إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية تعتذر عن «التنصت» على المشاهير

ندم وتغيير في الموقف قد يكلف «نيوز إنترناشيونال» عشرات الملايين من الدولارات

TT

مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» التي يمتلكها إمبراطور الإعلام المثير للجدل روبرت مردوخ، اعتذرت لثمانية من المشاهير والوجوه الاجتماعية ضحايا التنصت الذي قامت به الصحف الشعبية التابعة لها. واعترفت أيضا لأول مرة أول من أمس أن ما قامت به «نيوز أو ذي وورلد» هو خرق مورس بشكل موسع من قبل الصحيفة الشعبية، وهي العدد الأسبوعي الذي ينشر يوم الأحد لشقيقتها صحيفة «الصن».

وفي خطوة، يعتقد أنها ستكلف الصحيفة العشرات من الملايين من الدولارات، قالت المؤسسة المالكة إنها ستمنح تعويضات مالية لأكثر من 24 شخصية رفعوا قضايا في المحكمة العليا متهمينها بالانتهاكات الخصوصية، مثل الممثلة سينانا ميلار ووزيرة الثقافة البريطانية السابقة تيسا جويل. أضف إلى ذلك أن المؤسسة اعترفت أيضا بأن التحقيقات التي أجرتها سابقا بخصوص الاتهامات والتي أدت إلى طرد بعض العاملين من الصحيفة وكذلك إدانة أخيرين بالمحاكم لم تكن كافيا أو «قوية بما فيه الكفاية». وجاءت هذه الاعترافات على الرغم من أن المؤسسة الإعلامية ادعت علانية عدة مرات رغم الغضب الشعبي الذي أحدثته الاتهامات بأن التنصت كان محصورا على عمل مراسل واحد. وجاء هذا الندم والتغير المفاجئ للمؤسسة مع تقدم تحريات جهاز الشرطة بالاتهامات الموجهة للصحيفة وبعض رموز طاقم التحرير الحالي والسابق. وكانت قد أعلنت اسكتلنديارد يوم الثلاثاء الماضي أنه تم اعتقال صحافيين واستجوابهما والإفراج عنهما بكفالة بعد تحقيقات جديدة في القضية التي ترجع بداياتها إلى خمسة أعوام ماضية تتعلق بالتجسس غير القانوني على البريد الصوتي لمشاهير بواسطة صحيفة «ذا نيوز أوف ذا وورلد» التي تعتمد على أخبار النميمة، وهي من أكثر الصحف توزيعا في بريطانيا. ولم يتم تحديد اسمي الصحافيين، حيث لم توجه لهما اتهامات. وصرح شخص مطلع على التحقيقات، رفض ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث عن القضية، بأن الصحافيين هما إيان إدموندسون، الذي فصل من عمله كمحرر أخبار بالصحيفة هذا العام، ونيفيل ثورلبك، رئيس المحررين في الصحيفة ذاتها. قام محققو اسكتلنديارد بتفتيش غرفة الأخبار في مقر الصحيفة، حيث جرى استجواب الاثنين، وفقا لما صرح به المصدر. تشكل هذه الإجراءات تحولا حاسما في مسار التحقيقات التي تجري، منذ عام 2006، عندما كشفت بلاغات تقدم بها ثلاثة من أفراد العائلة المالكة، منهم الأمير ويليام والأمير هاري، عن قرصنة غير قانونية على الرسائل التي ترد للأميرين على الهاتف الجوال. وتم حبس رجلين فقط في هذه القضية عام 2007، وهما كليف غودمان، مراسل الشؤون الملكية في الصحيفة سابقا، وغلين مولكير، المحقق الخاص. ومنذ أسبوعين، أصدر قاضي المحكمة العليا، جيفري فوس أمرا بالكشف عن مئات الآلاف من أوراق البريد الإلكتروني للمتقاضين في قائمة متزايدة من الدعاوى التي رفعها أشخاص على قائمة مولكير. ومن بينهم الممثلة سينا ميلر ونائب رئيس الوزراء السابق جون بريسكوت، وشخصيات كثيرة في لعبة كرة القدم. وفي الشهر الماضي، اعترف مديرو «نيو غروب»، الشركة القابضة التي يملكها مردوخ، والتي تملك «ذا نيوز أوف ذا وورلد»، بأن أجهزة الكومبيوتر التابعة للصحيفة تحتوي على أرشيف به ملايين من الرسائل الإلكترونية التي قيل سابقا إنها فقدت أثناء نقلها للتخزين في الهند. وصرح المديرون بأنهم سيبحثون في الأرشيف عن أي مواد لها علاقة بالتحقيقات في قضية التجسس على الهواتف، وسيقدمونها للشرطة. وأشار بعض المهاجمين إلى أن عجز اسكتلنديارد عن بذل مزيد من الجهد في التحقيقات يرجع إلى تاريخ قديم من التعاون السري في تبادل المعلومات بين الشرطة وبعض من الصحف، وهي الفكرة التي تنفيها اسكتلنديارد بشدة. وأشار البعض أيضا إلى أن النفوذ السياسي لإمبراطورية مردوخ - الذي يمتلك أيضا «ذا صن» و«التايمز» و«صنداي تايمز»، بالإضافة إلى 39 في المائة من أسهم مجموعة البث الفضائي «BSkyB» - ضاعف من التردد.

وطالب جون بريسكوت بعد اعترافين «نيوز إنترناشيونال» أن توقف الحكومة محاولة المؤسسة استحواذها على باقي أسهم «بي سكاي بي» حتى يتم البت في عملية التنصت وينتهي جهاز الشرطة من تحرياته. واتسع نطاق التشعبات السياسية للفضيحة عندما استعان ديفيد كاميرون، عندما كان زعيما للمعارضة قبل الانتخابات، بآندي كولسون كمدير للاتصالات في حزب المحافظين. كان آندي قد استقال من عمله رئيسا لتحرير «ذا نيوز أوف ذا وورلد» بعد الضجة التي جاءت بعد محاكمة غودمان وموكلير، ولكنه نفى أي معرفة له بالتجسس على الهواتف. ونقل تحقيق نشر في مجلة «نيويورك تايمز» في سبتمبر (أيلول) عن عدد من الأشخاص الذين عملوا تحت رئاسة كولسون قولهم إن عملية التنصت كانت منتشرة وتجري بتوصيات من صحافيين رفيعي المستوى في الصحيفة. عندما تولى كاميرون رئاسة الوزراء في الربيع الماضي، تبعه كولسون في مقر الحكومة، ليستقيل بعد ذلك في يناير (كانون الثاني). قائلا إن الفضيحة تسببت في التشويش على عمله. وأعلن كولسون: «عندما يحتاج المتحدث الرسمي إلى من يتحدث باسمه، يحين وقت الرحيل». وبعد عملية الاعتقال الجديدة، يبدو أن الأضواء ستسلط من جديد على كولسون وعدد آخر من العاملين السابقين والحاليين في «ذا نيوز أوف ذا وورلد». وذكر بيان صدر عن الصحيفة أنها تتعاون بشكل «كامل» مع التحقيقات.