رحيل ماري فرانس بيزييه.. سيدة الأدوار الثانوية في السينما الفرنسية

عملت مع رواد الموجة الجديدة وكانت فنانة مثقفة وملتزمة بقضايا عصرها

TT

أعلنت بلدية سان سير سور مير، على الساحل الجنوبي الشرقي لفرنسا، عن وفاة مواطنتها ماري فرانس بيزييه، الممثلة الشهيرة التي كانت بطلة ذات حضور لا يضاهى طوال السنوات الخمسين الأخيرة من عمر السينما الفرنسية. وكان زوج الراحلة قد اكتشف جثتها طافية فوق مياه مسبح بيتهما، في ساعة مبكرة من صباح أمس. ونعى الرئيس نيكولا ساركوزي الممثلة بالقول إنها كانت تمثل «منتهى الأناقة من البساطة القصوى. وتم فتح تحقيق في سبب الوفاة، مع استبعاد شبهات جنائية».

بيزييه (66 عاما)، لم تعرف بأدوار البطولة إلا في الأفلام التلفزيونية. لكنها كانت سيدة الأدوار الثانوية، بشعرها الأسود وأنوثتها الطاغية، إذ امتلكت موهبة تحويل أي دور صغير إلى بطولة في الموضع المحدود المخصص لها.

لم تبدأ ماري فرانس بيزييه، عام 1961، مع أي شخص، بل كان ظهورها الأول على الشاشة الكبيرة مع المخرج فرانسوا تروفو، أحد رواد الموجة الجديدة في السينما. لقد رآها في صورة عائلية التقطت لها في أحد شوارع مدينة نيس، ولفتت انتباهه فسأل عنها، وقيل له إنها ممثلة هاوية، وكان هو يبحث عن مراهقة تؤدي دورا في فيلم «أنطوان وكوليت»، فأعطاها الدور.

منذ ذلك التاريخ تحولت بيزييه إلى ملهمة المخرجين الطليعيين في الأفلام التي تندرج تحت تسمية «سينما المؤلف». ومثلت مع سينمائيين «مثقفين»، من أمثال ألان روب غرييه وجاك ريفيت وأندريه تشينيه. وبفضل هذا الأخير نالت، مرتين، جائزة «سيزار» السينمائية الفرنسية المرموقة لأفضل دور ثانوي نسائي، في عام 1976 عن فيلم «ذكريات من فرنسا»، وفي عام 1977 عن «باروكو». وبفضل موقعها المميز أصبحت ماري فرانس بيزييه نموذجا للفنانة الملتزمة بقضايا عصرها، لكن التزامها لم يمنعها من أداء أدوار في أفلام لاقت صدى شعبيا كبيرا، مثل دورها أمام جان بول بلموندو في «أول الأوائل» عام 1982، كما أدت دور منتجة انتهازية في فيلم «ثمن المخاطرة». وفي تسعينات القرن الماضي، وعلى الرغم من تقدمها في السن، نسبيا، حصلت بيزييه على أجمل أدوارها السينمائية، حين أدت دور سيدة برجوازية عقيم في «ماريون ومانويل بوارييه»، أو دور الكاتبة المسترجلة، جورج صاند، في «العلامة الزرقاء».

جربت الراحلة الإخراج، إلى جانب التمثيل. وأخرجت فيلمين عن قصتين عائليتين من تأليفها؛ الأول بعنوان «حفلة رقص الحاكم»، الذي استلهمت أحداثه من الطفولة في جزيرة كاليدونيا الجديدة، والثاني بعنوان «مثل طائرة» المستوحى من وفاة والديها. وعلى الرغم من مرضها الخبيث، فقد كانت لديها، في سنواتها الأخيرة، الجرأة لقبول أدوار في أفلام يخرجها شباب مبتدئون، وكان آخر أدوارها عام 2006 في فيلم «في باريس»، حيث بقيت مخلصة للأدوار الثانوية التي كرستها نجمة.