مخرج مصري يدعو إلى عدم تناول أحداث 25 يناير سينمائيا في الوقت الحاضر

داود عبد السيد: تسجيل أحداث الثورة يجب أن يتم عبر السينما التسجيلية

داود عبد السيد («الشرق الأوسط»)
TT

قال مخرج سينمائي بارز: إن أفضل طريقة فنية لحفظ وقائع «ثورة 25 يناير» في مصر، تكون عبر السينما التسجيلية وليس الروائية المباشرة. وقال المخرج المصري داود عبد السيد، لـ«الشرق الأوسط» بشأن تداعيات الثورة على الفن السابع في مصر: «على الرغم من قلقي وترقبي الحذر للأحداث الجارية في مصر، فإنني أجد نفسي متأكدا أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على حال السينما والفن والثقافة، إذ من المنتظر جدا أن تصبح الأولوية في الفترة المقبلة للقضايا المهمة التي تمس الناس وتتحدث عنهم بواقعية»، على حد قوله. وشدد السيد، الذي يعد من الأسماء السينمائية البارزة في مجال السينما الواقعية، على أنه لا يحبذ ظهور مجموعة من الأفلام تتناول الآن ثورة 25 يناير، كنوع من الدعم أو التوثيق، لأن أغلب هذه الأفلام، على حد اعتقاده، ستكون مفتعلة وستوظف فيها الأحداث الماضية بشكل غير ملائم، مما يجعلها تندرج في إطار ما يسمى السينما الدعائية. وقال إن ما حدث في مصر منذ 25 يناير (كانون الثاني) إلى الآن هو «ثورة غير مكتملة». مؤكدا أن «الاكتمال» بالنسبة له هو «تغيير المجتمع تغييرا جذريا يشمل النظام بكل مكوناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وقال عبد السيد: إن ما حدث في مصر حتى الآن «ليس ثورة، بل إصلاح جزئي لنظام قديم». معربا عن تخوفه الشديد مما سماه «القوى الخفية» التي تسعى جاهدة، لتثبيت بعض مواد الدستور لكي تخدم مصالحها الشخصية.

ويرى عبد السيد، أن تراجع الإنتاج في السينما المصرية خلال السنوات الأخيرة، وعدم ظهور مبدعين جدد في مجال الإخراج، مرده في الأساس إلى القنوات الفضائية التي تراجعت، بعد الأزمة العالمية، عن المشاركة ودعم الإنتاج المحلي. مؤكدا أن تجاوز هذه المرحلة يستدعي أن تعتمد صناعة السينما في مصر على نفسها، بالإضافة إلى ضرورة تخفيض تكاليف الإنتاج وأجور الفنانين. مشيرا إلى أن السينما المستقلة، التي برزت منذ السنة الماضية، هي إحدى أهم الظواهر الإيجابية، وقال إنها سينما «الأمل»، التي يمكنها أن تعيد كتابة تاريخ السينما المصرية العريقة، على حد اعتقاده.

وكانت إدارة «مهرجان تطوان لسينما المتوسط» قد اختارت المخرج المصري داود عبد السيد، لتكريمه عن مجمل أعماله السينمائية، وأتاحت لجمهور المهرجان فرصة مشاهدة فيلمه الأخير «رسائل البحر» وهو عبارة عن رسالة تدعو إلى جعل الألم، مهما اشتد، أقل وطأة على النفس، وإلى مقاومة الانهزام والانتصار على الأمل، وبواسطته استطاع عبد السيد أن يكرس حقيقة مدرسته، التي تسعى إلى أن تجعل المتفرج يعيش بين الواقع والحلم.

وكان داود عبد السيد، قد بدأ مسيرته الفنية كمساعد مخرج في بعض الأفلام أهمها «الأرض» ليوسف شاهين، و«الرجل الذي فقد ظله» لكمال الشيخ، إلا أنه، وبعد توقف طويل عن العمل، استطاع من خلال أعماله السينمائية، أن يحقق نجاحا جماهيريا ويصبح علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، وذلك بدءا بفيلمه «الصعاليك» 1985، و«البحث عن سيد مرزوق» 1990، و«الكيت كات» 1991، و«أرض الأحلام» 1993، و«مواطن ومخبر وحرامي» 2002، وصولا إلى فيلمه الأخير «رسائل البحر»، الذي رشح مؤخرا للتنافس على جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي ضمن أفلام الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما.

يذكر أن مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، الذي انطلق عام 1985، يعتبر مناسبة للتعرف على جديد سينما منطقة البحر الأبيض المتوسط التي تسجل بها سنويا أرقام مهمة في عدد الأفلام السينمائية، إذ اشتمل برنامج هذه الدورة على ثلاث مسابقات رسمية للأفلام التي أنتجت خلال العام الماضي (2010)، وتتعلق الأولى بالأفلام الطويلة (11 فيلما) والثانية بالأفلام القصيرة (17 فيلما) والثالثة بالأفلام الوثائقية (12 فيلما).

وتتنافس هذه الأفلام على 10 جوائز، ست منها خاصة بالفيلم الطويل، وهي جائزة الجمهور وجائزة أحسن دور رجالي وجائزة أحسن دور نسائي وجائزة العمل الأول وجائزة لجنة التحكيم والجائزة الكبرى للمهرجان، في حين خصصت للأفلام القصيرة والوثائقية ثلاث جوائز لكل صنف منهما، وتتعلق بجائزة الابتكار وجائزة لجنة التحكيم الخاصة والجائزة الكبرى.