«رحلة في عالم الصراصير» الكرتوني يحول حلم مبدعين شباب إلى حقيقة

شركة شابة تنتج أعمالا كرتونية للأطفال

تعتمد الشركة على أفكار مبتكرة في مجال «الكرتون» ولها «صبغة» ذات قيمة عربية وإسلامية
TT

أسسوا عملهم الخاص خارج أي إطار جاهز، ومن دون أن يمارس عليهم أحد نمطه وقياساته في تنفيذ الفكرة. حاولوا ونجحوا في تقديم نموذج «حي» لعمل شبابي خلاق يبتكر أفكاره بنفسه وينتجها ويسوقها أيضا بلا أي جهود خارجية، وبإمكانات ضئيلة لا يرون أنهم يحتاجون إلى ما سواها في الوقت الحاضر. فقط «لا بتوب» صغير وأفكارهم القابعة في أذهانهم و«العدة» اكتملت. فهوسهم في مشاهدة الأفلام الكرتونية لم يترك لهم فسحة للاختيار، فاتجهوا مباشرة إلى صناعة محترفة في هذا المجال. هكذا أرادوا بلا مقدمات أن يقدموا أعمالهم «طازجة» وبلا أي تلاوين أو إضافات لا «مكان لها في عالم الأطفال». رسموا وأعدوا واخترعوا الشخصيات في ما بينهم وأطلقوا مشروعهم «رحلة في عالم الصراصير». والصراصير «المختلقة» هي عالم بحد ذاته لدى المخرج طه الزيلع، الذي يقوم بدور العلاقات العامة في شركة «Roach Animation»، التي أسسها إلى جانب كل من المصممة الغرافيكية رولا السويسي والمبرمج الإلكتروني قاسم الأدهمي. شركة شابة في لبنان تعتمد على الإبداع في تصميم مسلسلات كرتونية «هادفة» كما تقول رولا لـ«الشرق الأوسط». أعمال تتحول إلى واقع حقيقي بعد أن تمر في مراحل إنتاج «مختلفة وخلاقة». إذ تعتمد على أفكار مبتكرة في مجال «الكرتون» ولها «صبغة» ذات قيمة عربية وإسلامية. إذ كما تقول رولا إن: «الأفلام الكرتونية السائدة هي أعمال أجنبية وذات لون غربي. والقيم التي تبثها للأطفال لا تمت إلى عالمنا العربي بصلة. لذا يأتي دورنا في توجيه الأطفال بطريقة غير وعظية إلى قيمهم وأخلاق مجتمعهم وثقافته من خلال مدلولات ورموز يرونها ويعرفون عنها كنماذج في حياتهم اليومية»، مضيفة: «أعمالنا لا تتوخى الربح المادي على قدر ما تقدم أفكارا بديلة عن السائد من أفلام الكرتون الهزيلة والفاسدة أو المستوردة من الغرب والتي لا قيم فيها تشبه القيم العربية والإسلامية».

تعمل رولا منذ 5 سنوات في مجال التصميم الغرافيكي. وتعرفت إلى طه زيلع في المعهد الذي درست فيه حيث كان ينهي اختصاصه. ومن خلال عملهما معا في مؤسسة واحدة تعرفا إلى قاسم الذي أضاف إلى العمل تقنيا الكثير. يقول قاسم إن تمويل شركتهم هو ذاتي حاليا ويعتمدون على ما يقومون به من أعمال تجارية لمؤسسات كتصميم إعلانات وتصوير أفلام إعلانية وتصميم مواقع إلكترونية وروابط مختلفة عبر الشبكة الإلكترونية مستفيدين من خبراتهم في هذه المجالات. أما بالنسبة لعملهم في إنتاج أفلام الكرتون، فهو «مائة في المائة» إبداعي ولا يريدون لأحد أن يتدخل في تفاصيله ويحوله إلى مجال للتجارة والربح. فهم عانوا الكثير حتى استطاعوا أن يحققوا حلمهم في إنجاز شركة بعيدة عن المفهوم التجاري للإنتاج. وأرادوا من خلال هذه الشركة أن يعبروا بأعمال الشباب إلى مستوى الاحتراف مع مواضيع عميقة وسلسة في آن واحد. تفيد الأطفال وتسليهم في نفس الوقت.

العمل هو الأول لهم بعد أعمال «تجريبية» في تصميم أفلام كرتونية خاصة بأطفال مؤسسات رعائية. إذ قاموا بإنتاج أفلام خاصة لأطفال مياتم ومؤسسات تهتم بذوي الحاجات الخاصة واعتمدوا على أساليب مميزة لتقديم أفكارهم. ويقول الزيلع: «إن هذه الأفلام هي نتاج عمل دؤوب ودائم ودراسات مختلفة. إذ كل واحد منا استعان بخبراء في مجال التربية النفسية والاجتماعية لإنهاء هذه الأعمال». أما مسلسل «الصراصير»، فهو سيكون «قنبلة» أعمالهم بعد جهد بدأ منذ عام ولم ينته بعد، وهو لا يزال تحضر له الأفكار لتطويره وإضافة لمسات خاصة عليه. بعد أن استطاع هؤلاء أن يواكبوا الجديد في مجال عالم «الآني ميشن».

الصراصير هو مسلسل من 4 أجزاء من كتابة وسيناريو عزام حدا، الذي قدم عمله مجانا وبلا أي مقابل تشجيعا منه لدعم أفكار هذه المجموعة الشابة. كل جزء من المسلسل يحكي بطريقة خيالية عن حياة متزوج ينتقل إلى عالم الصراصير، الذين يقرفون منه لأنه بشري. وهذه حقيقة علمية تعرف إليها الشباب بعد بحث مطول عن الصراصير وطقوسهم وحياتهم، إذ دعموا عملهم ببحوث جدية لمقاربة الواقع الحقيقي للصراصير. فعالم «الحركة» وإنتاجها يحتاج إلى دراسة معمقة ومفصلة للشخصيات إن كانت حقيقية أو خيالية. لذا، كان المسلسل يعتمد على أسلوب علمي وخيالي لا يخلو من السخرية المتعمدة.

يؤكد طه زيلع أن الفكرة بدأت مع قراءته للقصة. وصار لا ينام وهو يفكر في تفاصيلها على بطريقة حركية، متخيلا كيف يمكن لإنسان أن يصبح ضيفا ملزما في عالم الصراصير. وهنا الحبكة الحقيقية في إنتاج المسلسل. إذ أسس الثلاثة معا «خلية نحل» لتنفيذ الفكرة. فبدأوا يحاولون تجريدها وتحويلها إلى عناصر مفككة لربطها بطريقة متآلفة مع عمر الأطفال وفهمهم. واعتمدوا تقنيات مختلفة بدءا من «ثلاثية الأبعاد» و«ثنائية الأبعاد». فعالم الواقع الآتي منه الشاب كمال هو «ثلاثي الأبعاد». أما انتقاله إلى عالم الصراصير، فهناك تتحول تفاصيل الرسوم المتحركة إلى «ثنائية الأبعاد» ويصبح الفصل بين عالم الواقع والخيال واضحا لدى الأطفال. وهناك يلتقي كمال بالصرصور البطل غضنفر، الذي سيكون محط إعجاب للأطفال الذين سيبهرون بـ«هضامته» وأسلوبه العفوي الذي يشبههم. ودور غضنفر هو أن يكون دليلا لكمال. والصدفة في العمل هو أن عالم الصراصير هو داخل بيت كمال الحقيقي. عمل يتفاءل به الشباب الثلاثة ويعولون على إنتاجه ليكون بداية لمشوارهم «الحقيقي» في عالم إنتاج الأفلام الكرتونية التي «يحتاج لها عالمنا العربي» كما تقول رولا. طموح يتوسع يوما بعد يوم وبجهد كبير مليء بشغف لا ينتهي. طموح يحاول هؤلاء أن يخلقوه على الرغم من كل ظروف الوضع العربي المتأزم ووضع لبنان السياسي، ليؤكدوا مجددا أن العرب يخلقون ويصنعون ولديهم القدرات الكافية ليكونوا روادا في كل المجالات.