صورة خادم الحرمين الشريفين ترحب بزوار مهرجان الجنادرية

شكلت أكبر لوحة مشاركة على مساحة 750 مترا مربعا

(تصوير: مسفر الدوسري)
TT

سجلت صورة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حضورها في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة الـ26، لهذا العام كأكبر لوحة مشاركة، حيث تجاوزت مساحتها 750 مترا مربعا، وتعد أكبر لوحة يشاهدها زوار الجنادرية، واستغرق تنفيذها 10 أيام، من قبل الشؤون الصحية بالحرس الوطني.

صورة خادم الحرمين الشريفين كانت بمثابة العلامة الفارقة أمام آلاف من زوار «القرية الشعبية» بمهرجان الجنادرية، والذين توافدوا على مدى اليومين الماضيين وسط منظومة متكاملة من التنظيم والخدمات المتكاملة أسهمت في انسيابية حركة المشاة وسرعة تنقلهم بين أجنحة المناطق والجهات المشاركة.

وشرع الزوار يتنقلون من مكان إلى آخر للاستمتاع بما يزخر به المهرجان من تراث أصيل يعكس ما كان عليه الآباء والأجداد، وما وصلت إليه السعودية من تطور كبير في المجالات كافة، حيث جسدت الأنشطة الشعبية والمظاهر الثقافية المتنوعة الحاضر والموروث في حياة السعوديين.

وزخرت أجنحة القرية الشعبية بالإقبال المتزايد، الذي كان الدافع وراءه مشاهدة جميع الفعاليات، من عروض فنية ومسرحية، والإلمام بأخبار جميع الأجنحة وبرامجها اليومية، في الوقت الذي لوحظ فيه الإقبال المتزايد على معارض الكتب والمكتبات والصور الفوتوغرافية، بالإضافة إلى أجنحة الأجهزة الحكومية والخيرية ومؤسسات القطاع الخاص.

وبمجرد الدخول إلى القرية الشعبية من البوابة الشمالية، يشد الزائر وقع الأهازيج والمواويل البحرية، التي يقدمها «بيت الشرقية»، حيث سجل حضورا كثيفا على فعالياته المتنوعة.

ويحتوي بيت الشرقية على عدة أجنحة وأقسام تحكي تاريخ المنطقة منذ آلاف السنين، والحياة المعيشية اليومية التي كانت في المنطقة التي تتنوع بين الحياة الصحراوية وأيضا الساحل الخليجي لبحر الخليج العربي.

ويشاهد الزائر عند دخوله البيت من خلال الساحة الكبيرة التي تتوسط المكان عدة أقسام، منها سوق القيصرية التي تحتوي على المهن والصناعات الحرفية، ومنها المداد، والقفاصة، والحياكة، وتجليد الكتب، وأيضا صناعة الأحذية (الإسكافي) والحدادة، والقطن وغيرها.

كذلك يجد مبنى «الفريج» الذي يحاكي الأحياء والحارات القديمة الشعبية التي كانت منذ عقود من الزمان، والبيوت التقليدية المصنوعة من الطين وجذوع النخل، ويجد المتجول على جنبات البيوت «المخبز العربي» المصنوع من التنور، وأيضا القهوة الشعبية (البرستي) التي تعد ملتقى أهل الحارة لشرب الشاي والقهوة وتبادل الأحاديث.

وفي جناح ليس ببعيد عن بيت الشرقية، حظي بيت منطقة مكة المكرمة بالنصيب الأكبر من الزوار، فيما أخذت الفرق الشعبية تؤدي عروضها المتنوعة، في تنافس مع ما يقيمه جناح المدينة المنورة الذي تميز هو الآخر بفنونه الشعبية وعروضه الثقافية، ومطبخه المتميز الذي حاز إقبالا كبيرا.

وتأتي مشاركة المدينة المنورة ومكة المكرمة ضمن مشاركة البيوت الأثرية والتقليدية لمناطق المملكة التي تضم تراث الوطن وموروثاته التقليدية وحضارة سطرتها أيادي الآباء والأجداد عملا وجهدا وثقافة، حيث تبرز هذه البيوت التسلسل التاريخي للحقب الزمنية من تاريخ المناطق السعودية.

وتحرص كل منطقة على إبراز أنماطها في التنوع الثقافي والحضاري تبعا لبيئة المنطقة وتضاريسها، ويشرع كل بيت أبوابه لزوار المهرجان الذين يجدون تجسيدا متكاملا لتاريخ المناطق وثقافتها وحضارتها المتميزة منذ القدم، من عادات وتقاليد وأنماط متعددة للموروث والحاضر، وعروض فنية ومسرحية وغنائية، وما تشتمل عليه ثقافة كل منطقة وما تشتهر به من مأكولات ومظاهر ثقافية متنوعة.

وبالانتقال إلى مشاركة الأجهزة الحكومية، أثار جناح هيئة حقوق الإنسان في الجنادرية إعجاب الزوار بتخصيصه ركنا للاستشارات الشرعية والاجتماعية والقانونية يمكن الزوار من الالتقاء بالباحثين وأخذ الاستشارات اللازمة، كما زود الجناح الزوار بالصور واللوحات والبروشورات المتضمنة للخدمات التي تقدمها الهيئة من أجل حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية في جميع المجالات، ونشر الوعي بها والإسهام في ضمان تطبيق ذلك في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.

وحظي الجناح بإقبال الزوار بمختلف أعمارهم، حيث تم تزويدهم بملف يحتوي على كتيبات عن الحقوق العامة في الإسلام، وحقوق الأيتام واللقطاء في الإسلام، وحقوق الإنسان في عصر الهيمنة على الإعلام، وثقافة حقوق الإنسان في السعودية.

أما عندما ينتقل الحديث عن المعارض الفنية، فقد قدمت جمعية أسر التوحد الخيرية بالمملكة معرض الفنون التشكيلية بالجنادرية، الذي ضم 190 لوحة من الأعمال التشكيلية المميزة للموهوبين والمبدعين بأحجام كبيرة وبمواضيع وأساليب مختلفة من تصوير تشكيلي وفوتوغرافي. وتعبر اللوحات الفنية عن رسالة وفاء وحب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من أبناء الوطن، واشتمل الجناح على طاولات للأبناء للإبداع بالرسم عليها فتحت أمام الجمهور لأول مرة، وكذلك تم فتح قسم خاص للتعريف بالدور الذي تقوم به الجمعية وتسجيل العضوية للراغبين في الانضمام كأعضاء ومتطوعين للعمل لدى الجمعية.

ويضم معرض الفنون التشكيلية عدة أجنحة، منها أجنحة «الخط العربي، التصوير الضوئي، جناح ذوي الاحتياجات الخاصة، جناح الفن التشكيلي والرسم»، بالإضافة إلى ورش عمل حية مباشرة للجمهور يقدمها مختصون في الخط العربي والفن التشكيلي في المملكة والوطن العربي.

أما معرض قوات الأمن الخاصة بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة 26 بالجنادرية، فقد ضم أكثر من 2000 صورة تحكي التسلسل التاريخي لقوات الأمن وبعض المعدات والتجهيزات الخاصة بمهامها. ويشاهد الزائر للمعرض عرضا مرئيا لفيلمين وثائقيين يبرزان المشاركات والأدوار الفاعلة التي تقوم بها قوات الأمن في المجالين الثقافي والاجتماعي إضافة إلى مهامها الأصلية.

كما شاركت دارة الملك عبد العزيز هذا العام في المهرجان الوطني للتراث والثقافة الـ26 بمبناها الجديد، هادفة إلى تعزيز رسالتها العلمية والوطنية بما يتناسب مع دورها المتنامي في إثراء الثقافة والمكتبة التاريخية وإضاءة الجوانب الأخرى في التاريخ الوطني والتعريف ببرامجها ومشروعاتها الجديدة وإيصال رسالتها الوطنية للجميع وبناء جسور تواصل مع مهتمين وباحثين وباحثات جدد.

وتم تصميم المبنى على شكل قصر المربع التاريخي بمركز الملك عبد العزيز التاريخي بالمربع، واستثمرت في بنائه الهوية المعمارية التراثية عندما تم توحيد المملكة العربية السعودية، حيث استخدمت المرابيع ومادة الجص الأبيض ونظام الساريات والمشرفات في مكوناته الداخلية، ومادة الطين في شكله الخارجي، مع استنساخ الأشكال الفنية للبوابة والنوافذ الموجودة في قصر المربع التاريخي.

وقسم المبنى إلى عدد من القاعات المجهزة، وهي قاعة العروض المتحفية والتي تختص بالدولة السعودية الأولى، وتضم صورا ومعلومات تاريخية عن الدولة السعودية الأولى، وقاعة الدولة السعودية الثانية للصور والمعلومات التاريخية الوطنية لتلك الفترة، كما يشتمل المبنى على قاعة للملك عبد العزيز تضم مجموعة من مقتنيات الملك المؤسس الخاصة، وقاعة ملوك السعودية حيث تقدم شرحا بالصورة والكلمة والأرقام عن ملوك الدولة السعودية في عهدها الأول والثاني والحديث، وقاعة دارة الملك عبد العزيز وتختص بتوثيق المناسبات الكبيرة التي نظمتها الدارة وتوثيق إنجازاتها العلمية ومشروعاتها المنفذة.

إلى ذلك، يشعر الزائر وهو يدلف إلى جناح اليابان على أرض الجنادرية بأن العقل الياباني المنتج يخاطبه أينما حطت عيناه في أقسام الجناح المتميز ببراعة الاختراع ودقة التصنيع وحداثة المنتجات، فعند بوابة الدخول للجناح تنتصب شاشات متعددة تقدم للزائر معلومات موجزة ومركزة عن تاريخ العلاقات والصداقة بين السعودية واليابان منذ نصف قرن، حيث تعتبر اليابان ثاني أكبر شريك تجاري للملكة العربية السعودية.

ويتوقف الزائر دقائق معدودة داخل قاعة مليئة بمجموعة مختلفة من الشاشات ذات الأحجام المتنوعة التي تعرض الثقافة الشبابية، مثل الرسوم المتحركة وعروض الأفلام التي تعرف بمجتمع اليابان المتنوع. وأمام ركن نمط الحياة في اليابان يستمتع المتابع بمعلومات وصور لمظاهر الحياة، ومنها الموضة وأحدث التصاميم المنسجمة مع التقاليد العريقة.

وتشارك 12 شركة من كبريات الشركات اليابانية من خلال عروض السيارات الحديثة والأجهزة المتقدمة خاصة في تنقية المياه. وحرص القائمون على المعرض على إيجاد أحدث وأكبر شاشة عرض بلازما في العالم (الشاشة العملاقة)، مساحتها 152 بوصة، وهي شاشة لأول مرة يتم عرضها خارج اليابان. ويضم الجناح نماذج للسيارات الكهربائية الحديثة وكذلك سيارات تعمل بالطاقة الشمسية.

وفي زاوية أخرى داخل الجناح تطل مشاهد من التطور التاريخي للفنون القتالية في اليابان التي تمثل جزءا من الثقافة اليابانية، إلى جانب عروض الموسيقى والإيقاع والكاراتيه والكوبوجوستو وغيرها من العروض المتنوعة.

وعبر القائمون على جناح اليابان عن أملهم في أن يسهم الجناح في زيادة أسس العلاقات المميزة بين السعودية واليابان، متمنين أن يستمتع الزوار بما يشاهدونه داخل أروقة الجناح خاصة عروض التكنولوجيا الحديثة.