الثورات العربية تضيء المهرجانات من «الخليج» إلى «الجزيرة»

سهرات خاصة في مهرجان «كان» تكريما للسينما المصرية والتونسية

TT

تحتفل المهرجانات العالمية بالثورات العربية، وأولها مهرجان «كان» الذي يعقد في 11 مايو (أيار)، حيث أعلن جيل جاكوب عن احتفالية خاصة للسينما المصرية في 19 مايو المقبل. كما أن السينما التونسية يقام لها في إطار «كان» أيضا سهرة تجمع بين الأفلام والعروض السينمائية التي واكبت «ثورة الياسمين».

ومع كل مهرجان عربي صار الترقب قائما لكل ما له علاقة بالثورة، فكيف تنعزل هذه المهرجانات عن الحدث العربي الأهم الذي ينادي بالحرية والعدالة الاجتماعية؟! في مهرجان «الخليج»، الذي أنهى دورته الرابعة قبل بضعة أيام، سيطرت الثورات العربية على ملامح المهرجان.. في مهرجان «الجزيرة» الذي بدأت دورته السابعة مساء الخميس، كانت البداية مع فيلم «التحرير وسط المدينة» إخراج كارولينا بوبولاني. يتعرض الفيلم التسجيلي للمواجهة بين أحد المتظاهرين وجنود الأمن المركزي، ينقل تفصيلا أشبه بموضة أشعلت الثورة عندما استخدمت قوات الأمن المركزي القوة الغليظة لفض الاعتصامات. إنها عين أجنبية رأت الثورة المصرية التي انطلقت من ميدان التحرير بوسط المدينة لتغمر مصر كلها، وتنطلق بعد ذلك إلى العديد من الدول العربية. بالتأكيد وكالعادة لا تغيب عن المشهد القضية الفلسطينية بكل ما تحمله من زخم فكري، وهكذا بعد فيلم الافتتاح عن الثورة المصرية، عرض مهرجان «الجزيرة» الفيلم الفرنسي «إسرائيل ضد إسرائيل» إخراج ترجي كارلسون.

ويقدم من خلاله المخرج وجهتي النظر داخل إسرائيل، من يقر بحق الفلسطينيين، ومن يرى أن الأرض الفلسطينية هي أرض الميعاد.. الفيلم ينحاز إلى حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة الآمنة.

شهد المهرجان نحو 200 فيلم تسجيلي تتسابق في أقسامه الثلاثة، القصيرة والمتوسطة والطويلة، وتعلن الجوائز الأحد القادم. وتبلغ جائزة الفيلم الطويل 50 ألف ريال قطري والمتوسط 40 ألفا والقصير 30 ألفا. وأنا رأيي الشخصي أن تباين القيمة المادية بين الأفلام الفائزة، تبعا للمساحة الزمنية، لا يعني سوى أننا نظلم المبدع.. كان قد تقدم للمسابقة أكثر من 1000 فيلم، حيث إن المهرجان لديه إطلالة على كل دول العالم مع خصوصية ملحوظة للعالم العربي في الوجود، سواء بالأفلام العربية أو الأفلام الأجنبية التي تتناول قضايا عربية.

في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، وهي التي تتجاوز 60 دقيقة.. من الصين مثلا فيلم «7 عائلات و7 سنوات» إخراج فاليري باليان. ومن كولومبيا «الأرض المغتصبة» إخراج ميجل سلازار. من السويد «اضغط.. قف.. العب»، يتناول الثورة الرقمية في العالم التي طرحت مفاهيم مختلفة في التعامل الفني. وعن فلسطين من بريطانيا فيلم «أطفال الثورة»، يتناول حكاية سيدتين من اليابان وألمانيا تنضمان للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل. ومن ألمانيا «أطفال الحجارة» إخراج روبت كريغ.

وليست السياسة فقط هي المسيطرة على المشهد، هناك السيرة الهلالية إخراج جيسي ساندرا وعبد المحسن أحمد، والفيلم سويسري الإنتاج.. إنه تراث ملحمي عربي سبق أن شاهدناه وتابعناه بأكثر من رواية، أشهرها ما قدمه الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي. ولا تسلم أميركا من رد سوري بفيلم من إخراج توماس فازي وانريكو بارنتي، الفيلم اسمه «الجيش الدائم»، وينتقد ويكشف عن القواعد الأميركية البالغ عددها 700 قاعدة منتشرة في 40 بلدا في العالم. كذلك من الممكن اعتبار أن فيلم «السلام في التشيك» تنويعة أخرى على فضح هذه القواعد الأميركية، حيث يفضح المخرجان التشيكيان توماس فازي وانريكو بارنتي مشروع بناء قاعدة عسكرية في بلدة تشيكية، وكيف تصدى الأهالي لتلك القاعدة.

الأفلام التي تتناول قضايا يعيشها العرب ودول العالم الثالث، وهي الغربة من خلال رصد تقوم به المخرجة يامينا بيغيغي في فيلم «ذكرى الأرض» وهو فيلم فرنسي، حيث تتناول معاناة هؤلاء في فرنسا.. وترى أيضا فيلما آخر فرنسيا وهو «المسلمون في فرنسا»، يتناول تاريخ الهجرات الإسلامية إلى فرنسا حتى تعيين ثلاث نساء مسلمات في الحكومة الفرنسية عام 2007، والفيلم فرنسي الإنتاج ومخرجه هو الموريتاني كريم مسكة.

السياسة حاضرة من خلال الممارسات القمعية التي كانت تمارس في بعض الدول العربية، والتي تخصصت في التعذيب. وهكذا يأتي فيلم «الأشباح» السويدي ليروي قصة ثلاثة معتقلين، كيف تعذبوا في المعتقلات المصرية والسورية، حيث إنه من المعروف أن التعذيب للحصول على الاعترافات هو أحد التخصصات التي تميز بها البلدان! ومن الأفلام «البوب والإسلام»، يتناول أول قناة موسيقية تقدم موسيقى البوب، وكيف لا يتعارض ذلك مع الإسلام للمخرج إسماعيل المقدم وهو مصري الجنسية.. يعقد المهرجان تحت شعار الحوار، والمقصود به أن تتفتح مشاعرنا وقلوبنا وعقولنا على الآخر.. وفي هذا الإطار تقام ندوتان رئيسيتان تتناولان الصحافة الاستقصائية والسينما وحقوق الإنسان.