.

وأثناء جولتهم داخل المتحف، قالت بريندا جنسون وزوجها نورمان جنسون رئيس شركة «أدفانسد كوريكشينال» الطبية: «تستهوينا حقا تلك الأحجار المتراصة فوق بعضها، التي بارتصاصها، تكون بناء حجريا، يأوي ساكنيها، والمبدع في الأمر، هو التفكير المعماري لهؤلاء البنائين، ومدى فراسة فكرهم في آلية الملاءمة بين المناخ والبناء».

وداخل كريس هذاوي مدير فرع شركة «كاتربيلر في الشرق الأوسط»، بعد أن استمع إلى فنيات تنفيذ نقوش القط على جدران المنازل قديما والاستخدامات المشاركة في خلق ذلك الإبداع قائلا «كم أتمنى أن أحظى بمثل تلك النقوش على حائط منزلي، فالإبداع والدقة في توظيف الألوان المتداخلة، يعكسان شكلا من أشكال الراحة البصرية، ويعطيان تعبيرا مبسطا للفن التكعيبي، خاصة أنها كانت تنفذ بأدوات بدائية بسيطة، وما زالت من أهم المخزنات التراثية الجاذبة للمشاهد».

وبعد انتهاء الجولة، تقدم الوفد نحو مائدة العشاء، التي شملت جميع الأكلات الشعبية، ومنها «الرقشة والمقلقل والعصيدة والحنيذ» وغيرها من الأطباق الشعبية، وجذب الفطير المعد بطريقة خاصة اهتمام الوفد، حيث لاحظوا أن طوله وشكله يقارب شكل الفطير الفرنسي المخبوز.

وبعد تناولهم لوجبة العشاء، توجهوا لمشاهدة الرقصات الشعبية التي عكست التراث الجيزاني، ليشارك بعض الوفود في أدائها، بطريقة مشابهة، وبروح مرحة، ممسكين بالخناجر والجنابي، ومتراصين جنبا إلى جنب، مؤدين حركاتهم في تناغم مع الفرقة.

من جهته، أكد المهندس عبد الكريم الحنيني، وكيل إمارة عسير، أن زيارة الوفد الأميركي لمنطقة عسير، يضيف إلى سجل الزيارات الدولية الشيء الكثير، خاصة في ظل التطور السياحي الحاصل، الذي بحسب قوله، ما زال في بداياته رغم قوته. وأضاف: «لقد سعدت كثيرا برد فعل الوفد الأميركي عند زيارته لعسير، حيث تؤكد معالم الدهشة والإعجاب على محياهم لنا أننا نسير على الطريق الصحيح للتنمية السياحية، ونحسن عملية الحفاظ على التراث، من خلال رصد وحماية الممتلكات التراثية، وعرضها بالشكل اللائق للزوار من دول العالم».

وأشار عبد الله مطاعن، المدير التنفيذ للهيئة العامة للسياحة، إلى أن ما تم عرضه وتنسيقه من رحلات وزيارات لم يتجاوز الـ30 في المائة من الكنوز التراثية والجغرافية، التي تنعم بها منطقة عسير، في إشارة إلى ضرورة الحرص على أن تقدم المرأة في عسير نفسها كمشارك أول ومهم في عملية التنمية السياحية والتطويرية للمنطقة.

من جانبه، قال ظافر بن حمسان صاحب القرية التراثية «عسير تعتمد على التراث والطبيعة حاضرا وماضيا. وقد أيقنا مؤخرا أنه لا مناص من الحفاظ على التراث، من خلال تقديمه كما هو دون تغيير، وهذا الجاذب الأول والأخير لتلك الوفود، التي تقطع كل تلك المسافات باحثة عن تراث الشرق».

وفي السياق ذاته، اعتبر صالح قدح مدير عام الشركة الوطنية للسياحة (سياحية) أن عسير لو تم تقييمها جغرافيا، واستثمرت سياحيا، لاحتلت المراتب الأولى في عملية التطور الاقتصادي والسياحي المعتمد في الكثير من جوانبه على التراث والمناخ والطبيعة الجغرافية.