نجران: قرية «تفاعلية تراثية» بتكلفة 20 مليون ريال

على غرار القرية الفرعونية بمصر والشامية في سورية

TT

يعكف أحد المهتمين في محافظة نجران جنوب السعودية على بناء قرية تراثية تفاعلية فريدة من نوعها على مستوى السعودية من خلال البناء والتصميم وطريقة التقديم. وتشبه في كثير من تفاصيلها «القرية الفرعونية» في مصر، و«القرية الشامية» في سورية، حيث تتميز القرية بوجود بعض العاملين فيها الذين يعيشون الحياة القديمة بكل تفاصيلها من حيث الملابس والتنقل بالدواب، وتعمل بطابعها التراثي على مدار الساعة.

وأوضح حمد آل ذيبان أن تكلفة المشروع تصل إلى نحو 20 مليون ريال، ويتوقع أن تحقق عوائد سنوية تزيد على مليوني ريال. وتحوي عددا من المباني والفنادق التاريخية.

وأضاف آل ذبيان أنه سيحيط بالقرية سور بطول 800 متر وبارتفاع 3 أمتار. وتحوي بوابة دخول وبوابة خروج بعرض 6 أمتار وبارتفاع 4 أمتار، وأربعة أبراج أسطوانية الشكل في أركان القرية التراثية بارتفاع 12 مترا، وبداخل كل برج مصعد كهربائي، وتستخدم الأبراج الأربعة كمطل للزوار على القرية. والأبراج مربعة على شكل فنادق خمسة نجوم من الداخل ومن الخارج، بشكل تراثي بارتفاع أربعة طوابق، وبداخل كل برج مصعد كهربائي، وقاعة دائرية الشكل قطرها 30 مترا وهي مدرجة وخاصة بالأفراح والمناسبات.

وزاد آل ذيبان: «ستحوي القرية عددا من المرافق؛ من مطاعم ومسارح للفنون ومسجد وسوق تراثية ومركزية، وعددا من الاستراحات تجسد حياة الحضر وحياة البدو والحرفيين القديمة، ويقوم بأدوارها عدد من الرجال والنساء باستخدام المعدات القديمة والحيوانات المختلفة، بحيث تجعل من القرية مسرحا كبيرا تدور عليه أحداث قديمة تدخل البهجة والسرور إلى نفوس زوار وسكان القرية التراثية، والتنقل بين هذه الأنماط بقوارب كهربائية من خلال قناة مائية طولها 600 متر. وتمتاز منطقة نجران الأثرية الواقعة في جنوب المملكة العربية السعودية بالشكل المعماري القديم والأصيل المتمثل في بيوت الطين، عاكسة هذا التراث البنائي الجميل على ضفاف وادي نجران لتجتمع الطبيعة الزراعية ببيوت الطين وخرير الماء حولها في لوحة جمالية رائعة. وبحسب تقرير هيئة السياحة والآثار، لا يزال الاهتمام بهذه البيوت يتيح لها فرصة الاستمرار والصمود لما يزيد على 100 عام وبعضها يصل عمره إلى 300 عام. وتمثل هذه البيوت صورة جمالية وأثرية للمنطقة تستقطب السياح والزائرين وتضفي على الشكل العام لطرقات المنطقة وصلة حضارية مميزة تربط العمران الحديث والتطور الملحوظ الذي تشهده المنطقة بالبيوت الطينية القديمة. ويوضح التقرير أن عدد البيوت الطينية في منطقة نجران يصل إلى 230 بيتا، وأن المواد المستخدمة في البناء هي الطين والحجر والأخشاب، وتعتمد في بنائها على إحدى طريقتين؛ فإما أن يكون البيت مستطيلا على ارتفاع شاهق يضيق من كل جوانبه كلما ارتفع وتعد قاعدته أعرض من قمته، أو يكون مستطيلا أو مربعا لا تتخلله انكسارات ويبدو شكلا متوازنا في العرض بين القمة والقاعدة. وتبدأ مرحلة البناء بالفكرة التقليدية العامة التي تفرض اختيار الموقع المناسب للبناء سواء كان في أرض زراعية يغذيها بالماء وادي نجران، أو كان في مكان مناسب يجعل من البيت قلعة ذات موقع مهم إن وقعت حروب أو ما شابه أو كان موقع البيت في أي صورة أخرى يختارونها من قبل، ثم يضعون خيطا بشكل هندسي على موقع البناء يحفر في وسطه ما يقارب المترين لكي يوضع بها ما يسمى «الوثر» وهو من الحجارة والطين يرصّ في ما يسمى «المدماك» الذي تجمع فيه الحجارة والطين والماء داخل إطاره المستطيل وتترك لفترة يوم أو يومين تزيد هذه المدة في الشتاء وتقل في الصيف. لتتم بعدها عملية «الصماخ» في مرحلتها الأولى التي تمثل إعطاء الوجه الخارجي للجدران السفلية التي تم بناؤها. أما سقف بيوت الطين في نجران، فإنها تتخذ من جذوع النخل وشجر الأثل والسدر التي تنمو في بيئة نجران بكثرة وتزين بسعف النخل أحيانا. وبعد أن تمر فترة بين 10 و20 يوما يتم وضع الجير الأبيض الذي يثبت أركان وزوايا البيت ويسمى «القضاض». وتعود بعد ذلك المرة الثانية من «الصماخ» ويتم إعطاء الوجه الطيني الأخير للجدران سواء من الخارج أو الداخل وتبدأ مرحلة بناء الدرج «التعسيف» التي تترك لبيت الطين شكلا يدل على دقة البناء والتخطيط للبيت. وبعدها تتم إضافات جمالية على إطار البيت الأعلى يتم تلوينه بألوان بيضاء متخذا أشكالا هندسية دقيقة تستخدم فيها قوالب خشبية وكذلك أشكالا داخلية على الأبواب وعلى جدران البيت الداخلي. وقد تكون بعض الأعمال التي تعتبر في المرحلة النهائية هي من أجل حفظ الأغراض ومنها ما يسمى «الكوة» التي توضع فيها الكتب والمصابيح. وقد تتم صناعة «الدكة»، وهي موقع مرتفع قليلا يجلس عليه الزوار وكبار السن. كما يوضع «الصفيف» وهو الذي يوضع الأكل فوقه. كما يبنى في الخارج على حدود البيت الطيني النجراني ما يسمى «الحذوة»، وهي من الحجارة والطين، وتهدف لحماية البيت من الماء والملوحة وعوامل التعرية الطبيعية.. وهي تعتبر آخر خطوة في بناء البيت النجراني أو الاسم الذي يطلقه أهل نجران عليه «الدرب».