مركز أبحاث هندي يطور منتجات غذائية من حليب الإبل

منها كريم لإزالة التجاعيد وآيس كريم وزبادي وأجبان

وجد باحثون ان تناول حليب الإبل يقلل من جرعة الانسولين اللازم لمرضى السكري للحفاظ على نسبة السكر في الدم على المدى الطويل («الشرق الاوسط»)
TT

إلى كل من يحلمون ببشرة خالية من التجاعيد، قد يصبح حليب الإبل من أحدث أسرار الإبل التي تم اكتشافها. فقد توصل فريق من الباحثين الهنود، الذين كان لهم فضل إنتاج آيس كريم بحليب الإبل، إلى كريم لمقاومة التجاعيد وإضفاء التألق على البشرة من حليب الإبل. فقد أجرى العلماء في المركز الهندي القومي للأبحاث الخاصة بالإبل في مدينة بيكانير في ولاية راجستان الواقعة غرب الهند أبحاثا عن هذا الكريم الذين يقولون إن نتائجه جاءت «إيجابية». ويقول إم إس ساهاني، مدير المركز: «لقد اكتشفنا من خلال بحثنا أن لحليب الإبل خصائص يمكن استغلالها لصناعة كريم مقاوم للتجاعيد، ولم تظهر أي آثار جانبية لهذا الكريم حتى هذه اللحظة، على الرغم من عدم إجراء المرحلة الأخيرة من التجارب». وتم تجربة الكريم على عدد من الناس واكتشف الباحثون أنه لا يساعد فقط في الحد من ظهور التجاعيد، بل يساعد أيضا على تألق البشرة، على حد قول ساهاني.

وبحسب العلماء، يحتوي حليب الإبل على الكالسيوم وفيتامين «ج» ومضادات للأكسدة وكذلك ستة أنواع من الأحماض الدهنية، منها حمض زيت الكتان الذي له قدرة على الحد من ظهور التجاعيد وتحسين درجة لون البشرة. ويتلقى المركز استفسارات من علماء وشركات مستحضرات تجميل من مختلف أنحاء العالم. ويقول ساهاني: «لقد أبدى علماء من الولايات المتحدة ودبي وأستراليا وعمان اهتماما بالكريم. لكن لن يتم إنتاج الكريم تجاريا إلا بعد الانتهاء من التجارب المعملية والاختبارات».

ولدى المركز قطيع من 270 جملا من أجل المشاريع البحثية. وأجرى المركز بحثا تطبيقيا أساسيا لتحسين وضع الجمل الذي يطلق عليه «سفينة الصحراء» ويعد من أهم الحيوانات بالنسبة للهنود. وقد طور المركز تكنولوجيا لإنتاج منتجات ألبان لها شعبية مثل الآيس كريم والحليب ذي النكهات المختلفة والقهوة والشاي باستخدام حليب الإبل. وهناك طلب كبير على هذه المنتجات التي يتم بيعها من خلال منافذ بيع في محيط المركز. وبدأت بعض الشركات المصنعة لمنتجات الألبان في إنتاج مثل هذه المنتجات. وهناك محاولات لتطوير تقنيات تساعد على إنتاج خثارة الحليب والجبن من حليب الإبل. وقد عمل المركز لسنوات على إنشاء المعامل وتنمية البنية التحتية. وقال الباحثون في المركز إنهم واجهوا مشكلات كثيرة في المرحلة الأولى من التجارب على هذا الكريم، مثل كيفية التأكد من أنه مناسب، على المدى الطويل، ورائحته جيدة ولا يتسبب في نمو فطريات. وقال ساهاني: «لقد اكتشفنا أن لبن الإبل يتسبب في نمو فطريات خلال فترة تتراوح من 3 إلى 10 أيام، لذا قررنا استخدام مواد حافظة معينة. وحتى نجعل للكريم رائحة مقبولة، استخدمنا عددا من العطور المختلفة»، مشيرا إلى أن الكريم سيعرض في الأسواق قريبا. ويبيع المركز بالفعل حليب الإبل الطازج والآيس كريم. وكذلك يصنع الزبادي والجبن من حليب الإبل.

على الجانب الآخر، لاحظ مركز بيكانير لأبحاث مرض السكري تأثير حليب الإبل على الفئة الأولى من مرض السكري. ووجد الباحثون أن تناول حليب الإبل قلل من جرعة الأنسولين اللازمة للحفاظ على نسبة السكر في الدم على المدى الطويل.

وقال الدكتور آر بي أغاروال، رئيس فريق الباحثين لـ«الشرق الأوسط»، إن 500 مللي من حليب الإبل الطازج يوميا تجعل حياة مرضى السكري أفضل، بسبب الامتصاص السريع للبروتين الذي يشبه الأنسولين وعدم تخثره. وقال أغاروال، الذي يعمل في مجال الأبحاث على مدى السبعة أعوام الماضية، وأجرى بحثا مشتركا مع المجلس الهندي للأبحاث الطبية، إن سكان ولاية راجستان الذين يتناولون حليب الإبل لم يعانوا يوما من مرض السكري. وحتى هذه اللحظة يتناول 200 شخص يعانون من هذا المرض حليب الإبل يوميا واعتادوا عليه إلى حد كبير، لأنهم أصبحوا يحتاجون إلى كميات أقل من العقاقير التي تعمل على خفض نسبة السكر في الدم.

وتحاول ولاية راجستان، التي تضم 80 في المائة من الإبل في الهند، معالجة مشكلة انخفاض عدد الإبل. فبحسب مسح أجري عام 1997، بلغ عدد الإبل في ولاية راجستان 700 ألف، لكنه تراجع بنسبة 23 في المائة منذ عام 1997 إلى 2003. ثم تراجع مرة أخرى بنسبة 18 في المائة بحلول عام 2007.

الجدير بالذكر أن آخر مسح أجري في هذا الشأن كان عام 2007. ويعتقد بعض سكان الولاية أن أهم ما يجب عمله هو الترويج لحليب الإبل. ويقول ساهاني: «ينبغي أن يتم التعامل مع الجمل كحيوان يدر حليبا كما يعتبر حيوانا يستخدم كوسيلة انتقال». لكن مع الأسف لا يتم إنتاج حليب الإبل بكثرة في الهند، التي تعد من أكثر الدول المنتجة للألبان في العالم. فهو لا يعرض في السوبر ماركت أو المراكز التجارية، كما يحدث في دبي على سبيل المثال. ويرى الخبراء أن هذا أمر مثير للأسى، لأن حليب الإبل مغذ وأسهل في الهضم من حليب الأبقار، ويمكن أن يتناوله من لا يحبون اللاكتوز. وكذلك حليب الإبل غني بفيتامين «ج» والنحاس والزنك والحديد والكريين المناعي ولا يحتوي على كمية كبيرة من الأحماض الدهنية غير المشبعة.

ويعمل المركز الهندي القومي للأبحاث الخاصة بالإبل مع مركز بهابها للأبحاث النووية في مومباي لتقييم فاعلية حليب الإبل في علاج أمراض مثل السل وسرطان الغدة الدرقية. ويتعاون المركز أيضا مع كلية الطب في بيكانير لإنتاج ترياق لسم الثعبان. ويركز المركز القومي على زيادة إنتاجية الإبل للحليب، حتى تلبي احتياجات السوق، نظرا لفوائد حليب الإبل العلاجية. كذلك يعمل المركز على تطوير استخدام الإبل كوسيلة انتقال وللارتواء في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. وتروج منظمة «لوكيت باشو بالاك سانستان» غير الحكومية في راجستان للآيس الكريم المنتج من حليب الإبل دون أن يكون له علامة تجارية. ولهذا النوع من الآيس كريم نكهتان هما الفراولة والفانيليا. ويقول المتحدث باسم المنظمة: «نحن نسوق الآيس كريم في ولاية راجستان، وهناك مفاوضات على تسويقه في مدن هندية أخرى».

وقد نشرت المنظمة دفاتر وبطاقات تهنئة من ورق مصنوع يدويا من روث الإبل. وتنتج المنظمة بالتعاون مع إحدى الجمعيات التعاونية قبعات وأوشحة مصنوعة من وبر الإبل الناعم والحرير. يمكن أن يمثل كل ذلك بداية رحلة جديدة لسفينة الصحراء، إذا أراد المستهلكون القيام بدور.