رسام كاريكاتير مراهق يسخر من النخبة البرازيلية

فنان مثقف بالنظر إلى سنوات عمره الـ14

يعد انضمام الشاب جاو مونتانارو إلى فريق رسامي الكاريكاتير الذين يتسمون بالجرأة في الصحيفة، مفاجأة للقيادة السياسية البرازيلية وقرّاء الصحيفة («واشنطن بوست»)
TT

مثله مثل أي صبي برازيلي في الرابعة عشر من عمره يعشق جاو مونتانارو كرة القدم وألعاب الفيديو والعنف في ألعاب الغرافيك وما إلى ذلك. لكنه أيضا يقرأ الصحف لساعتين يوميا ويتصفّح المجلات عند كشك بيع الجرائد ويهوى قراءة مجلة «ماد» و«لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية المتخصصة في الوقت ذاته. كما يلهو بالرسم العبثي على الأوراق أو في دفتر الرسم الخاص به. ومؤخرا في صحيفة «فولها دي ساو باولو» كبرى الصحف اليومية في البرازيل.

ويعد انضمام شاب في المرحلة الثانوية إلى فريق رسامي الكاريكاتير الذين يتسمون بالجرأة، في الصحيفة، مفاجأة للقيادة السياسية البرازيلية وقرّاء الصحيفة التي تأسست منذ تسعين عاما. وأصبح جاو مونتانارو المراهق رسام كاريكاتير في الصحيفة وأصبح يعرف باسم جاو إم وهو التوقيع الذي تحمله الرسوم التي تنشر في صفحة الرأي بالجريدة يوم السبت من كل أسبوع. يقول جاو النحيل الطويل الذي لم ينتقل من مرحلة الطفولة بعد: «الجميع يرسمون في طفولتهم، لكنهم يتوقفون عن القيام بذلك، لكنني ما زلت مستمرا. من الطبيعي بالنسبة لي أن أرسم». هناك تقليد في الصحيفة وهو التهكم على السياسيين سواء كانوا قياديين محليين في المناطق النائية من البرازيل أم رؤساء سابقين يتمتعون بشعبية مثل لويس إناسيو لولا دا سيلفا. وقال جاو بإنجليزية عملية إنه منذ أن بدأ يدرك رسالة الصحيفة، بدأ يحدوه الأمل في أن يستطيع السخرية من ذوي النفوذ من خلال ذلك المنبر. وقال مؤخرا في الاستوديو الخاص به في منزل والديه: «إنني أرسم رسوما كاريكاتيرية وقصصا فكاهية مصورة أيضا وأحب الكاريكاتير السياسي، فيمكنك أن تسخر من شخص أكبر منك وأنا أعشق ذلك». ولا يعد ظهور جاو على الساحة الصحافية في المدينة مفاجئا بوجه من الأوجه. ويقول صحافيون برازيليون إن للكاريكاتير السياسي في البرازيل تاريخا حافلا وثريا، حيث بدأ العصر الذهبي له في عهد الحكم العسكري الديكتاتوري الذي استمر واحدا وعشرين عاما حيث كان يتيح غموض الكاريكاتير إنقاذ الرسالة السياسية من مقص الرقيب، بينما لم يكن ذلك ممكنا في حالة المقال. وتعيش البرازيل حاليا أزهى عصور الديمقراطية، لكن تراجع توزيع الصحف الكبرى ومنها صحيفة «فولها» بشكل ملحوظ، حيث تقلص عدد النسخ التي تباع يوميا إلى 300 ألف. وكان محررو الصحيفة يرون فرصة لإحداث انطباع مؤثر وربما الحصول على قبول القراء الشباب من خلال تعيين جاو الذي بدأ الرسم في «فولهينا»، النسخة الموجهة للأطفال من الصحيفة، منذ أن بلغ الثانية عشرة من العمر. وفي مايو (أيار) أي بعد أن أتم الرابعة عشر بفترة قصيرة انضم إلى فريق رسامي الكاريكاتير في الصحيفة الرئيسية وتم نشر رسومه في صفحة الرأي بالجريدة. ويقول ماريو كانو، المدير الفني بصحيفة «فولها»، عن صفحة الرأي بالصحيفة: «فكرنا في نشر أعماله في أهم صفحة بالجريدة لتأكيد أن الصحيفة ليست موجهة للكبار فقط وأن لديها ما تقدمه للشباب». ويقول ماريو باربوسا، والد جاو، إنه شجع ابنه على الرسم منذ أن كان في السابعة أو الثامنة. في ذلك الوقت كان جاو يجلس على أرجل والده ليتصفح الكتب التي تضم بعضها رسوما وبعضها الآخر أعمالا لأفضل رسامي الكاريكاتير في البرازيل. وقال جاو إنه كان أصغر من أن يفهم الرسالة، لكن البراعة الفنية هي ما كانت تجذبه وتشد انتباهه. وأضاف: «لقد كانت الصور هي ما تجذبني فلم أكن أفهم الأفكار. لذا كنت أنسخ الرسوم لأتعلم كيف أرسم».

وانغمس جاو الفضولي بطبيعته بعد ذلك في الاطلاع على أعمال رسامي الكاريكاتير غير البرازيليين مثل تشارلز شولز صاحب سلسلة «بي ناتس» ورسام الرسوم التوضيحية التجارية جيم فلورا الذي اشتهرت رسومه الحادة بين المتخصصين في الإعلانات في نيويورك. لكن جاو أوضح أن أعمال رسامي الكاريكاتير البرازيليين السياسية كانت مصدر الإلهام الحقيقي له وبوجه خاص أعمال أرنالدو أنجلي فيلهو. وقال وهو يتذكر كتابا يضم رسوما كاريكاتيرية لأنجلي وآخرين: «كنت أقول يا إلهي أريد أن أرسم مثل تلك الرسوم». كانت توجهات جاو تتغير من الاستوديو الصغير الذي يقع بجانب المطبخ في منزل أسرته بعيدا عن تعقد الحياة العصرية في البرازيل نحو الرسوم الساخرة عن الاضطرابات في الشرق الأوسط. ورسم جاو كاريكاتير احتفى به العام الماضي عندما تم توجيه انتقاد إلى لولا دا سيلفا الذي كان لا يزال رئيسا للبرازيل في ذلك الوقت، بسبب الوقت الذي قضاه في القيام بحملة دعائية لديلما روسيف، كبيرة موظفيه السابقة، قبيل الانتخابات الرئاسية. وصور جاو في ذلك الكاريكاتير لولا دا سيلفا في هيئة قزم ومكتوب على لسانه اسم ديلما. وفي كاريكاتير آخر نشر منذ أيام قليلة بعد وقوع زلزال اليابان، استعان جاو بلوحة للفنان الياباني الشهير كاتسوشيكا هوكوساي تعود للقرن التاسع عشر وهي التي تحمل عنوان «الموجة الكبيرة في كاناغاوا» وصور الموجة تطيح بالمنازل والسيارات. ويقول كانو، المدير الفني بالصحيفة عن جاو: «إنه مثقف بالنظر إلى سنوات عمره الأربعة عشر».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»