ويستمنستر آبي تشهد احتفال الملكة إليزابيث بعيد ميلادها الـ85

TT

فيما عد بروفة تسبق حفل زفاف الأمير ويليام وكيت ميدلتون، أقيم في كاتدرائية «ويستمينستر آبي» أمس مراسم الاحتفال بعيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية الـ85. وينظر كثيرون إلى المراسم التي نقلت تلفزيونيا على أنها تدريب بالنسبة لوسائل الإعلام من أجل زفاف الأمير ويليام حفيد الملكة، ونجل ولي العهد الأمير تشارلز، وعروسه كيت ميدلتون، يوم الجمعة المقبل.

وقد احتضنت كنيسة ويستمينستر آبي، عبر تاريخها، مراسم تتويج وزفاف، وأيضا مراسم جنائزية ملكية منذ غزو النورمان لبريطانيا عام 1066، عندما توج ويليام الأول ملكا يوم عيد الميلاد (الكريسماس).

يعود تاريخ المبنى الحالي للكنيسة إلى عهد الملك هنري الثالث، في عام 1245، ويمثل في المقام الأول الطراز القوطي على غرار كاتدرائيات ريمس وتشارتريس وأميان.

كانت ويستمينستر آبي المثوى الأخير لسبعة عشر ملكا،، كما تحوي مقابر وبنايات تذكارية لكل من الشاعر جيفري تشوسر وعالم الطبيعة تشارلز داروين وعالم الفيزياء إسحاق نيوتن والمستكشف ديفيد ليفنجستون ومؤلف الموسيقى الكلاسيكي جورج فريدريك هاندل والشاعر ويليام وردثورث والروائي الإنجليزي الأشهر تشارلز ديكنز.

تتمتع ويستمينستر آبي بمكانة «كنسية خاصة» كونها تابعة مباشرة للملكة، رأس الكنيسة الإنجليكانية، كما توصف بأنها «أبرشية العالم»، نظرا لارتباطها التاريخي الوثيق بأوروبا وأميركا وكافة دول الكومنولث. جرت العادة أن تقام مراسم الزواج الملكي في الكنيسة منذ عام 1100. وفي القرن العشرين، شهدت الكاتدرائية عام 1923 مراسم زواج الملك جورج السادس وإليزابيث باوز - ليون، والدي الملكة إليزابيث الثانية.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1947 تزوجت الأميرة الشابة إليزابيث من دوق أدنبرة الأمير فيليب، في مراسم اتسمت بالتقشف في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كما توجت إليزابيث الثانية كملكة في ويستمينتسر عام 1953 بعد وفاة والدها.

أما الأميرة مارجريت، الشقيقة الصغرى للملكة إليزابيث، فقد أقيمت مراسم زواجها هي وأنتوني أرمسترونغ جونز في كنيسة ويستمينستر آبي عام 1960، والتي شهدت أيضا مراسم زواج اثنين من أبناء الملكة إليزابيث الثانية، الأميرة آن من الكابتن مارك فيليبس عام 1973، والأمير أندرو، دوق يورك، من سارة فيرجسون عام 1986. ولم تصمد أي من الزيجات الثلاث أمام الزمان وحدث الانفصال.

ولم يتزوج الأمير تشارلز والأميرة ديانا في الكنيسة نفسها، بل في كنيسة القديس بول.

وبالنسبة للأمير ويليام، فإن مراسم زواجه من كيت ميدلتون التي ستقام في كنيسة «ويستمينستر آبي» العتيقة ستوقظ لديه ذكريات أليمة حيث أقيمت بها مراسم تشييع جنازة والدته الراحلة الأميرة ديانا، «أميرة القلوب»، عام 1997، عندما كان بعد لا يزال في الخامسة عشرة من عمره.

وحيث إن حضور حفل الزفاف سيكون مقصورا على عدد محدود من المدعوين فإن الكثيرين سيجدون العزاء في مشاهدة الحفل على الهواء وأيضا يمكنهم التجول في أنحاء الكاتدرائية عبر تطبيق «آبي الثلاثي الأبعاد» على أجهزة آي فون وآي باد.

وقد أثار حفل الزفاف المرتقب السؤال القديم حول ما إذا كان البريطانيون ما زالوا يريدون الملكية؟ وقد أشارت نتائج استطلاع رأي أجري مؤخرا أن أغلبية مطلقة من البريطانيين تؤيد، أو تتقبل المؤسسة الملكية، في حين تظل نسبة المعارضين لها تتراوح بين 13 إلى 20 في المائة.

ويريد نحو 41 في المائة من البريطانيين أن يخلف الأمير تشارلز، الملكة إليزابيث الثانية على العرش، بعد عقود من الانتظار، في حين يفضل 59 في المائة أن يقفز نجله الأمير ويليام إلى التاج البريطاني.

يعتقد أكثر من 60 في المائة من البريطانيين، بحسب الاستطلاعات، أنه يجب أن يظل العرش البريطاني على رأس دول الكومنولث.

ورغم ذلك، يقول بيتر كيلنر رئيس مؤسسة «يوجوف» لاستطلاعات الرأي، إن عامة الشعب البريطاني قد بعثوا برسالة تحذير جلية مفادها أنهم يرغبون في رؤية النظام الملكي «أكثر ذكاء» وأن يلغي اثنتين من «المفارقات التاريخية».

المفارقة التي يريدونها أن تلغى هي القاعدة القديمة بأن الابن الأكبر فقط هو الذي يجب أن يتولى العرش، والثانية هي إلغاء القانون الذي ينص على أنه لا يحق للملك أن يتزوج بكاثوليكية.

وقال كيلنر: «كان يمكن لويليام أن يتزوج معمدانية، أو كويكر (من البروتسانت) أو مسلمة أو ملحدة - ولكن ليس كاثوليكية، هذه مفارقة تاريخية في مجتمع متنوع كمجتمعنا».

وتوقع للملكية أن «تتطور بحذر مع الوقت.. ولكنها لن تعطي أبدا سببا كافيا لنفور الرأي العام منها بما يكفي للإطاحة بها».

ويعتبر مثل هذا التحليل، نبأ غير سار بالنسبة لجماعة «ريبابليك» (الجمهورية)، وهي جماعة الضغط التي تمثل البريطانيين المعادين للملكية، التي تعتقد أن نحو ثلث السكان يرغبون في رؤية رئيس منتخب في بلادهم. فقد قال بيتر تاتشيل الناشط في مجال حقوق الإنسان وأحد أبرز أنصار «الجمهورية» إن «النظام الملكي الوراثي يتعارض مع الديمقراطية».

وأضاف تاتشيل أمام مجموعة من الصحافيين الدوليين: «لا يمكن أن يكون هنا أوباما أبدا.. فالنظام ليس عنصريا عن قصد ولكنه عنصري افتراضيا».

يعتقد أعضاء «ريبابليك» أن المعارضة الحقيقية للملكية في بريطانيا يتم «تشويهها» عبر وسائل الإعلام. وأوضح تاتشيل «الشعب البريطاني لا يكره العائلة المالكة، ولكنهم أيضا لا يحبونها». وقرر أعضاء «الجمهورية» التي تأسست عام 1983 إقامة حفلات «بديلة» خاصة بهم يوم الزفاف الملكي، «ليس للاحتفال بالعائلة المالكة.. ولكن بالخصال الطيبة الأخرى في الحياة في بريطانيا».

أما بشأن المستقبل، فيعقد رئيس «ريبابليك» جراهام سميث آماله على الاستفتاء الخاص بالملكية المقرر عام 2025.