حديقة التوليب في كشمير تنافس حدائق العالم

تضم ما يزيد على 1.7 مليون زهرة ذات أشكال وأنواع مختلفة

TT

على ضفاف بحيرة دل في كشمير تمتد أضخم حديقة لزهور التوليب في آسيا؛ حيث توجد آلاف الزهور التي تضفي جوا من السحر على المنطقة.

تقع هذه الحديقة مترامية الأطراف على 8 هكتارات من الأراضي التي تغص بزهور التوليب متعددة الألوان، التي صممت على غرار حدائق التوليب الشهيرة في هولندا، على سفوح سلسلة جبال زباروان بين حدائق المغول تشيشماشاهي ونيشات، التي وُصفت بأنها أكبر حديقة لزهور التوليب في آسيا، والتي تفتخر بأنها لا تضم مجموعة مختلفة من زهور التوليب وأشكالها المختلفة، بل بأعدادها الكبيرة أيضا؛ حيث تضم الحديقة ما يزيد على 1.7 مليون زهرة ذات أشكال وأنواع مختلفة. غير أن جمال هذه الأزهار وعبقريتها لا يمكن للصور أن تظهرهما أو تعطيهما حقهما.

تعتبر زهرة التوليب جزءا أصيلا من منطقة وسط آسيا؛ حيث انتشرت هذه الزهرة في الصين ومنغوليا ومن ثم إلى كشمير، ولم تصل إلى أوروبا إلا في مرحلة متأخرة. وقد اشتهرت تركيا بزراعتها لزهرة التوليب التي وصلت في نهاية المطاف إلى هولندا. بيد أن زهرة التوليب ارتبطت بهولندا؛ لأن البستاني الهولندي الشهير كارلوس كلاوسيوس، الذي كان البستاني الرئيسي في جامعة ليندن في هولندا في القرن الـ16، كان أول من زرع الزهرة فيما بات معروفا اليوم باسم حديقة زهرة التوليب والنرجس.

كانت حدائق التوليب، بالنسبة لأهالي كشمير، الذين عاشوا عقدين من الخوف والقتل وحظر التجول، والذين كانت الساعة السادسة مساء بالنسبة لهم تعني ضرورة التزام بيوتهم، مكانا للراحة والاسترخاء ورؤية الجانب الإيجابي من الحياة بالنسبة للمئات والآلاف. ولا تقتصر أهمية الحديقة على كونها مكانا للمتعة فقط، بل صارت ركنا رئيسيا في جعل الأعياد القومية ذكرى لا تنسى سواء للكشميريين أو السياح الأجانب الذين يفدون إلى كشمير في كل عام. يقول بين ويلكنسون، سائح أميركي: «انتظرت وقتا طويلا حتى أتمكن من القدوم إلى كشمير، لقد كان الأمر صعبا في الماضي؛ لذا ففي النهاية فإن الحصول على فرصة لزيارة الهند والحصول على فرصة للقدوم إلى كشمير، يجب أن يكون كل شيء معهما معدا تماما».

وبحسب التقارير الرسمية فإن ما يقرب من 100 ألف شخص من أنحاء مختلفة من العالم زاروا الحديقة العام الماضي.

وتؤكد جويتي أغراوال، مصممة الديكور من مومباي، التي زارت حديقة أمستردام الشهيرة في وقت سابق، أن حديقة كشمير فريدة من نوعها، وأنها كانت تنتظر بلهفة لرؤية هذه الحديقة عندما شاهدت الإعلانات الخاصة بها في مومباي. وقالت، وهي تلتقط صورا لزهور التوليب: «شاهدت هذه الحديقة في التلفزيون، وكنت متلهفة لرؤيتها. لقد زرت حديقة أمستردام، لكنني وجدت هذه الحديقة تتميز بسمات فريدة؛ فهي تختلف عن حديقة أمستردام في احتوائها على مجموعة متنوعة من الزهور زاهية الألوان.. لقد تحققت رغبتي في زيارة هذا المكان الجميل».

وكشفت سلطات قسم الزهور في كشمير عن نيتها توسيع الحديقة بإضافة 3 مدرجات جديدة تلامس قمة تلال زباروان العام المقبل، مناشدة الزائرين عدم حمل الأغراض غير القابلة للتحلل معهم إلى الحديقة. ويقول جاويد أحمد، المسؤول عن حديقة التوليب: «نحن نرغب في حضور المزيد والمزيد من السياح إلى الحديقة، التي يشتهر بها الوادي لنتمكن مرة أخرى من تنشيط السياحة».

تعتبر السياحة العمود الفقري بالنسبة للاقتصاد الكشميري، بيد أن قطاع السياحة تضرر بشدة نتيجة التمرد الذي شهده الإقليم؛ نظرا للمخاوف الأمنية لدى السياح من زيارة المكان. وقد اشتهرت المنطقة، منذ عصر المغول، كمتنفس للهنود للعيش في السهول سعيا وراء الاستجمام في فصل الصيف.

تضم الحديقة الكثير من عوامل الجذب، باحتوائها على زهور وورود مختلفة الأنواع، التي تمت إضافتها إلى الحديقة لتشكل عامل جذب على مدار العام.

تتسم زهرة التوليب بأنها بصلية الشكلية أحادية الفلقة وهي تتجدد تلقائيا كل عام ويعاد إنتاجها إما عبر التلقيح بحبوب اللقاح وإما خضريا. وقد بدا التأثير المذهل لروعة الحديقة واضحا على وجوه السائحين خلال دخولهم إلى الحديقة؛ حيث صفوف التوليب المتفتحة كلها وقد نسجت لوحة مثالية من الألوان شكلت فيها التلال خلفية مثالية. ويقول بيتر ماثيو، سائح من تشيلي: «لا يمكنك أن تجد أيا من هذه الزهور في مناطق أخرى من الهند؛ فأنا لم أر شيئا كهذه خلال تجوالي بها».

ويقول رافندر شاه، سائح من مومباي: «أجلت سفري إلى مومباي يوما لمشاهدة الحديقة، أنا سعيد للغاية برؤيتها».

لم تقتصر شهرة زهور التوليب الكشميرية على مستوى النطاق المحلي، بل تعدتها إلى العالمية، فخلال العام الماضي تم تصدير التوليب الكشميري إلى دبي وهولندا، المشهورة عالميا بزراعة زهور التوليب، التي تعتمد على كشمير في تزويدها بزهور التوليب، في الوقت الذي لم تنضج فيه زهورها بعد.

والسبب في ذلك، كما يقول الخبراء، هو أن زهور التوليب الكشميرية تنضج قبل شهر ونصف الشهر من الزهور الأوروبية. وقد اعتاد خبراء من هولندا زيارة كشمير لدراسة جودة أزهار التوليب وكفاءتها الإنتاجية منذ العام الماضي. ويقول الدكتور جي إس نقاش، مدير قسم زراعة النباتات المزهرة في الولاية: «نحن أيضا على اتصال دائم بالسفارة الهولندية التي تحاول دعم المشاريع في الدولة». إن كلا من ظروف الطقس الملائمة والعمالة الرخيصة تجعل من كشمير اختيارا جيدا للمزارعين الأوروبيين. كانت حديقة التوليب، التي أنشئت عام 2007، مصدر جذب للسائحين الذين يأتون لمشاهدة تلك الحديقة الخلابة.

وبعد تأسيس الحديقة، تشجع الحكومة زراعة أزهار التوليب في الوادي بهدف الاتجار فيها، على أمل أن تحصل على حصة من أرباح السوق في تجارة النباتات المزهرة الدولية المقدرة بقيمة 11 مليار دولار، فضلا عن زيادة فرص العمل.

وتعتبر كل من دلهي ومومباي بمثابة سوق كبرى؛ حيث تتراوح تكلفة مجموعة من أزهار التوليب، التي لا تقل تكلفتها عن 600 إلى 700 روبية في أي مكان آخر، في كشمير ما بين 20 و30 روبية للزهرة الواحدة. وتستورد الهند الآن أزهار التوليب في الأساس من الصين. وتختلف زراعة أزهار التوليب عن غيرها من الأزهار الأخرى؛ نظرا لأنها تتطلب معالجة بالتبريد لما يقرب من 10 أسابيع قبل غرس البصلات والحفظ في درجة حرارة باردة لتخزين البصلات من فصل للفصل التالي.

إذن.. متى ستحزم حقائبك متجها إلى كشمير؟