لبنانيات يتهمن وزارة السياحة باستخدام أجسادهن لجذب السياح

اعتبرن أنهن يتعرضن للعنف المعنوي عبر وسائل الإعلام والأغنيات

مشهد من الإعلان («الشرق الأوسط»)
TT

في حين اعتبر وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فادي عبود خلال إطلاقه الحملة الإعلانية الأخيرة، التي تحمل عنوان «الحنين إلى لبنان» والتي تم التركيز في أحد أفلامها على صورة المرأة اللبنانية، أن «الترويج المبدع هو الطريق الصحيح نحو إيجاد هوية سياحية متميزة تعكس الصورة الحقيقية للبنان الزاخر بالمقومات السياحية»، جاءه الرد من جمعيات نسائية مدنية وفتيات لبنانيات رفضن محتوى هذه الإعلانات، بعدما اعتبرن «أن النساء اللبنانيات يتعرضن ومنذ مدة إلى العنف المعنوي وإلى إهانة ممنهجة في الأغنيات والإعلانات وشاشات التلفزة». ورفض هؤلاء اللبنانيات والحملة التي يقمن بها على الشبكة الإلكترونية وفي وسائل الإعلام، جاء كخطوة أولى عبر بيان طالبن فيه وزارة السياحة بسحب الإعلان والاعتذار ممن أساء إليهن، بينما ستكون الخطوة الثانية هي إنتاج أفلام قصيرة تعكس الصورة الحقيقية للمرأة اللبنانية بما تعانيه من تمييز بينها وبين الرجل في القانون اللبناني. ويرتكز هذا الإعلان على فكرة شاب أميركي أمضى عطلته في لبنان ولا يزال «تحت تأثير» الأجواء اللبنانية، وهذا يبدو من خلال رد فعله عندما تسأله زميلته في العمل كيف كانت رحلته وفي يده صور عدة لفتيات في لباس البحر. وبدل أن يجيب عن السؤال يبدو شارد الذهن يعود بذاكرته إلى مشاهد لبنانية عدة أهمها الفتيات على شاطئ البحر وفي أماكن السهر، إضافة إلى بعض المشاهد التي تصور طبيعة لبنان الخلابة، لينتهي السيناريو بشعار «الحنين إلى لبنان».

وفي البيان الذي وقع باسم ناشطات في مجال حقوق المرأة، اعتبر النسوة «أن وزارة السياحة تستثمر فيه أجساد اللبنانيات وكأن لبنان صار (كباريه الشرق الأوسط)» لجذب السياح. معتبرات أن «وزارة السياحة تستفز النساء وتحاول الاتجار بهن من خلال صور وهمية وكاذبة لجني الأرباح، في وقت ما زلنا فيه نتعرض للعنف وعدم المساواة في غياب أي قوانين تلغي التمييز الجندري ضدنا وتحمينا من تسلط المجتمع الذكوري. بينما الحقيقة ليست أننا نساء (متحررات)، بل هي أننا محرومات وفقيرات ومظلومات ومقموعات، ولا نزال نخضع لألف قيد وقيد اجتماعي وأسري وقانوني واقتصادي». وختم البيان بطلب من وزارة السياحة، بسحب هذا الإعلان فورا والاعتذار، مؤكدات «سنكون بالمرصاد لأي إعلان آخر يسيء إلينا ولحريتنا وكياننا الشخصي المستقل، وسنحرص على ملاحقة المسؤولين عن هذه الإعلانات قضائيا من الآن فصاعدا».

وفي حين تعتبر يارا حركة، إحدى الفتيات اللاتي شاركن في صياغة البيان، أن اعتراضهن ليس على اللباس أو المشاهد التي تظهر فيها الفتاة اللبنانية والتي هي جزء من حياتها، إنما في اعتماد هذه الصورة لجذب السياح، في حين أن هناك صورة أخرى بل معاكسة لنساء لبنانيات معنفات لا يزال القانون اللبناني مجحفا بحقهن، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «في لبنان، لا يتم التعامل معنا كمواطنات كاملات الحقوق، إذا لا تزال المرأة اللبنانية تناضل لتمنح جنسيتها لأبنائها، بينما يعمد المسؤولون على استخدام جسدها للترويج للسياحة، وبالتالي هذا يعكس ازدواجية غير مقبولة في التفكير وفي السلوك». وعن الخطوات المقبلة تقول الحركة، «إذا تكرر هذا الأمر فسنلجأ إلى القضاء». من جهتها، تقول لين هاشم من جمعية نسوية لـ«الشرق الأوسط»: «رغم كل ما يظهره الإعلان من استهلاك لجسد المرأة اللبنانية، لا تزال وزارة السياحة مصرة على موقفها، وما صدر عن المسؤولين في الوزارة من مواقف يدل على أنهم لن يعمدوا إلى إيقاف هذا الإعلان». وتلفت هاشم إلى أن الجمعية في صدد التحضير لعدد من أفلام الفيديو القصيرة التي تلقي الضوء على المشكلات التي تعانيها المرأة اللبنانية من تعرضها للعنف إلى حرمانها من منحها الجنسية لأولادها... وتلفت هاشم إلى أن «القانون اللبناني بما فيه من ثغرات يفتقد ما يمكن اللجوء إليه في التمييز ضد المرأة أو أي مادة قانونية نعتمد عليها لرفع دعوى قضائية ضد شركة الإعلانات أو وزارة السياحية، باستثناء ذلك الذي يعرف بـ(قانون الاحتشام) ومراقبة أجساد النساء اللبنانيات وتغريمهن في حال (تجاوزن خطوط الاحتشام الحمراء) وهو قانون نرفضه ولن نلجأ إليه في قضيتنا التي تدعم حرية اللباس». وفي حين كان قد اعتبر وزير السياحة فادي عبود أن هذه الأفلام الإعلانية التي أنتجتها شركةImpact BBDO» »، نجحت في تجسيد ما تطمح إليه الوزارة عبر التوجه إلى شريحة جديدة من الشباب وتصوير روح لبنان وتميزه وجماله، وأعطت صورة عن إبداع اللبنانيين في هذا المجال، مبديا أمله في بث هذه الأفلام على الفضائيات اللبنانية والعربية، بالإضافة إلى الـCNN»» والـ«BBC» العالميتين، فقد نفت مدير عام وزارة السياحة اللبنانية ندى السردوك، في ردها على هذه الحملة المناهضة للأفلام الدعائية التي حصلت على موافقة الأمن العام اللبناني قبل بثها، أن يكون هناك استخدام مقصود لجسد المرأة، «وإنما كان فيه مشاهد من الحياة في لبنان بمختلف أوجهها، كالسباحة على الشاطئ والتزلج في أعالي الجبال، إضافة إلى الحياة الليلية في لبنان»، معتبرة أن الحملة فيها مشاهد أخرى تبرز المأكولات والتراث اللبناني والمعالم السياحية وجمالية الطبيعة، وأضافت «الوزارة أنتجت هذه الأفلام الدعائية بالتعاون مع فريق من الخبراء، ونحن نرسلها أيضا إلى مجموعة من الأشخاص الذين يبدون رأيهم فيها، وليس هناك مس بأي أمر يتعلق بالمرأة». وتؤكد «نرفض رفضا تاما استغلال المرأة أو أن نتهم بأننا نبيع المرأة اللبنانية أو نسيء إليها».تصحيح: مصطفى الجزار