معركة شعرية على «فن الواو» تنتظر الحسم في ساحة القضاء

شاعر مصري يتهم الجخ بسرقة 35 مربعا من شعره ونسبها لنفسه

هشام الجخ
TT

دخل فن «الواو»، أو فن المربعات الشعرية، حلقة أخرى من البلطجة الأدبية. فهذا الفن الذي برز على نحو خاص لدى شاعر العامية المصرية الشهير ابن عروس، المثير للجدل حول حقيقة نسبه ومولده بقرية بمحافظة قنا في عام 1780 من القرن الماضي، لا يزال يغري اللصوص وقطاع الطرق من الشعراء، خاصة بعد أن أحيا الشاعر الصعيدي عبد الستار سليم هذا الفن، وضخ في شرايينه دماء ورؤى فنية جديدة، توجها في ديوان بعنوان «واو عبد الستار سليم»، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في عام 1995.

لكن سلاسة هذا الفن وطراوته الشفاهية أغرت شاعرا شابا يدعى هشام الجخ، طفا على السطح مع أجواء ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، فقام بالسطو على «واوات» عبد الستار سليم ونسبها إلى نفسه، وألقاها - بهذه الصفة - على الجماهير في الكثير من الأمسيات الشعرية.

لكن بعد انفضاح الأمر في الأوساط الشعرية، لم يجد الجخ بدا من الاعتراف بسرقته في ندوة شعرية أقيمت له مؤخرا بقنا ردا على الاتهامات التي وجهها إليه الشاعر عبد الستار سليم بسرقة 35 مربعا من أبياته الشعرية والتي صدرت في الكتاب السالف الذكر، قائلا «أنا أعترف بأنني أخطأت عندما استخدمت مربعات واو للشاعر عبد الستار سليم من دون أن أشير إلى مصدرها الأساسي، لكني لم أكن أعلم في البداية أنها له، كما أنني أخذت مربعين فقط وليس 35 كما يتردد». وأشار الجخ إلى أنه تقدم باعتذار لعبد الستار سليم، إلا أن سليم لم يقبل الاعتذار.. «لكنني سوف أعتذر له مرة وألفا إلى أن يقبل اعتذاري».

ومن جهته، قال الشاعر عبد الستار سليم المجني في حقه، لـ«الشرق الأوسط»: «حزنت كثيرا عندما أخبرني أصدقائي بأن هشام الجخ يستغل أشعاري وينسبها لنفسه، لأن هذه السرقة لم تحدث لأول مرة، بل حدثت منذ سنوات، وكان بطلها المطرب مصطفى كامل، وما زالت القضية في المحاكم حتى الآن. لكن أشد ما يؤلمني أن تصل السرقة إلى قطاع المثقفين والشعراء».

وأضاف سليم أن «هذه الأشعار قام بإلقائها هشام الجخ في حفلاته بساقية الصاوي، وبجامعات مصرية وقنوات فضائية عربية، وإنه ملزم حاليا أيضا بالاعتذار في القنوات ذاتها لجمهوره الذي وثق فيه أولا، ولإبداعي ثانيا الذي قام بإلقاء مقاطع منه خاصة في برنامج (العاشرة مساء) الذي يشاهده جمهور عريض. وإليك بعض المربعات التي يلقيها هشام الجخ على جمهوره على أنها من تأليفه:

* ماشية البنية بخلخال - تخطر كما فرع مايل

* عشق الصبايا يا بو الخال - عامل في قلبي عمايل..

* (المربع الثالث في صفحة 14)

* في المبتدا أذكر الله - هو خالقنا وناشينا

* وعاطينا شمسه وضلاه - رازق راكبنا وماشينا

* (المربع الثاني في صفحة 43)».

وروى سليم أنه أصدر بيانا صحافيا وزعه على المثقفين والإعلاميين والنقاد قال فيه «يا أيها الملأ أفتوني في أمري، فهل عدنا إلى زمن النهب والسلب (عيني عينك) في كل مناحي الحياة، حتى الأدب؟! وهل اختلط الحابل بالنابل، من دون رقيب ولا حسيب؟».

وتساءل «ماذا نفعل والتاريخ يعيد نفسه، وبشكل سافر، حتى بعد أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير، لتقضي على الفساد والمفسدين؟ فهذا واحد ممن يدعون أنهم شعراء هذه الثورة، وقد رزقه الله شهرة مفاجئة من المحتمل أن تكون أفقدته صوابه، وإلا فكيف يكون شاعرا ثوريا، وفى الوقت ذاته يقوم بالاعتداء على ملكية الآخرين دون (إحم ولا دستور)؟.. هل هذه هي الأخلاق الثورية؟!».

وسخر سليم من مانشيتات بعض الصحف التي روجت للجخ من مثل «هشام الجخ.. هويس الشعر العربي»، وتساءل سليم معقبا «لا تؤاخذوني إذا ما تملكتنا الحيرة من أمرنا، هل نضحك أم نبكى لهذا التوصيف الجديد لشعراء الشعر العربي؟!». لكن المفارقة التي يخشاها سليم هي أن قصائده التي سبق نشرها في شتى وسائل النشر، كما أنشدها في أكثر من محفل، تشكل مشكلة ما مستقبلا، وعلى حد قوله «فربما عندما ألقي أشعاري – في ما بعد - أفاجأ بمن يقول لي: إن هذه الأشعار هي ليست لك، بل هي لـ(الجخ)، لأننا سمعناها منه لا منك، أو أن (الجخ) ذاته قد تسول له نفسه (بفعل الشهرة المفاجئة) ويستمر في ادعاءاته بأن هذه الأشعار هي له، وأنني أنا الذي سرقتها!».

وبأسى يتابع سليم «السؤال الآن هو إذا كان (الجخ) قد فعل كل ما فعل، على مرأى ومسمع من كل الناس، فلماذا إذن لم يتصد له فورا أحد من الأدباء أو الشعراء، أو حتى من محبي الأدب الغيورين على الحق، والحريصين على أصول وتقاليد هذا البلد الطيب؟!».

ورغم هذا ذكر سليم أن عددا من أصدقائه الشعراء أقلقهم هذا التصرف المشين، فور مشاهدتهم حفل جامعة العريش، (أذاعته قناة «المحور»)، حيث أنشد الجخ كثيرا من المربعات التي يحفظونها له، فاتصلوا بسليم ليعبروا له عن استيائهم الشديد مما يحدث.

ويؤكد سليم أنه «إذا كان الجخ لا يخجل من نفسه، بل يراهن على ضعف ذاكرة الجمهور، فإنني أقول له إن الجمهور لا ينسى، وأيضا لا يغفر»، لافتا إلى أن «فن الواو» مطروح منذ أكثر من ربع قرن من الزمان في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.. «وهذا الفن - الآن - يستحوذ على اهتمام كثير من الشباب، والكبار معا، من المهتمين بالشعر، والأدب عموما وللتأكيد أقول إن برنامج (صباح الخير يا مصر) كان قد قدم - مؤخرا - ضمن فقراته (خلال الأشهر القليلة الماضية) الكثير حول هذا الفن، وقد شرفت بإعداد وتقديم هذه الفقرات أنا والشاعر صفوت البططي. والآن الأمر مطروح أمام الرأي العام، وأمام المثقفين، والنقاد، وأمام جمهور (هشام الجخ) - على وجه الخصوص». وأكد سليم رفضه محاولات الصلح مع هشام الجخ، قائلا «إن القضاء هو الذي سوف يحكم بيننا».

والمعروف أن فن الواو أو المربع يتكون من أربعة شطرات شعرية مكتوبة أفقيا، تتفق فيها قافية الشطر الأول مع قافية الشطر الثالث وقافية الشطر الثاني مع الرابع، وتكون نهاية كل شطرين متفقتين في القافية وفي شكل كتابة الكلمات.