تونس: معرض جماعي لـ«أدوات الثورة»

«بطاقة جلب» و«الشاهد» و«حرية هشة» و«حراسة»

الشاهد و بطاقة جلب
TT

«إنني الممضي أسفله الشعب التونسي نصدر اليوم 14 يناير (كانون الثاني) 2011 على الساعة الثامنة مساء بطاقة جلب ضد المسمى زين العابدين بن علي وأصهاره وليلى الطرابلسي وأخواتها وذلك إثر هروبهم من الأراضي التونسية بعد أن استولوا على ممتلكات البلاد والعباد طيلة 23 سنة بالإضافة لبث الفوضى بين المواطنين» هكذا أراد محمد حشيشة توظيف آلة راقنة (آلة كاتبة) وجدت ملقاة بالقرب من أحد مراكز الشرطة في الضواحي الشمالية للعاصمة.

هذه الآلة الصماء جلبها ووضعها أمام التونسيين في معرض جماعي يضم مجموعة من الأدوات التي رافقت أيام الإطاحة بزين العابدين بن علي، واحتضنته دار الثقافة ابن رشيق وسط العاصمة التونسية من 19 إلى 27 مارس (آذار) الجاري. وفي تعليقه على المعرض قال حشيشة إن تلك الآلة الراكنة وجدت بالتحديد أمام مقر شرطة الكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة) يوم 19 يناير من السنة الجارية بعد أن تم حرقها وقد كانت تستعمل لكتابة التقارير والمحاضر البوليسية ضد المواطن التونسي، ومن نفس تلك الآلة تصدر اليوم بطاقة جلب باسم المدعو زين العابدين بن علي أو لنقل زين الهاربين بن علي كما سماه التونسيون. الفكرة استوحاها محمد حشيشة من الآلة المركونة في إحدى الزوايا، لتحمل بعد ذلك وفي المعرض اسم «بطاقة جلب».

المعرض الذي يحمل اسم «أدوات الثورة» عرفت مجموعة من الشباب الباحثين عما يؤرخ لثورة 14 يناير كيف يقدمون تلك الأدوات التي تبدو للناظر بسيطة ولكنها تحمل الكثير من المعاني في طياتها، فالشباب عولوا على الملاحظة وجمعوا كل ما بإمكانه أن يعطي فكرة عما حصل خلال بداية سنة 2011. وليد القيزاني.. ليلى بوريشة.. عمر الصفايحي.. محسونة السلامي.. نضال بطيش.. محمد كسار.. حليم قارة بيبان.. هالة الأمين.. صالح صفر، ومحمد حشيشة شارك كل واحد منهم بطريقته في التاريخ والتعريف بأدوات الثورة.

تمازجت الأشكال والألوان والأفكار لنجد ضمن المعروضات أدوات من حديد وأخرى من خشب وثالثة من أوراق عادية، كلها تحمل نفس الثورة التي حدثت ذات يوم.. وبمجرد دخول باحة دار الثقافة ابن رشيق تعترض الزائر لوحة حديدية ضخمة تحمل عنوان «الشاهد» لعلها الشاهد على ثورة الناس، أما نحت ذاك الشاهد فتم انطلاقا من بقايا حديد تم جلبه من أحد قصور «دار الطرابلسي» أصهار الرئيس المخلوع، والفكرة هذه المرة لليلى بوريشة.

الشاب التونسي صالح صفر عرض لوحة «حرية هشة» واللوحة هشة في تركيبتها فهي لا تعدو أن تكون عود حطب معوجا اتخذ أهميته من مرور دبابة تابعة للجيش التونسي فوق ظهره، فكسرته، أليس ذلك ما يعبر عنه بـ«الحرية الهشة» في بلد يحاول الانتقال بعسر إلى عهد مختلف؟

أما الشاب التونسي حليم قارة بيبان فقد رجع بالزائر إلى ليالي الحراسة واللجان الشعبية التي تكونت في كل الأحياء تقريبا لحماية أنفسها بعد أيام من الكر والفر بين العائلات والمشاركين في السلب والنهب. حليم صور حراس الأحياء الشعبية أشداء محصنين على رؤؤسهم قدر من حديد لا يفل، وبأيديهم أدوات حديدية من تروس قديمة و«بالة» لزوم ما يلزم إذا ما تعرضوا لأي هجوم، وهو ما يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم.

معرض «أدوات الثورة» أرخ للثورة بأدوات بسيطة بعيدة عن أعين الناس العاديين. أدوات تحمل في طياتها ذكريات ذات يوم.