تونس: معرض «العروسة» يوفر فسحة نادرة للفرح

الظروف الأمنية الاستثنائية لم تثن الكثير من العائلات عن الزيارة

جانب من معرض العروسة («الشرق الأوسط»)
TT

معرض «العروسة» في دورته الحادية عشرة كان ولا يزال مناسبة عائلية بامتياز حيث ترى الأم مع ابنتها والأخت الكبرى مع أختها الصغرى المقبلة على الزواج. المعرض مناسبة نسائية في المقام الأول. العارضون معظمهم من النساء والزبائن معظمهم كذلك من النساء. روائح زكية تفوح من الأرجاء، وفساتين لماعة تجلب الأنظار، وأكداس من الأزياء والفساتين تجمع بينها علامات الفرح.

الاكتظاظ الهائل الذي يعرفه المعرض المنظم من 2 إلى 9 أبريل (نيسان) الجاري يوحي بأن الإقبال على الزواج في تونس ما زال - بالرغم مما يقال عن العزوبية والعنوسة وغيرها من الظواهر الاجتماعية السلبية - محافظا على نسب معقولة ومنطقية. فالعشرات إن لم نقل المئات يعج بهم معرض «العروسة» في ظرف زمني ضيق بلا كلل وملل، وهؤلاء من بين الزبائن التي تحمل أموالهم «حلاوة خاصة» فهم مقبلون على «فرحة العمر» كما يسميها التونسيون. ومن أجل تلك الفرحة تصرف آلاف الدنانير التونسية دون أن يشتكي أحد. في مثل تلك الظروف تعرف العائلات بعضها وتظهر الفوارق الاجتماعية بين من يكتري فستان فرح بـ1500 دينار تونسي (نحو ألف دولار أميركي) ومن لا يقدر على دفع 300 دينار تونسية (قرابة 200 دولار أميركي). وبين من يكتري سيارة عادية قد تكون على ملك الجيران لجلب عروس السعد ومن يكتري سيارة لا تقدر على دخول الأنهج والأزقة الضيقة.

أكداس من الذهب المقلد ومن الشعر المقلد كذلك. ومئات الأنواع من الفساتين كانت تؤثث معرض العروسة. أنواع مستنبطة من الحلويات الموجهة للاستهلاك العمومي، وآلات خياطة ظهرت فجأة في المعرض لعلها موجهة إلى جهاز العروسة، ففي سنوات خلت كانت تلك الآلة جزءا أساسيا من جهاز العروس، ولكن ربما تغيرت الأحوال ومع ذلك ما زال هناك من لا يزال يقاوم الزمن.

حول تفاصيل هذا المعرض الذي أصبح مناسبة سنوية تنتظرها العائلات المقبلة على الأفراح الصيفية بالأساس، قال رامي الغرياني (عارض أصيل مدينة صفاقس جنوب تونس) لـ«الشرق الأوسط»، إنه يشارك لأول مرة في معرض العروسة واكتشف الإقبال الهائل على المعرض من خلال الأعداد الهامة للزائرين. وأكد اختصاصه في جهاز العروسة المحجبة وهو يعمل على توفير مثل تلك الأجهزة منذ أكثر من أربع سنوات. رامي لاحظ من ناحية أخرى أن الظروف الأمنية الاستثنائية التي تمر بها تونس لم تثن الكثير من العائلات التونسية عن زيارة المعرض. وحول خمار فرح العروسة المحجبة والأسعار التي يقدمها للزائرين، فقد أكد أنه يتراوح بين 25 و200 دينار تونسي (بين 18 و143 دولارا أميركيا) وذلك حسب الزينة والألوان والتزويق الخاص بكل نوعية من القماش.

وقال لسعد أحمداش (أحد العارضين) من ناحيته، إن معرض «العروسة» يفتح شهية المقبلين على الزواج من خلال التنزيلات المالية الهامة التي يقدمها التجار للشباب المقدم على الحياة الزوجية. وأضاف أن ضغط الصيف وقدوم شهر رمضان جعلا العائلات التونسية تعجل بإقامة الحفلات وتقدمها إلى شهر يونيو (حزيران) من السنة. وأكد أن التخفيضات تتراوح بين 10 و20 في المائة من الأسعار الأصلية وأرجع ذلك إلى توقف العمل في المحلات التجارية التونسية لمدة قاربت الشهر والنصف دون عمل وهو ما أثر على مداخيل معظم التجار وجعلهم يسعون إلى التخلص من جزء هام من البضاعة في أقرب وقت ممكن. لسعد أكد من ناحية أخرى أن بعض المفروشات كان يبيعها بمبلغ 137 دينارا تونسيا (نحو 100 دولار أميركي) وأصبح يبيعها حاليا وفي المعرض بـ100 دينار (قرابة 71 دولارا أميركيا) فحسب مؤكدا على أهمية هذه المناسبة في خلق حركية تجارية مفقودة.

واغتنم عزيز القلال فرصة معرض العروسة ليضع أمام أنظار الزائرين سيارة من نوع «ليموزين» قال إنه استوردها من فرنسا لغرض كرائها للعرائس. وأضاف أن طولها 11 مترا وتتسع لـ8 أماكن وسعر كرائها في الليلة الواحدة لا يقل عن 800 دينار تونسي (نحو 570 دولارا أميركيا). وحول ارتفاع معلوم كراء هذه السيارة، قال عزيز إن المعلوم ليس مهما في ليلة العمر كما عبر عن ذلك ودليله على ذلك أن معظم الليالي الصيفية محجوزة منذ الآن مؤكدا أن سيارته هي الأولى القانونية في تونس ملمحا إلى أن بعض أقارب الرئيس السابق وأصهاره كانوا يملكون سيارات تعمل في «السوق السوداء» كما قال ولكن لا أحد بإمكانه أن يمنعهم عن تلك التجارة.

نترك المعرض وفي مخيلتنا ذلك الشعر المقلد المتدلي من حيطان معرض العروسة ونحن نتمنى للمتزوجين الجدد أن يجدوا المعدن الأصلي في العروسة والعريس، وأن لا يكونوا ضحية علاقة زوجية مقلدة هي كذلك.