«الدسيسا».. كافيار الشماليين في السعودية

يعيش في الكثبان الرملية ويعالج الشلل والنقرس وأمراضا جنسية

TT

فصل الربيع يمثل موسما هاما لسكان صحراء النفود الكبرى، من قرى وهجر وبادية (شمال السعودية)، لما يكتنزه هذا الفصل للحيوانات التي يربونها، من أعشاب بعد أن تتعرض المنطقة لهطول الأمطار.

الحديث هنا ليس عن فصل الربيع، بقدر ما هو حول حيوان زاحف يعيش في الصحراء، يحرص على صيده أهالي تلك المناطق، لما له من فوائد صحية على من يتناوله.

إذ يعتاد البعض من أهالي تلك القرى والهجر، على اصطياد ما يسمى لديهم بـ«سمك الصحراء»، أو «الدسيسا»، وهو حيوان من فصيلة الزواحف يعيش فقط في الصحراء ويكثر وجوده في عمق الكثبان الرملية، وخاصة المنحدرات، أو ما يسميه السعوديون «الطعوس».

ففي مثل هذا الوقت من كل عام، يكثر ظهور هذا الحيوان، بحثا عن طعامه المفضل من صغار الحشرات والنمل وبعض الزواحف التي تعيش في عمق الصحراء.

ويمتاز ذاك الكائن بعينين يحميهما جفنان من ذرات الرمل وبسمع غير عادي ليتمكن من رصد جميع ما يدور حول محيطه في الصحراء سماعيا، للتمكن من حماية نفسه من الخطر.

ويلاحظ خلال فصل الصيف، تحول نشاط «سمكة الصحراء» من فترة النهار إلى الليل، في حين يعتبر فصل الربيع موسم التزاوج والتكاثر له.

ويعرف لدى سكان تلك المنطقة أن «سمكة الصحراء» تكون بمثابة «الكافيار». وارتبطت منذ القدم بتعافي من يتناولها من بعض الأمراض الجنسية لدى الرجال والنساء على حد سواء، وهو الأمر الذي جعل هذا الحيوان الزاحف ذا صيت في المناطق الصحراوية وما يجاورها. في الوقت الذي يحرص فيه بعض العطارين على تسويقه بعد أن يتم تجفيفه ليكون بمثابة وصفات علاجية لبعض الأمراض الأخرى، ويأتي في مقدمتها أمراض المعدة، وما يسمى «الصفار». ويستعمل أيضا كعلاج لبعض أمراض الأعصاب والعضلات.

ويرى الشاب عجب رحيل الصايل وهو أحد أبناء صحراء النفود الكبرى «الدسيسا» كحيوان أليف، ويتمكن من اصطياده الصغار والكبار، في حين يملك البدو وسكان المناطق الصحراوية التمييز بين ذكر الدسيسا والأنثى.

«الشرق الأوسط» كانت مرافقة لمجموعة من محبي رحلات صيد الدسيسا، التي يفضل أن تكون في وقت الظهيرة، في مواقع بحث تقتصر على المنحدرات الرملية، وذلك نظرا للجوء الحيوان لأن يطفو فوق الرمال خلال ذلك التوقيت، وتتميز بسرعة قدرتها على الغوص في الرمال بشكل سريع للغاية، يحتاج لمتمرس في صيدها ومعرفة كيفية رصد تحرك الحيوان قبل أن يغوص لسنتيمترات في الكثبان الرملية.

ويأتي تجهيز شواء الدسيسا بعد صيدها، مشترطا ضرورة قطع رأسه وذيله، وفتح بطنه لتنظيفه بالكامل، فيما يحرص البعض من محبيه على تخزينه بعد تنظيف أحشائه وحشوه بالملح ليتم تناوله والاستفادة مما يحويه من فوائد صحية.

الشاب عجب، يرى أن «الدسيسا» ليست وجبة للرجال فقط، بل يحرص على تناولها الرجال والنساء على حد سواء، كونه معالجا جنسيا.

وقد ذكر البروفسور جابر القحطاني أستاذ قسم العقاقير بكلية الصيدلة بجامعة الملك سعود، أن سحلية صحراوية تعيش في المناطق الرملية، وتباع على نطاق واسع في محلات العطارة في مناطق كثيرة من المملكة وبالأخص في مكة المكرمة، ويحرص على صيدها أهالي حائل بأعداد كبيرة، ويطلق عليها تسمية أخرى هي «السقنقور»، وهو الاسم الذي يطلق على الحيوان الزاحف بعد تجفيفه، ويحرص على تسويقه عطارو مكة المكرمة بعد تجفيفه وسحقه.

وعدد القحطاني أشكالا عدة على هيئته الكاملة مملحا ومجففا ويباع على هذه الحالة، وعادة ما يستخدم لعلاج الشلل والنقرس، وينقي المعدة، ويعمل على إزالة ومواجهة الصفار وتقوية الظهر.

ويسوق العطارون السقنقور لعلاج بعض الأمراض مثل الروماتيزم وأمراض المفاصل، ويستعمل بمفرده دون أي إضافات، وبالأخص كمنشط جنسي.