تلمسان «عروس المغرب العربي» عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011

حفل شعبي بشوارع المدينة يعكس التنوع الكبير للثقافة الجزائرية

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يصافح أعضاء فرقة رقص شعبي جزائرية شاركت في انطلاق تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية (أ.ب)
TT

قال دليل بوبكر عميد مسجد باريس، إن تظاهرة «تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011» التي انطلقت الليلة ما قبل الماضية بغرب الجزائر، «ستكون مناسبة سانحة لتصحيح رؤية الأوروبيين حول الإسلام وسماحته» و«فتح باب الحوار الحقيقي بين الحضارات للتقارب بين الشعوب والأديان».

وجرى بمدينة تلمسان، بأقصى الغرب الجزائري، حفل ضخم شاركت فيه وفود أجنبية من غالبية الدول الإسلامية ستتعرف خلال أيام على عراقة المنطقة التي تعرف بـ«عروس المغرب العربي». وتولي السلطات الجزائرية أهمية بالغة لنجاح هذه التظاهرة، بالنظر للظروف الصعبة التي تمر بها البلاد جراء الاحتجاجات على سوء المعيشة.

وأشرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على افتتاح التظاهرة، بحضور وزير الشؤون الدينية بوعبد الله غلام الله ووزيرة الثقافة خليدة تومي. وصرح دليل بوبكر عميد مسجد باريس بالمناسبة، لوكالة الأنباء الجزائرية، بأن الاستعراض الذي تم في بداية التظاهرة «أبهر الوفود الأجنبية خاصة غير الإسلامية». وكان بوبكر يشير إلى عينات من التراث الإسلامي ونماذج من مجسمات العمارة الإسلامية، والتقدم العلمي الذي شهدته العمارة الإسلامية، الذي تم عرضه في الحفل. وقد أعطى ذلك للحاضرين، حسب بوبكر، «قناعة بأن الحضارة الإسلامية التي كانت المورد الأساسي للنهضة الأوروبية ستساهم في تقريب الشعوب».

وقد سبق الانطلاق الرسمي حفل شعبي بشوارع مدينة تلمسان مساء الجمعة، شاركت فيه فرق فولكلورية متنوعة تعكس التنوع الكبير للثقافة الجزائرية. وقالت وزيرة الثقافة خليدة تومي إن الحدث الثقافي المرتقب «يشكل فرصة ثمينة للتبادل والحوار مع الآخر». وأفادت الوزيرة للصحافة أن اختيار تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية من طرف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (اسيسكو)، «كان استنادا إلى تاريخها العريق وعمارتها الأصيلة التي ترمز إلى تعاقب فترات الحضارة الإسلامية على هذه المنطقة». وأوضحت أن احتضان تلمسان للثقافة الإسلامية طوال عام 2011 يشكل فرصة لهذه المدينة لتثمين ثقافتها وتنويها بالكنوز الثقافية والتاريخية التي تزخر بها. بالإضافة إلى إحداث فضاءات ثقافية جديدة وكذا إعادة تأهيل الموجودة منها وبعث الإبداع الفني». وإلى جانب تلمسان تم اختيار جاكرتا (إندونيسيا) عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2011 لمنطقة آسيا، وكوناكري (غينيا) ممثلة لأفريقيا. وتكون تونس ومصر حاضرتين في تلمسان رغم الأوضاع غير العادية التي يشهدها البلدان.

ويرى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن اختيار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة مدينة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2011، «اختيار موفق لما تزخر به من تنوع تراثي ومعالم تاريخية ذات دلالة وشهرة تعبر عن الإبداع الجزائري الشاهد على عظمة الحضارة الإسلامية في هذه الربوع». وجاء في رسالة موجهة لفريق العاملين على التحضير للحدث الأبرز بالنسبة لبوتفليقة خلال ولايته الثالثة (2009 - 2014)، أنه «يكتسي أهمية كبرى بالنسبة للجزائر كي تبرز مساهمتها ودورها في إثراء الثقافة الإسلامية، ولتكون كتابا مفتوحا نستعيد صفحاته الناصعة وما فيها من عبر، ونستخلص منها القوة والعزم والثقة في النفس، ولنبدي مكانة هذه المدينة العريقة وما قدمته من عطاءات فكرية وإبداعية وبطولات عبر مختلف الحقب والعصور، وذلك لتجديد وعي الأجيال بتاريخها وربطها بالمثل والقيم النبيلة لحماية خصوصياتنا وهويتنا، ثم لنظهر البعد الحضاري لامتنا (...) لأن العالم سيتخطانا ويتجاوزنا ما لم نكن فاعلين في صنع ملامحه الجديدة بماضينا وحاضرنا وعبقرية أجيالنا وتطلعاتنا الواثقة إلى المستقبل».

ويتضمن برنامج التظاهرة، حسب القائمين عليها، مؤتمرات وملتقيات علمية استقطبت إليها خبراء جزائريين وخبراء من الدول المشاركة لمناقشة تاريخ وفن وأدب هذه المدينة العتيقة بالغرب الجزائري. وقد تم تنظيم ثلاثة ملتقيات تتعلق بتاريخ حاضرة تلمسان ومنطقتها، والشعر النسوي بتلمسان، والإسلام في المغرب العربي ودور تلمسان في انتشاره. وستعرف هذه النشاطات مشاركة كثير من المتخصصين في التراث والأدب من الجزائر والسعودية وإسبانيا وفرنسا والأردن ومصر والمغرب وماليزيا وفلسطين وسورية وليبيا وتونس. وصرح نور الدين لرجان رئيس «دائرة المهرجانات والتنشيط الجواري بالتظاهرة»، أن عدد المطربين الأجانب الذي سيحيون حفلات خلال التظاهرة سيكون محدودا، وستكون مشاركتهم حكرا على تلمسان أو ولايتين فقط، كون مستحقاتهم تكلف كثيرا، حسبه. وقال للصحافة إن التظاهرة ستشهد تنظيم ثمانية مهرجانات دولية مخصصة للخط العربي والمنمنمات، والفنون الزخرفية والموسيقى الأندلسية والموسيقي القديمة والحوزي والرقصات الشعبية، والديوان والإنشاد وكذا الموسيقى الصوفية «السماع»، إذ ستشارك فيها نخبة من الفنانين والمنشدين الأجانب. وتتميز التظاهرة بمشاركة بعض فرق موسيقية أجنبية، مثل فرقة فلامنكو من إسبانيا، خلال مايو (أيار) المقبل وفرقة للجاز من ألمانيا في غضون يونيو (حزيران) المقبل. ويقول المنظمون إن مشاركة الدول غير الإسلامية، هي الأولى من نوعها في كل العواصم الإسلامية، إذ لم يسبق أن دعت الدول التي نظمت الاحتفالية دولا أجنبية، مكتفية بتوجيه الدعوة للبلدان التي تنتمي لدائرة الثقافة الإسلامية. ومن المنتظر أن تفتتح اليمن أجندة الأيام الثقافية الأجنبية، ويعود اختيارها على رأس الدول الأجنبية المشاركة لكونها عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2010، التي احتضنتها مدينة تريم. وينتظر أن تفتتح اليمن أسبوعها نهاية الشهر الحالي. أما الدولة التي تلي اليمن في تنظيم أيامها الثقافية بالتظاهرة، فهي العراق حيث سيحتضن التظاهرة في عام 2012 رفقة داكا عاصمة بنغلاديش ونيامي عاصمة النيجر.

وسيكون لعشاق السينما والمسرح موعد مع عروض مسرحية وأفلام وثائقية تخص أعلام المنطقة. وقسَم معدو البرنامج الأفلام الوثائقية إلى ثلاث مجموعات، الأولى تتعلق بـ31 شريطا حول حياة «سيدي أبو مدين» و«قدور بن عاشور» و«لالة مغنية» و«سيدي محمد السنوسي التلمساني» و«عبد الكريم دالي». وتتمثل المجموعة الثانية في أفلام خيالية طويلة، وتشمل عملا بارزا حول الكاتب الكبير محمد ديب. وتتناول المجموعة الثالثة، عروضا حول التراث غير المادي لتلمسان لا سيما الغناء النسوي. وسيتم عرض 14 مسرحية جديدة بالمناسبة، زيادة على أعمال مسرحية لكبار الكتاب مثل مسرحية «الأجواد» لعبد القادر علولة و«ديوان القراقوز» لعبد الرحمن كاكي و«الشهداء يعودون هذا الأسبوع» للطاهر وطار.