الهند.. جبهة جديدة لهوليوود

ليس فقط أفلامها.. لكن طعامها وموسيقاها وملابسها وثقافتها

مشهد من فيلم «دارجيلنغ ليميتد» الذي أخرجه ويس أندرسون (أ.ب)
TT

الهند هي نكهة هوليوود، سواء كأماكن للتصوير أو حتى في قصص الأفلام. وعلى الرغم من بروز الهند بقوة في المجال التقني كعلامة في العالم أجمع خلال السنوات الأخيرة، سعى مخرجو الأفلام العالميون إلى الاستعانة بممثلين وفنيين هنود، بل وحتى القصص الهندية، في أفلامهم. وبفضل النجاح الذي حققه فيلم «المليونير المتشرد»، الذي أخرجه المخرج العالمي داني بويل، جذبت السينما الهندية اهتمام العالم. كانت الثقافة الهندية في السابق مولعة بالثقافة الغربية.. فالهند واحدة من الثقافات التي لم تستكشف، ولعل هذا هو ما يجعلها موضع فضول العالم. ومن ثم يسارع المنتجون إلى الاستعانة بروايات تقوم على الهند، لكنها في الوقت ذاته تتمتع بطابع دولي، كما هو الحال في أفلام المافيا والثقافة الأوروبية عندما أصبحت دولية؛ لأنها كانت روايات، وهو ما يحدث في الوقت الراهن مع الهند. ويشهد الوقت الحالي تصوير ثلاثة أفلام عالمية في الهند، وهناك الكثير الذي لا يزال في الطريق.

هذه العلاقة الودود بين هوليوود وبوليوود تتواصل بوجود مخرج فيلم «الحقول القاتلة» رولاند جيف، الذي يصور حاليا في الهند فيلما عن السفر عبر الزمن، بطولة نجمي بوليوود المحبوبين بيباشا باسو وجوش هارتنت، الذي ينتقل بين القرنين الـ18 خلال الاحتلال البريطاني للهند والقرن الـ21.

أما المخرج مايكل وينتربوتوم فقد اختار مدينة جايبور لتصوير رواية مقتبسة عن رواية توماس هاردي «تس أوف ذا دي أوربرفيلز»، بعنوان «تريشنا»، وقد أثار المشروع فضولا آنيا بشأن زواج الإدراك الغربي بالبيئة الهندية. وقد رشحت فريدا بينتو، التي تألقت في فيلم «المليونير المتشرد»، الذي حصد الكثير من جوائز الأوسكار، للعب دور البطولة في الفيلم.

سيلعب دور البطولة من الرجال الممثل والمغني ريز أحمد، الذي قام ببطولة فيلم وينتربوتوم «الطريق إلى غوانتانامو»، وفيلم إران كريفي «شيفتي» وفيلم كريس موريس «أربعة أسود»، وتتناول قصة «تريشنا» العلاقة بين ابن لمطور عقاري بريطاني ثري يأتي إلى راجستان في عطلة وابنة صاحبة عربة ريكشا.

في الوقت ذاته يقوم آنجي لي، المخرج الفائز بجائزة الأوسكار، بتصوير فيلم يعتمد على القصة الحاصلة على جائزة البوكر للقصة «حياة بي»، التي كتبها المؤلف الكندي يان مارتل والتي تدور أحداثها في مدينة بونديتشيري في الهند. وتتناول الرواية مأساة شاب هندي، كان الناجي الوحيد من تحطم سفينة. يتقاسم قارب نجاة لمدة 200 يوم مع ضبع وحمار وحشي رجله مكسورة وأنثى شمبانزي وشبل نمر بنغالي ملكي.

جدير بالذكر أن لي، أول آسيوي حاصل على جائزة أوسكار، قد قام بتصوير الكثير من الأفلام، كان من بينها: «إيت درينك مان وومن» (1994)، «سنس آند سنسابيليتي» (1995)، «النمر الرابض والتنين المتخفي» (2000)، «هالك» (2003)، «جبل بروكباك» (2005)، الذي نال عنه جائرة الأوسكار.

يبدو أن القائمة ستنتهي إلى هنا، أما الأفلام التي سيبدأ تصويرها الشهر المقبل أو خلال الفترة المقبلة فهي أفلام: «الأمل المفقود»، الذي خطط لبدء تصويره في الصيف المقبل، الذي يعتمد على الكتاب الهزلي الذي ألفه جيف ألبرت، والذي يجمع بين المغامرات والتشويق ويدور حول الصراع بين الخير والشر. وقد اعتمد على الأسطورة الهندية راميانا، وسينتجه مارلون باري، وسيخرج الفيلم راجيف فيراني.

وسيكون الفيلم الثاني «نهر الآلهة»، الذي بني على قصة كتبها إيان ماكدونالد، التي فازت بجائزة الخيال العلمي البريطاني عام 2004 والذي يتناول شكل الهند في المستقبل، وقد سادتها العادات القديمة والاستخبارات الصناعية والروبوتات وتكنولوجيا النانو.

كما سيصور أيضا في الوقت ذاته فيلم «العازب الأخير»، وهو كوميديا رومانسية، في راجستان وجوا. وستقوم بإنتاج الفيلم شركة «لوكس إنترتينمنت» في بريطانيا. على غرار فيلم جوليا روبرتس «إيت بارتي لاف»، الذي حقق 80 مليون دولار، الذي يتحدث عن كاتب يتمتع بعون روحي في الهند وفيلم «هيس» لجنيفر لينش، أبرز مثالين على ذلك.

يقول أميتاب باتشان، أسطورة السينما الهندية، في إشارة إلى السيناريو المتغير الذي وضع الهند على خارطة السينما العالمية: «الغرب بحاجة إلى ارتياد آفاق جديدة، والهند هي نكهة الأوقات، والجبهة الجديدة. وعندما تتقدم دولة اقتصاديا فكل ما فيها يسترعي الانتباه، من طعامها وموسيقاها وملابسها وثقافتها وسياستها وأفلامها. ومع انفتاح الاقتصاد ستتحقق فائدة عظيمة لكل ما هو هندي». وقد شهدت السنوات الأخيرة تحقيق الروايات التي تدور أحداثها في الهند نجاحا كبيرا في العالم بأسره، وقد أظهر صناع الأفلام الدوليون رغبة في ترجمة هذه القصص من الورق إلى الأفلام. وبفضل نجاح فيلم داني بويل «المليونير المتشرد» حظيت مومباي باهتمام عالمي بالغ. نجم السينما العالمية هاريسون فورد، الذي لعب بطولة فيلم «تدابير استثنائية» المقتبس من كتاب «العلاج» للمؤلف الهندي «غيتا أناند»، قال إنه انجذب إلى موضوع الشجاعة الشخصية. وأشار فورد إلى أنه يخطط للتعاون مع المنتجين مايكل شامبيرغ وستاسي في إنتاج فيلم جديد. وأشار إلى أنه عندما قرأ كتاب أناند «العلاج»، عرف كيف يمكن لرجل أن يجمع 100 مليون دولار وينشئ مؤسسة طبية في محاولة لإنقاذ أطفاله وقد تأثر بقصة جون كروالي وعائلته.

يعتمد الكتاب على مقال كتبه أناند في صحيفة «ذا جورنال»، عن رجل يساعد في تمويل بحث لعلاج مرض نادر في محاولة لعلاج أطفاله.

وقال فورد في بيان له: «أعتقد أن كتاب غيتا كان لديه شيء ليقوله بشأن الشجاعة الشخصية والمبادرة والحب الأبوي والقدرة على التغلب على الظروف الصعبة إلى حد بعيد».

وعلى الرغم من المحاولات المتقطعة لسينما هوليوود للارتباط بالهند في وقت مبكر - جيمس بوند عام 1983، الذي صورت أجزاء كبيرة منه في قصر مونسون في ولاية أودايبور - فإن هذه العلاقات توطدت خلال الآونة الأخيرة.

على الرغم من عدم تحقيق فيلم جنيفر لينش «هيس»، الذي يحكي قصة امرأة ثعبانة في الهند، والذي تدور أحداثه في غابات ولاية كيرالا، إيرادات مرتفعة في شباك التذكر الهندي، فإنه شارك في الكثير من المهرجانات العالمية كان من بينها مهرجان كان.

وفي عام 2007 تعرف المشاهدون الغربيون على لون هندي آخر في فيلم «دارجيلنغ ليميتد» الذي أخرجه ويس أندرسون، والذي يتناول مراحل رحلة «شوارتزمان»، على طريق الاكتشاف الروحي الذاتي.

من بين أحد أفضل الصادرات الهندية، عرفان خان (بطل فيلم المليونير المتشرد)، فيشهد أنه «بعد تسميته التقيت سيدة عجوزا في أميركا. وكان هناك عدد من المشاهدين يخبرونني أنهم كتبوا بشكل مستمر إلى والديهم بعد مشاهدة الفيلم، وبعد ذلك الفيلم كان هناك اهتمام متزايد في الهند، وقد تضاعف عبر (المليونير الفقير)».

ومع تزايد جذب المحتوى الخاص بالهند الذي يخلب لب هوليوود، ومع بروز الهند كمكان للتصوير، ربما يكون إيستورد هو الرجل الجديد.

ومن المتوقع أن يبدأ نجم بوليوود شاه روخ خان وبطل فيلم «تيتانيك» ليوناردو دي كابريو فيلمهما القادم الذي سيحمل عنوان «المدينة القصوى»، وسيضم كلا النجمين في دور البطولة. وقد أنتج الفيلم واحد من أشهر منتجي هوليوود هو مايكل سكورسيزي، وسيخرجه بول سكارديرن، وستصور أحداثه بالكامل في الهند.

من ناحية أخرى، جذبت رواية «أبناء منتصف الليل»، الفائرة بجائزة بوكر، للكاتب سلمان رشدي، التي تتناول أحداث ووقائع ما قبل وبعد تقسيم الهند، المخرجة ديبا مهتا، لتصويرها في كشمير وسريلانكا، على الرغم من تجربتها السيئة مع المتشددين الهندوس الذين أجبروها على التراجع عن التصوير في مياه مدينة فاراناسي المقدسة قبل عشر سنوات، لكنها أنهت تصوير الفيلم وتم اختيار الفيلم لتمثيل كندا في حفل جوائز الأوسكار.

ووردت تقارير تفيد بأن داني بويل سيقوم بإنتاج فيلم آخر تدور أحداثه في الهند وبناء على قصة سوكيتو مهتا «المدينة القصوى»، التي تصور مومباي بكل قصورها ومجدها. كما يتوقع أن يصور فيلم توم كروز الجزء الرابع من فيلم «مهمة مستحيلة» في راجستان.

وكما هو الحال في كل شيء يسير اقتصاد السينما أيضا، فالهند تعتبر أرخص في جانب التصوير، وتكلفة الإنتاج في هذا الجانب من العالم لا تقارن بمثيلاتها في الولايات المتحدة.