سياسة شد الأحزمة بدأت تأكل في الجسم الثقافي البريطاني

المعارضة تصفها بالهدامة والعاملون في القطاع يقولون إنها قصيرة النظر

TT

رفضت الحكومة البريطانية العدول عن برنامج التقليصات لقطاع الفنون على الرغم من الاحتجاجات الكثيرة من الأوساط الفنية، التي شارك فيها العديد من الفنانين والممثلين والوجوه الاجتماعية والمشاهير، الذين طالبوا الحكومة بأن تغير وجهة نظرها. وقال هؤلاء في مناسبات عدة إن هناك منفعة اقتصادية لبريطانيا على المدى البعيد، كون لندن تتمتع بسمعة جيدة في هذا المجال ويقصدها الملايين من أجل ذلك من خلال ما أصبح يسمى السياحة الثقافية. لكن ردت الحكومة قائلة إن الأزمة الاقتصادية كبيرة ولهذا على الجميع تحمل العبء. سياسة شد الأحزمة والتقليصات التي اقترحتها الحكومة البريطانية الجديدة في ميزانيتها لتغطية عجزها، قد طالت ابتداء من يوم أمس قطاع الفنون، وبهذا فقد خسرت العديد من المؤسسات العاملة في هذا المجال جزءا من مخصصاتها، وفي بعض الأحياء جميعها، وألغت بعض مشاريعها ونشاطاتها. وجاءت هذه الخطوات على الرغم من الحملة التي شنها المعارضون لذلك. فعلى مجلس الفنون، الذي يقدم الدعم المالي للمؤسسات والمشاريع الفنية، اقتطاع 15 في المائة من الأموال التي يقدمها للفنون والموسيقى والرقص والمسرح والآداب وذلك مع حلول 2015، وبهذا سيبقى بحوزته 1.6 مليار جنيه إسترليني (2.5 مليار دولار) يوزعها على المؤسسات الفنية المختلفة التي تدور في فلكه. الحكومة تطالبه بتقليص يصل إلى 30 في المائة. وقال المجلس في تصريحات نقلتها وكالة «أسوشييتد برس»، إنه يرفض فكرة التقليصات «التشريحية» بمقدار 15 في المائة لجميع مؤسسات القطاع دون تمييز، مضيفا أنه يفضل أن يشكل حزمة من النشاطات الفنية لكل مؤسسة ومن ثم يقرر إذا كان هناك داع لشطبها أو زيادة ميزانيتها. «لقد اتخذنا قرارا شجاعا واستراتيجيا، لا يعتمد على سياسة التشريح، التي اعتبرناها مؤلمة»، قالت ليز فورغان.

الجدير بالذكر أن مجلس الفنون يدعم 850 مجموعة ومؤسسة فنية، التي تقلصت إلى 695 اختيرت من أصل 1330. وحسب التقليصات الجديدة، فإن أكثر من 200 مجموعة ستخسر دعمها المالي كاملا ابتداء من العام المقبل، إضافة إلى أن العديد من المؤسسات الفنية ستخسر جزءا من دعمها أيضا. ومن المؤسسات الضخمة التي تتلقى دعما ماليا من المجلس هناك، المسرح القومي ودار الأوبرا والفرقة القومية للباليه، التي تقلص الدعم السنوي المقدم لها بمقدار 15 في المائة. إلا أن هناك 110 مجموعات فنية بدأت تتلقى الدعم المالي لأول مرة هذا العام على الرغم من التقليصات المقترحة، ومجموعات أخرى بدأت تتلقى دعما إضافيا أيضا، وذلك بسبب السياسة التي اعتمدها المجلس والتي لا تعتمد على عملية «التشريح» المقترحة من قبل الدولة. وقبل الأزمة المالية التي بدأت في نهاية عام 2007، أنفقت بريطانيا مليارات الدولارات؛ لتبني وترمم وتوسع المؤسسات الفنية مثل المتاحف والرواق الفنية والمسارح. ويخشى بعض المراقبين من أن العصر الذهبي للفنون البريطانية أصبح مهددا. وقال إيفان لويس، وزير الظل للفنون والثقافة، المتحدث باسم حزب العمال المعارض، إن التقليصات الحكومية سيكون لها «تأثير هدام» والتي تعني أن التذاكر سيرتفع أسعارها بسبب هذه السياسة، «أخشى أن تعود الفنون لفترة الثمانينات والتسعينات عندما كانت الفنون مقصورة على النخبة فقط».

إلا أن الحكومة قالت إن هناك أزمة اقتصادية، ولهذا فعلى الجميع أن يتحمل جزءا من المعاناة. وقال وزير الثقافة جيرمي هانت، إنه وعلى الرغم من الاحتجاجات فإن «مجلس الفنون في وضع مالي أفضل بكثير من المؤسسات الأخرى».

وتخطط الحكومة اقتطاع 80 مليار جنيه إسترليني (128 مليار دولار) من المصاريف العامة خلال السنين الأربع المقبلة. وأضاف الوزير هانت أن الحكومة تعمل على تشجيع القطاع الخاص والشخصيات الميسورة لأن تكون سخية مع قطاع الفنون، حتى تسد أي ثغرات في المصاريف وتتأكد ألا يتأثر القطاع كثيرا بالتقليصات. كما أن الحكومة طالبت مؤسسة اليانصيب الوطني بأن تخصص مبالغ أكبر من ريعها للمؤسسات الفنية من الأموال السنوية المخصصة لذلك. وكانت قد طلبت الحكومة من المجلس تقليص مصروفاته بمقدار 30 في المائة مع حلول عام 2015. وقال المجلس إنه سيقلل مصروفاته الإدارية بمقدار النصف من أجل ذلك.