السوق السوداء لتطبيقات «آي فون» تشهد رواجا

أرباح بالملايين من كسر حماية الهواتف الذكية

TT

بات من الشائع كسر حماية الهواتف الذكية، حيث يحقق ذلك أرباحا بالملايين، مما يطرح تساؤلات حول مدى السيطرة على السوق. وقد أصبحت هذه البرامج التي استطاعت التحايل على الكثير من القيود المفروضة من قبل شركة «أبل»، صناعة مربحة للغاية. ويقول كيفين لي من جامعة جورج مانسون: إنه يجني نحو 50 ألف دولار سنويا بشكل غير قانوني من قوله في «كريغسليست»: «احصل على هاتف الآي بود (جيل بروكين) اليوم». في غضون دقائق، يمكن للمتخصص في الكومبيوتر تنزيل كود على هواتف الـ«آي فون» الخاصة بعملائه والانفتاح على عالم مواز من التطبيقات والبرامج التي تدين شركة «أبل» استخدامها. ومن المزايا التي يمكن التمتع بها من خلال كسر الحماية، الربط بين اتصال هواتف الـ«آي فون» بشبكة الإنترنت وأجهزة الكومبيوتر المحمول أو الـ«آي باد»، دون دفع رسوم إضافية لشركة «آت آند تي»، أو الانتقال من خدمة شركتي «آت آند تي» أو «فيرزون» إلى مزود خدمة برسوم أقل أو تعديل خيارات هاتف الـ«آي فون»، بحيث يصبح ذا شاشة ثلاثية الأبعاد أو يضم أيقونات متحركة أو خطوطا غريبة.

ظهرت الأشكال الأولى من تلك البرامج بعد كشف شركة «أبل» النقاب عن هاتف «آي فون» عام 2007، لكنها تطورت الآن، بحيث أصبحت صناعة مربحة يشارك فيها ملايين من العملاء. وفي محاولة لتبديد الكثير من الشكوك بشأن مدى قانونية كسر حماية الهواتف الذكية، أصدرت مكتبة الكونغرس في يوليو (تموز) قرارا أوضحت فيه أن هذه الممارسة لا تمثل انتهاكا لحقوق الطبع والنشر الخاصة بشركة «أبل». ويقول لي، الذي كسر حماية هواتف «آي فون» ليسمح بإدخال تصميمات جديدة للشاشة، بحيث يتيح للعملاء التنقل بين الأجهزة اللاسلكية: «لأكون صريحا في البداية كنت أقوم بذلك لي ولأصدقائي، لكن الأمر تطور بعد ذلك، فزاد عدد العملاء إلى ما يتراوح بين 5 و10 عملاء، أسبوعيا، ثم أصبح يتراوح بين 30 و40. وكان لي عميل من سفارة منغوليا ذاهبا للإقامة في العاصمة المنغولية وأراد استخدام هاتف الـ(آي فون) هناك».

وصرح متجر «سيديا»، الذي يعد من أوائل المتاجر التي عرضت تطبيقات هذه التقنية، والذي تم تسميته على اسم الحشرة التي توجد في أشجار التفاح، بأنه يحقق أرباحا سنوية قدرها 10 ملايين دولار، ويقصده نحو 4.5 مليون عميل أسبوعيا، بحثا عن هذه التطبيقات. وهناك مبرمجون آخرون يحققون مبيعات بعشرات الآلاف من الدولارات من بيع هذه التطبيقات التي تسمى فنيا «حزم» أو «مواضيع» أو «تعديلات»، بلغة هذه التقنية.

وتتضمن عملية كسر الحماية تنزيل كود غير مصرح بها يبطل عمل الحماية التي تضعها شركة «أبل» على برامجها، مما يمكن الناس من تثبيت برامج لا توفرها منافذ بيع منتجات شركة «أبل». ويرى الكثير من المبرمجين الذين يعارضون الطريقة التي تسيطر بها شركة «أبل» على تصميمها أن تقنية كسر الحماية من الوسائل التي تمكن المستخدمين من فعل ما يحلو لهم في الأجهزة التي اشتروها. لكن المفارقة هي الشعبية الكبيرة التي حققها متجر «سيديا» التي جعلت الكثيرين ينظرون إليه كمسيطر ومهيمن مثل «أبل» لكن في عالم كسر الحماية. وعندما بدأ متجر منافس مشاركة متجر «سيديا» في السوق، اندمج مع منافسه، مما أثار انتقادات واتهامات بالاحتكار. وفي ما يبدو، إشارة إلى أن مجال كسر الحماية، بدأ يخسر هويته المضادة، قدمت شركة «تويوتا» مؤخرا برنامجا مجانيا في متجر «سيديا» كترويج لسيارة «سايون سيدان». وبمجرد تثبيت البرنامج، يتم عرض صورة السيارة على خلفية شاشة هاتف الـ«آي فون»، ويتغير شكل أيقونات الـ«آي فون»، بحيث تبدو كرمز السيارة الموجود على الشبكة الأمامية لها. وكانت شركة «تويوتا» من أوائل الشركات الكبيرة التي قدمت إعلانا عن موقع كسر الحماية «مود ماي»، الذي تضاعفت أرباحه منذ عام 2010.

يقول كايل ماثيو، أحد الشركاء في موقع «مود ماي»: «لقد شهدنا توسعا كبيرا في الخارج. إن انتشار إعلان (تويوتا) يعني تغييرا في الحظوظ والتوجهات، وأن كسر الحماية أصبح هو النمط السائد. إن هذا المجال يزدهر، وهناك متاجر صيانة يمكنها مساعدتك في استخدام تقنية كسر الحماية».

ويقول أوين بيكوك، متحدث باسم «سايون»: إنه ما دام شركة «أبل» و«آت آند تي» حاولت مواجهة ازدهار السوق السوداء. وسحبت شركة «تويوتا» الإعلان والخلفية خلال الأسبوع الحالي لقلقها من أن يضر ذلك بعلاقتها مع «أبل». ورفضت شركة «أبل» التعليق على الأمر. وصرحت شركة «أبل» في الماضي بأن كسر حماية هواتف «آي فون» أو «آي باد» قد تلغي رخصة الأجهزة. منذ عامين أوضحت شركة «أبل» لمكتبة الكونغرس، الجهة المراقبة لحقوق الطبع، أن «التعديلات غير المصرح بها» تمثل انتهاكا، وأن الشركة تتكبد أموالا طائلة في التدقيق في شكاوى يقدمها العملاء من توقف هواتف «آي فون» عن العمل بعد كسر حمايتها.

ويقول مارك سيغيل، المتحدث باسم شركة «آت آند تي»، إن الشركة يمكنها رصد العملاء الذين يصلون هواتف «آي فون» الخاصة بهم بأجهزة أخرى من خلال برامج قرصنة غير مصرح بها. ويضيف أن هؤلاء العملاء يتلقون رسائل «مهذبة» تضع أمامهم ثلاثة خيارات، وهي إما دفع 20 دولارا شهريا إلى شركة «آت آند تي»، إضافة إلى تكاليف البيانات أو التوقف عن ذلك تماما أو تجاهل الشركة، لكن يتم تسجيل اشتراكهم بشكل تلقائي وإرسال الفاتورة في كل الأحوال.

ورفض سيغيل التصريح بالمبالغ التي تخسرها الشركة من جراء استخدام هذه الوسائل واكتفى بقوله إن عددا محدودا من العملاء هم من يفعلون ذلك. وكذلك رفض مناقشة ما إذا كانت الشركة تتحدى صانعي برامج القرصنة وكيف تقوم بذلك. وتعد شركة «آت آند تي» أكثر عرضة من شركة «فيرزون» لهذا، نتيجة للتكنولوجيا التي تستخدمها، على حد قول بعض مهندسي البرمجة.

ويعد جاي فريمان، مؤسس ومشغل «سيديا» البالغ من العمر 29 عاما، الذي يعد أكبر متاجر بيع تطبيقات «آي فون» غير القانونية، أبرز الشخصيات في مجال كسر الحماية. ويوفر المتجر نحو 700 تصميم، مقابل مبالغ مالية وبرامج تعديلات أخرى، ونحو 30 ألف برنامج مجانا. يقول فيرمان من مكتبه الذي يقع بالقرب من سانتا باربرا بولاية كاليفورنيا إنه تم افتتاح المتجر عام 2008، وإنه يحقق أرباحا سنوية تقترب من 250 ألف دولار بعد خصم الضرائب. وقد عين أول موظف بدوام كامل من موقع «ديليشيوس» الذي تمتلكه شركة «ياهو» لتطوير تصميم «سيديا».

ويضيف فريمان قائلا: «بيت القصيد هو محاربة صاحب الأمر والنهي. إنها حركة لها جذور، وهو الأمر الذي يجعل المتجر مثيرا للاهتمام». إن شركة «أبل» هي البرج العاجي وتجربة مقيدة وما دفع الناس إلى اللجوء لكسر الحماية هو أنها تجعل التجربة تخصهم.

ليس الجميع منفتحا بشأن مساهمتهم في متجر يبيع برامج غير قانونية مثل فريمان، فبعض المنخرطين في هذا المجال رفضوا التحدث علنا عن الأمر. وتم حذف إعلان «كريغسليست» وعنوان بريده الإلكتروني الذي نشرهما لي من على شبكة الإنترنت. وبعد إجرائه مقابلة مبدئية مع صحيفة «واشنطن بوست»، رفض إضافة أي تعليق آخر من خلال أحد مساعديه.

ولا يوفر متجر بيع برامج «أبل» كثيرا من تلك البرامج التي تقدمها هذه الشركات، والتي يعد ثمن بعضها ليس رخيصا. من تلك البرامج «ما فاي سينك» الذي يبلغ سعره 10 دولارات، ويتيح لك عمل اتصال لاسلكي بين هاتف الـ«آي فون» الخاص بك و«آي تيونز» دون الحاجة إلى ناقل متسلسل عام «يو إس بي». ويتيح لك برنامج «آد بلوكر» الذي يبلغ سعره 2.19 دولار استخدام متصفح «أبل سفاري»، دون الاضطرار إلى مشاهدة الإعلانات، مما يحد من استخدام البيانات ويزيد سرعة تحميل الصفحات. وكذلك يمكنك برنامج «إليرت» الذي يبلغ سعره دولارين من الاستمرار في تشغيل لعبة «دودل جامب» على سبيل المثال، دون الحاجة إلى توقيف اللعبة من أجل الاطلاع على صندوق الوارد في البريد الإلكتروني. ويقول فريمان إنه يحصل على 30 في المائة من المبرمجين الذين يدرجون البرامج على قائمة متجره. وينفق الجزء الأكبر من نقوده في دفع رسوم من خلال «باي بال» وتكاليف مزود الخدمة.

ويخشى فريمان من مواجهة اتهامات بالهيمنة على عالم الجريمة. وتم افتتاح متجر «ثيم إت» التي توفر برامج كسر الحماية في يناير (كانون الثاني)، لكن فقط بعد رفض صاحبه المستشار التنفيذي في «فرينش ويب» مطالب فريمان بعدم افتتاحه.

وتقول غابرييل فاوكون، صاحبة «ثيم إت»: «بمجرد سماعه عن (ثيم إت) أرسل إليّ رسالة إلكترونية مفادها أن لا أفعل ذلك لأن ذلك من شأنه شق صفوف العاملين في مجال كسر الحماية. هناك مبالغ كثيرة في هذه الصناعة ويحاول أن يتظاهر بأنه شاب شيوعي يحاول إنقاذ العالم».

العام الماضي حقق فريمان نجاحا أكبر في التفوق على منافسه «روك يور فون» الذي يدير صاحبه ماريو كيابارا شركة لتصميم برامج كسر الحماية. الشروط هي ضرورة ترويج فريمان للبرامج التي تنتجها شركة «كيابارا» على صفحة «سيديا» الرئيسية. على الرغم من تقسيم الأرباح بنسبة 70 في المائة إلى 30 في المائة، تسعى شركة «كيابارا» إلى الحصول على جميع الأرباح تقريبا، بحسب قول فريمان. وقد ابتكر كيابارا بعض أكثر برامج كسر الحماية شعبية وأغلاها سعرا التي تم تنزيلها على أكثر من 5 ملايين جهاز في أكثر من 150 دولة، على حد قوله. إن برنامج «ماي واي» الذي يبلغ سعره 20 دولارا يربط بين اتصال هاتف «آي فون» بشبكة الإنترنت وهاتف «آي باد» أو جهاز الكومبيوتر المحمول، لكنه يقول إنه لا يؤيد استخدام البرنامج تجنبا لدفع رسوم شهرية. ويقول كيابارا إن شركة «آت آند تي» أو «أبل» لم تتصل به أو حتى بشركته «إنتيليبورن». ويوضح قائلا: «لقد قضينا وقتا طويلا في البحث القانوني حتى نتأكد من عدم قيامنا بأي شيء خاطئ. نحن نحاول أن نسبق شركة (أبل) بخطوة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط» Nermeen Samir